نام کتاب : تكسير الأصنام بين تصريح النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتعتيم البخاري نویسنده : السيد نبيل الحسني جلد : 1 صفحه : 30
في صدغيه الشيب وجاءكم بما جاءكم قلتم ساحر، ولا والله
ما هو بساحر، قد رأينا السحرة ونفثهم وعقدهم، وقلتم كاهن، ولا والله ما هو بكاهن،
وقد رأينا الكهنة وحالهم، وسمعنا سجعهم، وقلتم شاعر، ولا والله ما هو بشاعر ولقد
روينا الشعر وسمعنا أصنافه كلها، هزجه ورجزه وقريضه، وقلتم مجنون، ولا والله ما هو
مجنون، ولقد رأينا الجنون، فما هو بخنقه، ولا وسوسته، ولا تخليطه، يا معشر قريش،
انظروا في شأنكم، فإنه والله قد نزل بكم أمر عظيم.
وكان النضر
من شياطين قريش وممن كان يؤذي رسول الله صلى الله عليه ــ وآله ــ وسلم وينصب له
العدواة، وكان قد قدم الحيرة وتعلم بها أحاديث ما لفارس، وأحاديث رستم واسفندياذ،
وكان رسول الله صلى الله عليه ــ وآله ــ وسلم إذا جلس مجلسا يذكّر فيه بالله ويحذّر
قومه ما أصاب من قبلهم من الأمم من نقمة الله؛ خلفه في مجلسه إذا قام، ثم يقول:
أنا والله يا معشر قريش أحسن حديثا منه، فهلموا فأنا أحدثكم أحسن من حديثه، ثم
يحدثهم عن ملوك فارس ورستم واسفيدياذ ثم يقول بماذا محمد أحسن حديثا مني)([61]).
والرواية تدل على جملة من الأمور، منها:
1 ــ إن
المجتمع المكي كان على اطلاع بثقافة البلاد المجاورة ولاسيما إمبراطورية فارس، وإن
هذا الفكر الوافد له آثاره السلبية على المجتمع المكي.
2 ــ إن
هذه الرواية تعزز الاعتقاد بأن هؤلاء الطواغيت كانوا يشجعون على بذل ثقافة التكهن،
كي يلتبس الأمر على الناس في التمييز بين ما يحدّث به النبي صلى الله عليه وآله
وسلم وبين حديث الكهنة.
3 ــ تدل الرواية على إعجاز القرآن في تحديده لجميع هذه
الأنماط الفكرية والعقائدية، وإن هذا القرآن أبين في الدلالة والحجة من هذه
الدعوات والأنماط الفكرية والمعتقدات.
4 ــ أن كثيراً من المعتقدات الفارسية كانت قد انتقلت
إلى الجزيرة العربية، وذلك؛ بسبب هذه الأحاديث التي يرويها النضر بن الحارث أو
غيره.