تصبر عليها.. وإذا
نزلت بك النعم دفعة واحدة انبهرت.. وقد يؤدي بك الانبهار إلى الطغيان.. ألا ترى
كيف انبهرت حضارتهم في بدايتها بما فتح عليها من خزائن العلم.. فراحت تؤرخ العلم
بدل الله؟
قلت: ذلك صحيح.. ولكنهم
سرعان ما اكتشفوا مبلغ الخطأ الذي وقعوا فيه.
قال: فما سره؟
قلت: تسارع الفتوح.
قال: وذلك عينه ما عبر عنه
رسول الله (ص) بالفجاءة.. فالخير الذي
يأتيك فجأة قد يطغيك، كما أن الشر الذي يأتيك فجأة قد يدحرك، ويملأ قلبك بالوساوس.
أخذ الجمع يردد (اللهم إنك
أحق من ذكر، وأحق من عبد، وأنصر من ابتغى، وأرأف من ملك، وأجود من سئل، وأوسع من
أعطى، أنت الملك لا شريك لك، والفرد لا يهلك، كل شئ هالك إلا وجهك، لن تطاع إلا
بإذنك، ولن تعصى إلا بعلمك، تطاع فتشكر، وتعصى فتغفر، أقرب شهيد، وأدنى حفيظ، حلت
دون التصور، وأخذت بالنواصي، وكتبت الآثار ونسخت الآجال، القلوب لك مفضية، والسر
عندك علانية، الحلال ما أحللت، والحرام ما أحرمت، والدين ما أشرعت، والأمر ما
قضيت، والخلق خلقك، والعبد عبدك، وأنت الله رؤوف رحيم، أسألك بنور وجهك الذي أشرقت
به السموات والأرض، بكل حق هو لك، وبحق السائلين عليك، أن تقبلني بهذه القراءة، أو
في هذه العيشة، وأن تجيرني من النار بقدرتك)
سألت جعفر عنه، فقال: لقد
كان رسول الله (ص) يردد هذا الدعاء إذا أصبح
وإذا أمسى([70]).
قلت: أراه دعاء رقيقا يحوي
معارف جليلة.
قال: أجل.. إن العارف يحلق
عند ترديده لهذا الدعاء في سموات من المعرفة والمحبة لا يمكن التعبير عنها.. وإن
المريد بترديده لهذا الدعاء يقطع كل العلائق والعوائق التي تريد أن تحول بينه وبين
الاتصال بمولاه.
أخذ الجمع يردد (أمسينا
وأمسى الملك لله الواحد القهار، الحمد لله الذي ذهب بالنهار، وجاء بالليل ونحن في
عافية، اللهم هذا خلقك قد جاء، فما عملت فيه من سيئة فتجاوز عنها، وما عملت فيه من
حسنة فتقبلها، وضعفها أضعافا مضاعفة، اللهم إنك