ما لذة العيش إلا صحبة الفقراء
هم السلاطين و السادات والأمراء
فاصحبهم و تأدب في مجالسهم
و خلي حظك مهما قدموك وراء
و استغنم الوقت و احضر دائما معهم
و اعلم بأن الرضاء يخص من حضرا
و لازم الصمت إلا أن سئلت فقل
لا علم عندي و كن بالجهل مستترا
و لا ترى العيب إلا فيك معتقدا
عيبا بدا بينا لكنه استترا
و حط رأسك و استغفر بلا سبب
و قم على قدم الإنصاف معتذرا
و إن بدا منك عيب فاعترف و أقم
وجه اعتذارك بما فيك منك جرى
و قل عبيدكم أولى بصفحكم
فسامحوا و خذوا بالرفق يا فقراء
هم بالتفضل أولى و هو شيمتهم
فلا تخف دركا منهم و لا ضررا
و بالتفتي على الإخوان جد أبدا
حسا و معنى و غض الطرف إن عثرا
و راقب الشيخ في أحواله فعسى
يرى عليك من استحسانه أثرا
و قدم الجد و انهض عند خدمته
عساه يرضى و حاذر أن تكن ضجرا
ففي رضاه رضى الباري و طاعته
يرضى عليك فكن من تركها حذرا
متى أراهم و أنى لي برؤيتهم
أو تسمع الأذن مني عنهم خبرا
من لي و أنى لمثلي أن يزاحمهم
على موارد لم آلف بها كدرا
أحبهم و أداريهم و أوثرهم
بمهجتي و خصوصا منهم نفرا
قوم كرام السجايا حيثما جلسوا
يبقى المكان على آثارهم عطرا
يهدي التصوف من أخلاقهم ظرفا
حسن التآلف منهم راقني نظرا
هم أهل ودي وأحبابي الذين علوا
عمن يجر ذيول العز مفتخرا
[674] هذه مقتطفات من قصيدة للشيخ أبى مدين، وقد ذكرناها هنا لما لها علاقة بآداب السلوك إلى مراتب الصديقين.