responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : النبي الهادي نویسنده : د. نور الدين أبو لحية    جلد : 1  صفحه : 39
وهذا هو الأسلوب الذي انتهجه ورثته مع أمثال هذا النوع:

فمصعب بن عمير وهو مبعوثه (ص) إلى المدينة ليقوم بمهمة ‌الدعوة والتعليم ـ أظهر عناية خاصة بذوي المكانة في المجتمع ‌المدني، فقد استفاد من أسعد بن زرارة وهو من ذوي المكانة في قومه حيث ‌نزل ضيفًا عليه، وأخذ يصطحبه في جولاته الدعوية ليقوم بمهمة تعريفه بذوي المكانة ليوليهم عناية خاصة في الدعوة، فحينما دخلا حائط بني عبد الأشهل، وأقبل عليهما ‌أسيد بن حضير لزجرهما، فلما رآه أسعد بن زرارة قال لمصعب بن عمير: هذا سيد قومه ‌قد جاءك، فاصدق الله فيه.

وحينما أسلم أسيد بن حضير، قال لهما مبينًا مكانة سعد بن معاذ في ‌قومه: إن ورائي رجلا إن اتبعكما لم يتخلف عنه أحد من قومه، وسأرسله إليكما الآن، سعد ‌بن معاذ.. فلما أقبل سعد قال أسعد لمصعب: (أي مصعب، جاءك والله سيد من ‌وراءه من قومه، إن يتبعك لا يتخلف عنك منهم اثنان)([28])

فكان لهذه العناية بهذين الرجلين الأثر البالغ حيث أسلم بإسلامهما جميع دور بني الأشهل.

التوجهات:

قلت: وعيت ما ذكرته في الخانة الثانية.. فما (التوجهات) التي وضعتها في الخانة الثالثة؟

قال: كما أن البشر يختلفون في طباعهم التي طبعوا عليها، ويختلفون في قدراتهم، يختلفون كذلك في توجهاتهم.. فمنهم الملاحدة الذين لا يؤمنون برب، ولا رسول، ولا كتاب، ولا دين.. ومنهم المشركون الذين يعبدون الأصنام.. ومنهم أهل الكتاب الذين يؤمنون بالله خالقاً، وبكثير من الرسل.. ومنهم المنافقون الذين يُظهِرون الإسلام، ويُبطِنون الكفر.. ومنهم العُصاة الذين طغت عليهم المعصية، حتى أصبحت تُلازِمهم، فلا يهتمون بدين، ولا يُفكرون بتوبة.. ومنهم المقتصدون الذين يأتون بالواجبات، ويجتنبون المحرمات، ولكنهم لا يسارعون في الخيرات، وإذا ما وقعوا في بعض الذنوب لم يصروا عليها، ويسارعون إلى التوبة.. ومنهم بعد ذلك كله الأخيار الذين أتوا بالواجبات على وجهها، وبمعظم النوافل، واجتنبوا محارم الله أو تابوا منها توبة نصوحاً.. وبين هؤلاء جميعا طبقات كثيرة لا يمكن حصرها.

فهل ترى من الحكمة أن يخاطب هؤلاء جميعا بأسلوب واحد وبمعاني واحدة؟

قلت: لا شك في أن ذلك لا يصح.. ومن فعل ذلك يكون كمن عالج مريض القلب بأدوية الزكام.. أو عالج المزكوم


[28] سيرة ابن هشام: 2 / 59.

نام کتاب : النبي الهادي نویسنده : د. نور الدين أبو لحية    جلد : 1  صفحه : 39
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست