لذلك.. لكنه فوجئ بأن يدي النادل تقطعان.. أو
تشلان.. فهل يمكن أن يستمر صاحب المطعم على هذه النية؟
قلت:
غبي إن هو استمر على هذه النية.. فلا يمكن للقطيع أو المشلول أن يحمل الطعام إلى
فمه.. فكيف يحمله إلى أفواه غيره؟
قال:
فهكذا الإنسان.. لقد وهب الله الإنسان من القوى ما يستطيع أن يؤدي به الوظائف
الخطيرة التي وكلت إليه.. لكنه إن راح يقطعها ويصيبها بالشلل، فلن يطيق تحمل شيء.
قلت:
فهلا ضربت لي مثالا على ذلك.
قال:
ألا ترى هؤلاء الخلائق الذين راحوا يتلاعبون بالكنوز التي جعلها الله أمانة في
أعناقهم؟
أصابني
رعب الكابوس، فقلت له: لقد ذكرتني بما جئت من أجله.. لقد رأيتني أخون الكنز.. لقد
مددت يدي إليه.. لكن الحية طوقت يدي.. وكادت تقضي علي لولا أن تداركتني اليقظة.
قال:
وهكذا البشر جميعا لن ينقذهم من الحيات إلا اليقظة.
قلت:
ولكنهم مستيقظون؟
قال:
لا.. بل هم نائمون.. كل من غفل عن حقيقته نائم.. كل من انشغل عن وظيفته نائم.. كل
من مد يده للكنوز التي اؤتمن عليها غير مدرك عواقبها نائم..