نام کتاب : تكسير الأصنام بين تصريح النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتعتيم البخاري نویسنده : السيد نبيل الحسني جلد : 1 صفحه : 26
إلا أن أغلب مظاهر القرابين كادت تكون في
العبادة الوثنية دون غيرها؛ إذ تعد (تجربة متقدمة تقول باستمالة هذه الأرواح
الشهيرة عن طريق تقديم الذبائح لها؛ فتكون هذه الأرواح كالإله الغاضب الذي يسترضيه
الشعب بتقديم ذبيحة له)([49]).
في حين
انفردت خزاعة من بين القبائل العربية بعبادتها للجن (وتصورها كائنات غيبية
ومخلوقات غربية تقدم لها القرابين)([50]).
وعادت تكون هذه الأضاحي من الجمال بوصفها حيواناً ملاصقاً
للحياة في الجزيرة العربية، ثم يأتي من بعده الضأن.
أما تقديم الأضاحي البشرية في
المعتقدات العربية فلم يلقَ نمواً عقائدياً واجتماعياً، ولعل الأمر يعود إلى
احتياج العشائر والقبائل العربية إلى العنصر الذكوري في تكوينها وبنائها الاجتماعي؛
لما يشكله الرجل من قوة داعمة وساندة لأبناء عشيرته. ولعل تقديم عبد المطلب رحمه
الله ولده عبد الله للبيت الحرام هو الشاهد الوحيد على الأضاحي البشرية في مكة التي
شهدت من قبل حالة مشابهة عند قيام إبراهيم الخليل عليه السلام بتقديم أضحيته
البشرية لبيت الله الحرام حينما وضع السكين على عنق ولده إسماعيل عليه السلام.
ليكون بذلك
النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم (ابن الذبيحين) نبي الله إسماعيل عليه
السلام وأبيه عبد الله، وليفدى كل منهما بذبح عظيم فإسماعيل فداه الله بكبش من
الجنة وعبد الله فداه عبد المطلب بعد القرعة بمائة رأس من الإبل.
المسألة
الثانية: الأسباب والدواعي لتكون المعتقدات العربية قبل الإسلام
أولاً:
دوران الإنسان بين جلب المنفعة ودفع المضرة
حينما نأتي
لدراسة المعتقدات العربية قبل الإسلام ونبحث في الأسباب والدواعي لا نداها تعدو عن
كونها حالة من المعتقدات العالمية لدى الأمم والشعوب تقوم على مبدأين، وهما: جلب
المنفعة ودفع الضرر، فضلاً عن الحاجة لدى الإنسان بالاعتقاد بشيء ما سواء كان ذلك
ينم عن وعي معرفي، وآلية تفكيرية سليمة، وفهم وقاد؛ أم هو عن جهل موروث وعادات
استقبلها الأبناء دون أن يعيها الآباء.