responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : النبي الهادي نویسنده : د. نور الدين أبو لحية    جلد : 1  صفحه : 18
لقد اصطدمت سيارتي بشيء لا أزال إلى الآن أجهله.. ربما يكون شيئا من الغيب، وربما يكون من الشهادة.. المهم أني إلى الآن لم أعرف ما هو.. لم أعرف إلا أنه أصاب سيارتي بما جعلها لا تطيق السير خطوة واحدة.. وقد أصابني ذلك بهلع شديد، فقد كنت في أدغال الغابات، وليس بين يدي إلا الحيوانات المفترسة.. والتقدم في تلك الغابة خطوة واحدة ليس له إلا معنى واحد هو الموت المؤكد.. فلم يخرج من تلك الغابات أحد من الناس سالما.

في ذلك المحل الذي كان برزخا بين الموت والحياة، وبين الدنيا والآخرة.. وصرت أشعر بجسدي فيه كعارية جاء مالكها ليستلمها.. في ذلك المحل ارتفع عني ذلك التثاقل إلى الأرض، وشعرت من جديد بتلك الأشواق إلى تلك الشمس التي دعتني العذراء للبحث عنها.

وبمجرد أن دب ذلك الشعور إلى نفسي رأيت صاحبك (معلم السلام)، وهو يسير نحوي كما يسير البرء إلى المريض، وكما تسير العافية إلى المبتلى.. وما إن لمحته حتى أسرعت مهرولا إليه، وقد رأيت فيه الحياة التي يئست منها، والعافية التي غادرتني، وكنت أتصور أنها لا ترجع.

استقبلني بابتسامته التي عهدتها منه، وقال: عجبا.. ما الذي جاء بك إلى هنا؟

قلت: سيارتي.. هذه السيارة التي ترى هي التي جاءت بي إلى هنا.

ابتسم، وقال: أأعطيتها عقلك وإرادتك لتقودك إلى هنا؟

قلت: لا.. عقلي لا يزال لدي.. وإرادتي كذلك.. وأنا لم آت إلا وفق ما أملاه علي عقلي، وما طلبته مني إرادتي.

قال: فعقلك وإرادتك هما اللذان جاءا بك إلى هنا.. لا هذه السيارة المسكينة المسخرة التي لا يمكنها إلا أن تطيع إرادتك، وتستجيب لعقلك.

قلت: ذلك صحيح..

ثم عقبت قائلا: وأنت.. ما الذي جاء بك إلى هنا، فأنا لا أرى معك سيارة ولا طائرة؟

قال: الذي خلق السيارة والطائرة يستطيع أن ينقلك بهما، ويستطيع أن ينقلك بغيرهما.

قلت: إن هذه الغابة خطيرة جدا، ولم يخرج منها أحد يسير على قدميه سالما، فكيف ظهر لك أن تسير فيها؟

نام کتاب : النبي الهادي نویسنده : د. نور الدين أبو لحية    جلد : 1  صفحه : 18
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست