قلت: وكيف لا أشتاق.. ونحن ـ كما ترى ـ في واقع لا يتقن شيئا
كما يتقن أساليب الإضلال والتمويه والتلاعب بالحقائق.
قال: فلن يصلح هذا الواقع إلا النبي الهادي.. والهدي الذي
خلفه النبي الهادي.. وورثة النبي الهادي.
قلت: وأين هم؟.. نحن لا نرى إلا الأشباح التي لا تستطيع أن
تصل إلى الأرواح، بل لا تفكر في الوصول إليها.. بل تعتبر الحديث معها وعنها لغوا
وثرثرة.
قال: يستحيل على ركن خطير من أركان النبوة كهذا الركن أن
يعدم من الأمة.. إن الله الرحمن الرحيم النور الهادي أرحم بعباده من أن يتركهم
فرائس للشياطين وورثة الشياطين.
قلت: فهل التقيت ببعضهم؟.. حدثني عن ذلك.. فما أجمل أحاديث
الورثة؟
قال: نعم.. لقد شرفني الله، فالتقيت ببعضهم.. وسيكون حديثنا
عنه اليوم، كما كان حديثنا في الرحلة السابقة عن الوارث.
***
اعتدل الغريب في جلسته وحمد الله وصلى وسلم على نبيه (ص) مستغرقا في كل ذلك، ثم قال: بعد أن رأيت
ما رأيت، وسمعت ما سمعت من حديث الوارث مما كنت قد ذكرته لك في رحلتي السابقة..
وبعد أن آنس مني قومي من الصدق والإخلاص والثبات ما أنسوا.. ترقيت في السلم الذي
كنت أحلم به إلى درجات عالية لم أكن أتصورها، ولا أطمح لها.
وقد تثاقلت ـ بسبب تلك الكراسي الرفيعة، وما توفره من رغد
عيش ـ إلى الدنيا مدة من الزمن إلى أن جاء ذلك اليوم العظيم الذي التقيت فيه
الهادي الذي هداني الله به إلى النبي الهادي..
في ذلك اليوم كنت في أواسط إفريقيا في جولة هي أقرب إلى
الجولة السياحية منها إلى الجولة التبشيرية.. كنت حينها أسير بسيارتي الفخمة ذات
العجلات القوية مخترقا غاباتها العذراء، غير مبال بأي خطر قد ألقاه في طريقي، لأن
ما زودت به السيارة من وسائل الأمان يكفي لحمايتها وصد أي خطر عنها أو عني.
ولكن الله شاء في ذلك اليوم أن أتعرض لخطر ربما لم أتعرض
لمثله في حياتي..