قال: ولهذا وضعت هذه المرتبة.. فلم أر من الحكمة أن أتكلم مع الملاحدة عن
طاعة الله، ومحبة رسوله (ص)، والتمسك بالدين، وأحتج لهم بالآيات
والأحاديث، وهم لا يؤمنون برب، ولا يقرون بدين.
ولم أر من الحكمة أن أتكلم مع أهل الكتاب عن أهمية الصلاة، أو أحكام الطلاق، وهم لا يُسلِّمون بالأصل.
قلت: فأين هذا في القرآن الكريم أو في حياة رسول الله (ص) التي تستند للقرآن؟
قال: هذا كثير في القرآن.. فالقرآن الكريم يذكر اختلاف أصناف
الناس.. ويذكر مدى تميزهم في توجهاتهم.. فالله تعالى يقول ـ مثلا ـ عن أصناف ورثة
الكتاب:﴿ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا
فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ
بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ﴾ (فاطر:32)
ويحاجَّ
إبراهيمُ ـ عليه السلام ـ الدهريَّ
بقوله:﴿ فَإِنّ اللّهَ يَأْتِى بِالشّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ
الْمَغْرِبِ﴾ (البقرة:
258)
ويخاطب المشركين بما يناسبهم في اعتقاداتهم، فيقول:﴿ وَلَئِن
سَأَلْتَهُمْ مّنْ خَلَقَ السّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَسَخّرَ الشّمْسَ وَالْقَمَرَ
لَيَقُولُنّ اللّهُ فَأَنّىَ يُؤْفَكُونَ﴾ (العنكبوت: 61)، فألزمهم الله بمقتضى
هذا الإيمان أن لا يشرك به.. لأن العبادة تصرف لخالق هذا الكون والمتصرف فيه، ولا
تصرف لغيره.
وقال تعالى مخاطبا لهم:﴿ إِنّ الّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ
عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ
صَادِقِينَ﴾ (الأعراف: 194)