قال: هذه الآيات تشير إلى طهارة النفس والجماعة، فالإسلام
يريد مجتمعا طاهرا نظيفا ، وفي الوقت ذاته ناصعا صريحا، مجتمعا تؤدى فيه كل
الوظائف الحيوية، وتلبي فيه كل دوافع الفطرة، ولكن بغير فوضى ترفع الحياء الجميل ،
وبغير التواء يقتل الصراحة النظيفة، مجتمعا يقوم على أساس الأسرة الشرعية المتينة
القوائم، وعلى البيت العلني الواضح المعالم، مجتمعا يعرف فيه كل طفل أباه ، ولا
يخجل من مولده، لا لأن الحياء منزوع من الوجوه والنفوس، ولكن لأن العلاقات الجنسية
قائمة على أساس نظيف صريح ، طويل الأمد واضح الأهداف، يرمي إلى النهوض بواجب
إنساني واجتماعي ، لا لمجرد إرضاء النزوة الحيوانية.
قالوا:
عرفنا الخامسة.. فحدثنا عن السادسة.. تلك التي ذكرها الله، فقال:﴿ وَالَّذِينَ هُمْ
لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (32) ﴾ (المعارج)
قال: رعاية الأمانات والعهود تبدأ من رعاية
الأمانة الكبرى التي عرضها الله على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها
وأشفقن منها وحملها الإنسان.. وهي أمانة العقيدة والاستقامة عليها اختيارا لا
اضطرارا.. ومن رعاية العهد الأول المقطوع على فطرة الناس وهم بعد في الأصلاب أن
الله ربهم الواحد ، وهم بخلقتهم على هذا العهد شهود.. ومن رعاية تلك الأمانة وهذا
العهد تنبثق رعاية سائر الأمانات والعهود في معاملات الأرض.
قالوا:
عرفنا السادسة.. فحدثنا عن السابعة.. تلك التي ذكرها الله، فقال:﴿ وَالَّذِينَ هُمْ
بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ (33) ﴾ (المعارج)
قال: لقد ناط الله بأداء الشهادة حقوقا كثيرة ، بل
ناط بها حدود الله ، التي تقام بقيام الشهادة، فلم يكن بد أن يشدد الله في القيام
بالشهادة ، وعدم التخلف عنها ابتداء ، وعدم كتمانها عند