كان ابن تيمية مثل ما هم أتباعه اليوم من أشد المعارضين والمؤلبين والرادين لحديث الطائر المشوي بجميع طرقه وكل تفصيلاته، وكتاب (منهاج السنة النبوية) مشحون بالطعن بهذا الحديث الشريف، وفيما يأتي جملة من كلماته وأقواله المتعصبة.

ألف: زعمه ان الحديث لم يروه احد من أصحاب الصحيح ولا صححه أئمة الحديث

قال ابن تيمية: (فإن حديث الطير لم يروه أحد من أصحاب الصحيح ولا صححه أئمة الحديث ولكن هو مما رواه بعض الناس كما رووا أمثاله في فضل غير علي بل قد روي في فضائل معاوية أحاديث كثيرة وصنف في ذلك مصنفات وأهل العلم بالحديث لا يصححون لا هذا ولا هذا)([822]).

أقول ويرد على كلام هذا المتعصب العنيد عدة أمور منها:

أولا: قوله (فإن حديث الطير لم يروه أحد من أصحاب الصحيح) لا يقدح في حديث الطائر المشوي مطلقا، فقد سبق وبينا بان أصحاب الصحيح ــ البخاري ومسلم ــ لم يخرجا جميع الأحاديث النبوية الصحيحة في كتابيهما، وما تركاه من الصحيح أعظم وأكثر مما ذكراه، فمحاولته لاستغلال كتاب الصحيحين محاولة فاشلة.

ولو كان كلام ابن تيمية صحيحا لوجب عليه أن يحكم على جميع الأحاديث التي لم تذكر في الصحيحين بالوضع والكذب كي لا تبقى لأحاديث أهل السنة باقية، ولينسف المذاهب الأربعة نسفا.

إضافة إلى أن ثلاثة أرباع فضائل كل من أبي بكر وعمر وعثمان وعائشة وطلحة والزبير قد ذكرت في غير الصحيحين فيجب عليه تضعيفها أيضا والحكم عليها بالكذب والاختلاق.

ثانيا: وقوله: (ولا صححه أئمة الحديث ولكن هو مما رواه بعض الناس) وهذا الاعتراض اكذب وأفحش من سابقه، فقد صححه كما عرفنا كل من الحاكم النيسابوري، والعلائي، وتابعهم بدر الدين

[822] منهاج السنة النبوية لابن تيمية ج7 ص371.