فأما القريب العابر فينبغ من تفاعل الفرد مع موقفه المحيط به
في لحظته الراهنة، فالجائع يقبل على الخبز، ثم يدفع ما بقي منه بعيداً عنه عندما
يشبع وبذلك ينتهي تأهبه عند إشباع رغبته.
وأما التأهب الطويل الأمد، فهو أكثر ثباتاً واستقراراً، فالشخص الذي يحب
لوناً خاصاً من ألوان الطعام لا يرى غضاضة في التحدث عنه بعد أن يشبع نهمه منه،
واتجاه الفرد نحو صديق عزيز لديه لا يتغير أو يتأثر كثيراً بالمضايقات الوقتية
العابرة، والنباتيون يعزفون عن أكل اللحم فيسفرون بذلك عن اتجاه ما، والمسلم يمتنع
عن أكل لحم الخنزير خضوعاً لاتجاه تفرضه عليه المعايير والمحرمات الدينية.
فالاتجاه بهذا المعنى تأهب مستقر، يمتد به ثباته لأمد طويل، إذن فليس كل
تأهب اتجاهاً، ولكن كل اتجاه ينطوي على تأهب.
وبقاء الاتجاه واستقراره في حياة الفرد، لا يتعارض منطقياً واستحالته
وتطوره، ذلك بأن الاتجاه يتكون نتيجة لتأثر الفرد بمثيرات مختلفة تنبعث من اتصاله
بالبيئة المادية والاجتماعية، ومعايير الثقافة، وهكذا يتغير الاتجاه تبعاً لتغير
صلته الديناميكية بتلك الأشياء)([231]).