نام کتاب : تكسير الأصنام بين تصريح النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتعتيم البخاري نویسنده : السيد نبيل الحسني جلد : 1 صفحه : 67
وهو
ابن ستمائة سنة، وغرق من غرق ومكث بعد ذلك ثلاثمائة وخمسين سنة.
فعلا
الطوفان وطبق الأرض كلها، وكان بين آدم ونوح ألفا سنة ومائتا سنة، فأهبط (ماء
الطوفان) هذه الأصنام من (جبل) نوذ إلى الأرض، وجعل الماء يشتدّ جريه وعبابه من
أرض إلى أرض حتى قذفها إلى أرض جدة، ثم نضب الماء وبقيت على الشطّ، فسفت الريح
عليها حتى وارتها) ([148]).
فهذه
الأسطورة تكشف عن أن أولاد قابيل ألجأتهم الحاجة إلى (الرمز) كي يدوروا حوله كما
يفعل أبناء شيث فصنعوا لهم تمثالاً.
ثم تتحدث
الأسطورة عن أن قوم قابيل كان فيهم خمسة رجال صالحين ماتوا في شهر واحد فجزع عليهم
ذووهم مما دعاهم إلى صناعة تماثيل لهم لتكون رموزاً يأتون إليها.
ليتعاظم
الأمر فيما بعد على النحو الذي سرى في مكة وغيرها حتى هيمن عليها.
ثالثاً:
الرمزية في ديانة الصابئة
إنّ من
الخصائص التي اختصت بها أرض مكة هي أنها شهدت مجموعة من الديانات السماوية، فضلاً
عن تلك المعتقدات التي مر ذكرها، ومنذ اللحظة الأولى لهبوط الإسلام على ارض مكة
(كان للنبي صلى الله عليه وآله وسلم من المتدينين المتواجدين في المنطقة ــ سواء
الحنفاء أم المنتمون إلى الشرائع السماوية السابقة مواقف متميزة ــ فهم على
ماكانوا عليه من جهل وانحراف ــ قد كانوا أقرب إلى ما جاء به الإسلام من سائر
العرب المشركين، فهم يجتمعون مع هذا الدين الجديد على بعض الخطوط، ويتفقون معه في
بعض الألفاظ، ويشتركون معا في بعض المفاهيم، ويلتقون عند بعض النقاط الغيبية، ولقد
كانت على أيدي أنبياء الله المرسلين عليهم السلام بذور الدين منتشرة هنا وهناك،
وهم بقايا جهودهم عليهم السلام.
والملتزمون
بالأديان السابقة كانوا على مستويات مختلفة، ولهم إمكانات متفاوتة، ومتطلعات
متغايرة، فالحنيفية الإبراهيمية أقلها عدداً وشوكة، واليهودية أشدها تزمتا
وتقوقعاً، والمسيحية أكثرها عددا وانفلاتا.