تحاول هذه
الرواية ـ بقدر الطاقة ـ أن تصور بعض نواحي الكمال التي أودعها الله في النموذج
الأكمل للإنسان الذي أراده الله ورضيه، وجعله عينا من عيون رحمته، ومنبعا من منابع
لطفه بعباده وعنايته بهم.. وجعله بعد ذلك مرآة لتجلي حقائق الوجود وكمالاته.. وجعله
فوق ذلك كله صراطا مستقيما، من سار على هديه وصل، ومن سلك غير سبيله ضل.
هذا الكامل الذي
شهد له كل شيء بالكمال، هو محمد رسول الله (ص)..
وبما أنه لا
يمكن لبشر مهما كان أن يحيط بكمالاته (ص) أو يصورها، فقد استعرنا في هذه الرواية بدله
مجموعة من الورثة .. كل واحد منهم يحكي ناحية من النواحي.. فمن لا طاقة له بالنظر
إلى الشمس يمكنه أن ينظر إليها من خلال صفحات الماء الصافية.
[1] تحدث علماء المسلمين
على ما يسمى بتوحيد الحب، والمحبوب.. فذكروا أن من شروط صدق الحب أن يتوحد الحب
والمحبوب، فتوحيد المحبوب أن لا يتعدد محبوبه، وتوحيد الحب أن لا يبقى في قلبه
بقية حب حتى يبذلها لمحبوبه.
وقد استوحينا هذا المعنى في هذا الحوار الذي أردنا من
خلاله تبيان الأصول التي يقوم عليها الاستنان بسنة رسول الله (ص).. فالسنة ليست مجرد
حركات مقلدين، وإنما هي حركات محبين فانين في حبهم عن أنفسهم.
[8] أشير بذلك إلى قوله (ص): (إن الله تعالى عزوجل قسم بينكم
أخلاقكم كما قسم ينكم أرزاقكم، وإن الله تعالى يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب، ولا
يعطي الدين، إلا من أحب، ومن أعطاه الدين فقد أحبه، والذي نفسي بيده! لا يسلم عبد
حتى يسلم قلبه ولسانه، ولا يؤمن حتى يأمن جاره بوائقه غشمه وظلمه، ولا يكسب عبد
مالا من حرام فينفق منه فيبارك له فيه، ولا يتصدق به فيقبل منه، ولا يتركه خلف
ظهره إلا كان زاده إلى النار، إن الله لا يمحو السيئ بالسيئ ولكن يمحو السيئ
بالحسن، إن الخبيث لا يمحو الخبيث)رواه أحمد والحاكم والبيهقي عن ابن مسعود.
[10] انظر (جامع بيان العلم وفضله) 2/ 132، و(إعلام الموقعين) 2/
171.
[11] استوحينا هذا المعنى من الحديث الذي رواه أحمد
والنسائيعن أنس قال: كنا يوماً جلوساً
عند رسول الله (ص) فقال: (يطلع عليكم الآن
من هذا الفج رجل من أهل الجنة)، قال: فطلع رجل من الأنصار ينفض لحيته من وضوئه قد
علق نعليه في يده الشمال فسلم، فلما كان الغد قال (ص) مثل ذلك فطلع ذلك الرجل، وقاله في
اليوم الثالث فطلع ذلك الرجل، فلما قام النبي (ص) تبعه عبد الله بن عمرو بن العاص فقال
له: إني لاحيت أبي فأقسمت أن لا أدخل عليه ثلاثاً، فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى
تمضي الثلاث فعلت، فقال: (نعم)، فبات عنده ثلاث ليال، فلم يره يقوم من الليل شيئاً
غير أنه إذا انقلب على فراشه ذكر الله تعالى، ولم يقم إلا لصلاة الفجر، قال: غير
أني ما سمعته يقول إلا خيراً فلما مضت الثلاث وكدت أن أحتقر عمله قلت: يا عبد الله
لم يكن بيني وبين والدي غضب ولا هجرة، ولكني سمعت رسول الله (ص) يقول كذا وكذا، فأردت
أن أعرف عملك، فلم أرك تعمل عملاً كثيراً، فما الذي بلغ بك ذلك؟ فقال: ما هو إلا
ما رأيت، فلما وليت دعاني فقال: ما هو إلا ما رأيت غير أني لا أجد على أحد من
المسلمين في نفسي غشاً ولا حسداً على خير أعطاه الله إياه، قال عبد الله: فقلت له
هي التي بلغت بك وهي التي لا نطيق.
[12] استوحينا هذا المعنى من قصة سلمان الفارسي وتردده
بين جماعة من أحبار المسيحية.
[13] أشار رسول الله r إلى هذه الناحية في شخصه الكريم،
فقال: (ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه فو الله إني لأعلمهم بالله، وأشدهم له
خشية) رواه البخاري ومسلم.
[14] أشير به إلى الإمام العارف المحقق حفيد رسول الله (ص) (جعفر الصادق)، وقد
اخترناه في هذا المحل باعتباره مرجعا كبيرا من مراجع العرفان، وقد روي عنه قوله عن
القرآن: (والله لقد تجلى الله عز وجل لخلقه في كلامه، ولكنهم لا يبصرون)، وقال ـ
وقد سألوه عن حالة لحقته في الصلاة حتى خر مغشياً عليه ـ فلما سري عنه قيل له في
ذلك فقال: (مازلت أردد الآية على قلبي حتى سمعتها من المتكلم بها، فلم يثبت جسمي
لمعاينة قدرته).. ومروياته في هذا الباب كثيرة.
[15] الخطاب في الرواية الأصلية من جعفر الصادق لسفيان
الثوري.
[16] الحديث في الأصل مروي عن شقيق البلخي وتلميذه حاتم
الأصم وقد اخترنا هذا الحوار هنا لدلالته على المعنى المراد من (العارف)
[17] في الرواية الأصلية: قال شقيق: إنا لله وإنا إليه
راجعون ذهب عمري معك ولم تتعلم إلا ثماني مسائل؟ فقال حاتم: يا أستاذ لم أتعلم
غيرها وإني لا أحب أن أكذب، فقال: هات هذه الثماني مسائل حتى أسمعها.
الأول: الشك، وهو أن يعتدل التصديق والتكذيب، كما إذا
سئلت عن شخص معين، أن الله تعالى يعاقبه أم لا؟ وهو مجهول الحال عندك، فإن نفسك لا
تميل إلى الحكم فيه بإثبات ولا نفى، بل يستوي عندك إمكان الأمرين.
الثاني: الظن، وهو أن تميل نفسك إلى أحد الأمرين مع
الشعور بإمكان نقيضه، ولكنه إمكان لا يمنع ترجيح الأول، كما إذا سئلت عن رجل تعرفه
بالصلاح والتقوى أنه بعينه لو مات على هذه الحالة هل يعاقب؟ فإن نفسك تميل إلى أنه
لا يعاقب أكثر من ميلها إلى العقاب وذلك لظهور علامات الصلاح. ومع هذا فأنت تجوز
اختفاء أمر موجب للعقاب في باطنه وسريرته فهذا التجويز مساو لذلك الميل ولكنه غير
دافع رجحانه.
الثالث: أن تميل النفس إلى التصديق بشيء بحيث يغلب
عليها ولا يخطر بالبال غيره ولو خطر بالبال تأبى النفس عن قبوله، ولكن ليس ذلك من
معرفة محققة، إذ لو أحس صاحب هذا المقام التأمل والإصغاء إلى التشكيك والتجويز
اتسعت نفسه للتجويز، وهذا يسمى اعتقاداً مقارباً لليقين.
الرابع. المعرفة الحقيقية الحاصلة بطريق البرهان الذي
لا يشك فيه ولا يتصور الشك فيه.
[22] ولذلك، فإن العارفين ينبهون المريدين إلى أن ما يلوح
لهم من أنوار الحس لا عبرة به، قال السراج الطوسى (ت:387هـ): (بلغنى عن جماعة من
أهل الشام، أنهم يدعون الرؤية بالقلوب فى دار الدنيا، كالرؤية بالعيان فى دار
الآخرة، ولم أر أحدا منهم، ولا بلغنى عن إنسان، أنه رأى منهم رجلا له محصول)، ثم
يبين أن العارفين أشاروا برؤية القلوب، إلى التصديق والمشاهدة بالإيمان وحقيقة
اليقين، وأنه ينبغى أن يعلم العبد أن كل شئ رأته العيون فى الدنيا من الأنوار، أن
ذلك مخلوق، ليس بينه وبين الله تعالى شبه، وليس ذلك صفة من صفات الله، بل جميع ذلك
مخلوق (اللمع 545)
[23] قال الغزالي: (يستحيل أن يعرف النبي غير النبي، وأما
من لا نبوة له فلا يعرف من النبوة إلا اسمها، وأنها خاصية موجودة لإنسان بها يفارق
من ليس نبيا، ولكن لا يعرف ماهية تلك الخاصية إلا بالتشبيه بصفات نفسه﴾ (انظر: المقصد الأسنى في
شرح معاني أسماء الله الحسنى، للغزالي، ص53)
[24] رواه البخاري ومسلم، وفي رواية أبي بكر الإسماعيلي
في صحيحه فقال: من يمنعك مني؟ قال: الله، فسقط السيف من يده، فأخذ رسول الله (ص) السيف فقال: من يمنعك
مني؟ فقال: كن خير آخذ. فقال: (تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟)، قال: لا
ولكني أعاهدك أن لا أقاتلك، ولا أكون مع قوم يقاتلونك.. فخلى سبيله فأتى أصحابه
فقال: (جئتكم من عند خير الناس)
[46] رواه مسلم، وفي حديث آخر قريب منه عن عبد الله بن أبي أوفى قال:
جاء رجل إلى النبي فقال: إني لا أستطيع أن آخذ من القرآن شيئا، فعلمني ما يجزئني منه، قال:
(قل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله)،
قال: يا رسول الله، هذا لله عز وجل، فما لي؟ قال: (قل: اللهم ارحمني وارزقني
وعافني واهدني)، فلما قام قال هكذا بيده، فقال رسول الله : (أما هذا فقد ملأ يده من الخير)
رواه أبو داود.
[57] رواه مسلم، وفي رواية للترمذي: (من قال حين يمسي ثلاث مرات: أعود
بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم يضره حمة تلك الليلة)، والحمة: لدغة كل ذي
سم كالعقرب ونحوها.
[64] مع تبديل الصيغة بقوله: (: أصبحنا وأصبح الملك لله) رواه مسلم.
[65] فعن أبي هريرة: أن النبي r كان يعلم أصحابه يقول: إذا أصبح
أحدكم فليقل: اللهم بك أصبحنا، وبك أمسينا، وبك نحيا، وبك نموت، وإليك النشور،
وإذا أمسى فليقل: اللهم بك أمسينا، وبك أصبحنا، وبك نحيا، وبك نموت، وإليك المصير)
رواه أبو داود وابن ماجه.
[79] رواه الخرائطي، ونص الحديث عن ابن عمر قال: كان
رسول الله (ص) إذا سافر، فأدركه الليل
قال.. وذكره.
[80] وقد روي في تفسيرها عن السدي قوله: كان الرجل يخرج
بأهله فيأتي الأرض فينزلها فيقول: أعوذ بسيد هذا الوادي من الجن أن أضَرّ أنا فيه
أو مالي أو ولدي أو ماشيتي، قال: فإذا عاذ بهم من دون الله، رَهقَتهم الجن الأذى
عند ذلك.
[102] ففي الحديث: كان رسول الله r إذا رجع من النهار إلى بيته يقول:
(الحمد لله الذي كفاني وآواني والحمد لله الذي أطعمني وسقاني والحمد لله الذي من
علي أسألك أن تجيرني من النار) ذكره النووي في الأذكار، وقال: إسناده ضعيف.
[103] ففي الحديث: (إذا ولج الرجل بيته فليقل: اللهم إني
أسألك خير المولج وخير المخرج باسم الله ولجنا وباسم الله خرجنا وعلى الله ربنا
توكلنا ثم ليسلم على أهله) رواه أبو داود.
[104] ضامن على الله تعالى: أي صاحب ضمان والضمان: الرعاية
للشيء كما يقال: تامر ولابن: أي صاحب تمر ولبن، فمعناه أنه في رعاية الله تعالى.
[107] يرى القارئ لهذه الرسالة أن من أبطال بعض فصول هذه
الرحلة صبية صغارا ملمين بكثير من الحقائق.. ونحن نشير بهذا إلى أن هذا الدين دين
الفطرة.. وأن الحقائق التي يتحدث عنها هؤلاء الصبية هي حقائق الفطرة.. فخير من مثل
الفطرة براءة الطفولة، كما قال رسول الله (ص): (ما من مولود إلا ولد على الفطرة
فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من
جدعاء) رواه البخاري ومسلم.
