ولأن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم بلغ من الكمال
منتهاه، صار أهلا لان يأمر الخالق سبحانه وتعالى جميع المؤمنين بالسير على خطاه والتأسي
به، قال سبحانه وتعالى: ((لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ
حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ
كَثِيرًا))([15]).
والأمر بالتأسي عام يشمل كل فعل من أفعاله صلى الله عليه
وآله وسلم وأقواله، في مجال الأحكام وتبيان الشريعة وفي غيرها.
وهذا الكمال والرفعة والتربية الإلهية هي التي جعلت من النبي
صلى الله عليه وآله وسلم طريقا موصلا لمحبة الله سبحانه، قال تعالى: ((قُلْ إِنْ
كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ
لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ))([16]).
والأمر بالاتباع
في هاتين الآيتين كما لا يخفى مطلق يشمل اتباع النبي صلى الله عليه وآله وسلم بكل
جزء من جزئيات الحياة، هذا لمن يريد ان يكون محبا لله سبحانه وتعالى أما من لا
يريد أن يصل إلى هذه الثمرة فهذا شأنه.
ولان النبي
الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم بلغ من صفات الكمال أعلاها وأرقاها وبعد أن صنع
على عين الله ورعايته وبعد أن أدبه ربه فأحسن تأديبه، فقد وصل إلى مرتبة ((وَمَا
يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى))([18]).
فصار صلى
الله عليه وآله وسلم خلقه إلهيا ومنطقه إلهيا وتفكيره إلهيا، فكيف لا يقتدى به
ويسار على أثره.