يضف إليه حساب الشطر الآخر وهو
أكبر وأطول، ومن ثم يشقى به من لا يحسب حساب الآخرة أو يشقى غيره من حوله، ولا
تستقيم له حياة رفيعة لا يجد جزاءها في هذه الأرض واضحا.. ومن ثم كان التصديق
باليوم الآخر شطر الإيمان الذي يقوم عليه منهج الحياة في الإسلام.
قالوا:
عرفنا الثالثة.. فحدثنا عن الرابعة.. تلك التي ذكرها الله، فقال:﴿ وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ
رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (27) إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ (28) ﴾
(المعارج)
قال: هاتان الآيتان الكريمتان تذكران درجة أخرى
وراء مجرد التصديق بيوم الدين، وهي درجة الحساسية المرهفة والرقابة اليقظة والشعور
بالتقصير في جنب الله على كثرة العبادة والخوف من تلفت القلب واستحقاقه للعذاب في
أية لحظة والتطلع إلى الله للحماية والوقاية.
وفي
قوله تعالى:﴿ إِنَّ
عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ (28)﴾ (المعارج) إيحاء بالحساسية الدائمة التي لا تغفل لحظة ،
فقد تقع موجبات العذاب في لحظة الغفلة فيحق العذاب، والله لا يطلب من الناس إلا
هذه اليقظة وهذه الحساسية، فإذا غلبهم ضعفهم معها، فرحمته واسعة ، ومغفرته حاضرة،
وباب التوبة مفتوح ليست عليه مغاليق.. وهذا قوام الأمر في الإسلام بين الغفلة
والقلق، والإسلام غير هذا وتلك، والقلب الموصول بالله يحذر ويرجو ، ويخاف ويطمع ،
وهو مطمئن لرحمة الله على كل حال.
قالوا:
عرفنا الرابعة.. فحدثنا عن الخامسة.. تلك التي ذكرها الله، فقال:﴿ وَالَّذِينَ هُمْ
لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (29) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ
أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (30) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ
فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (31) ﴾ (المعارج)