فهذه
الحادثة، كشفت عن عدة أمور ارتبطت بحركة علم السيرة النبوية وتطوره خلال العصر
الأموي وهي كالآتي:
1 ــ تدخل
البلاط الأموي في رواية السيرة النبوية وكتابتها التي عرفت في بادئ الأمر
بـ(المغازي والسير).
2 ــ بسبب
هذه السياسة الأموية تم إخفاء كثير من الحوادث والمواقف والأدوار وتغييرها في حياة
النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم وما ارتبط به من حياة الصحابة ولاسيما بني
هاشم والأنصار.
3 ــ تأثر
ابن شهاب الزهري بهذه السياسة من حيث استجابته لإخفاء جوانب كثيرة من السيرة
النبوية والتي انحصرت بدور بني هاشم في تكون فصول هذه السيرة، أي أننا لم نحصل
اليوم على سيرة كاملة عن
حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، بل إنها سيرة مخلوطة وتحتوي على كثير من
الصور غير الحقيقية ــ والتي يطول شرحها ــ ولاسيما حقيقة سرية الدعوة النبوية([435]).
4 ــ إن
هذا النهج الذي انتهجه ابن شهاب الزهري في التعامل مع السيرة النبوية؛ فجعلها بين
المطرقة والسندان بين إرضاء بني أمية وعدم الاستجابة لهم، انعكس على شخصية ابن
شهاب مما جعل البعض يصنفه في قائمة أعداء أهل البيت عليهم السلام، والبعض الآخر
أعاب عليه مكوثه في البلاط الأموي، والآخر ركز على دوره العلمي في المدينة)([436]).
ولعل كثيراً من الباحثين لديهم المزيد من هذه المشاهد التاريخية
التي ترسم ملامح المجتمع المسلم الذي سيطرت عليه مدرسة الحكام الأمويين فضلاً عن
الفطرة السقيمة لبعض الرواة الذين كانت قلوبهم تنفر من علي بن أبي طالب عليه
السلام وتشمئز نفوسهم عند ذكر آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم كما تشمئز من ذكر
الله تعالى حيث قال سبحانه في حال هؤلاء: