قال الجيلاني: أنبئني أولا عن الأصناف التي
تصلها وساوس الشيطان.
قال
الرجل: وساوس الشيطان تصل إلى الكل.. فليس هناك من عصم منها إلا من عصمه الله
بتقواه وإخلاصه.
قال الجيلاني:
فالغرور يصيب الكل إذن إلا من عصمه الله بتقواه وإيمانه وإخلاصه.
قال
الرجل: عجبا.. كيف تذكر أنه يصيب الكل.. وقد وصف الله به الكفار.
قال الجيلاني:
كونه صفة للكفار لا يعني عصمة المؤمنين منه.. لقد ذكر رسول الله (ص) أوصاف المنافقين، فقال: (أربع من كنّ فيه كان منافقا خالصا، ومن
كانت فيه خصلة منهنّ كانت فيه خصلة من النّفاق حتّى يدعها: إذا ائتمن خان، وإذا
حدّث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر) ([49]) .. فهل ترى هذه الأوصاف خاصة
بالمنافقين.. أم أن من عوام المؤمنين من يقع فيها؟
قال
الرجل: بل من عوامهم من يقع فيها؟
قال الجيلاني:
فهكذا الغرور.. ومع ذلك فقد أخبر الله تعالى أن الشيطان قد يصل بحبال غروره إلى
خواص خواص عباد الله.. قال تعالى مخبرا عن خبر آدم وزوجه مع إبليس في الجنة: ﴿ فَوَسْوَسَ
لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا
وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا
مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (20) وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا
لَمِنَ النَّاصِحِينَ (21) فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ
بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ
الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا
الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ (22)﴾