[110] رواه مسلم، ورواه ابن خُزَيمة وأبو داود وأحمد وابن
حِبَّان قريباً منه، ومن النصوص الواردة في هذا المعنى أيضا ما روي عن علي أن
رسول الله نهى عن لبس القَسِّيِّ،
وعن تختُّمِ الذهب، وعن قراءة القرآن في الركوع (رواه مالك)، وعنه قال: نهاني رسول الله عن قراءة القرآن وأنا راكع أو ساجد
(رواه مسلم)
[115] الرفع من الركوع هو إقامة الظهر من الركوع، وهي تعني
تمام انتصاب الظهر بعد الركوع، وهو ركن من أركان الصلاة، فعن أبي مسعود قال: قال
رسول الله : (لا تُجزئ صلاةٌ لا
يقيم الرجل فيها صُلْبَه في الركوع والسجود) رواه ابن ماجة وأبو داود والترمذي
وابن حِبَّان وابن خُزيمة.
[125] رواه ابن ماجة، ونص الحديث عن ابن عباس قال: كان
رسول الله يقول بين السجدتين في
صلاة الليل.. وذكره، ورواه أحمد بلفظ (إن رسول الله قال بين السجدتين في صلاة الليل:
رب اغفر لي وارحمني وارفعني وارزقني واهدني)، ورواه أبو داود بلفظ (إن النبي كان يقول بين السجدتين:
اللهم اغفر لي وارحمني وعافني واهدني وارزقني)
[130] من الأدلة التي استدل بها العلماء على ترجيح رواية
الخطاب:
1- أن جميع رواة الأحاديث عبر العصور قد استمروا في
رواية صيغة الخطاب دون أن يقيدوها بحياة النبي ، ولو كانت حياته عليه الصلاة
والسلام قيداًً لها لذكروه.
2 - لم يُرو أن الرسول r قد علَّم المسلمين صيغتين: صيغةً
يقولونها وهو حيٌّ، وصيغةً يقولونها بعد موته، وإنما علمهم صيغة واحدة هي صيغة
الخطاب، ولم يأمرهم بتركها والأخذ بصيغة الغيبة إذا مات.
[131] رواه ابن خُزَيمة. ورواه أحمد والحاكم قريباً منه.
[136] عن السائب قال: صلى بنا عمار بن ياسر صلاةً فأوجز
فيها، فقال له بعض القوم: لقد خفَّفتَ أو أوجزتَ الصلاة، فقال: أمَّا على ذلك فقد
دعوتُ فيها بدعوات سمعتهنَّ من رسول الله ، فلما قام تبعه رجل من القوم هو
أُبيٌّ غير أنه كنى عن نفسه، فسأله عن الدعاء، ثم جاء فأخبر به القوم: اللهم بعلمك
الغيب وقدرتك على الخلق أَحْيِني.. واجعلنا هُداةً مهديين) رواه النَّسائي، ورواه
أحمد ولكن سقطت منه عدة ألفاظ.
[311] وقد وردت بصيغ مختلفة منها هذه الصيغة، وهي محل اتفاق بين
السنة والشيعة، وإن كان للشيعة صيغ أخرى كثيرة، وكلها صحيحة ومباركة، لكنا هنا
نكتفي بالمتفق عليه.
[333] أشير به إلى علي بن الحسين فقد كان كلقبه (زين
العابدين)
[334] الحادثة كما رواها عبد الرحمن بن حفص القرشي قال:
كان علي بن الحسين إذا توضأ يصفرّ فيقول له أهله: ما هذا الذي يعتادك عند الوضوء؟
فيقول: تدرون بين يدي من أريد أن أقوم؟
وعن عبد الله بن أبي سليم قال: كان علي بن الحسين إذا
مشى لا تجاوز يده فخذه، ولا يخطر بيده، وكان إذا قام إلى الصلاة أخذته رعدة، فقيل
له: مالك؟ فقال: ما تدرون بين يدي مَن أقوم ومن أناجي؟
[335] روي أنه وقع حريق في بيت فيه علي بن الحسين، وهو
ساجد، فجعلوا يقولون له: يابن رسول الله النار، يا ابن رسول الله النار. فما رفع
رأسه حتى أُطفئت. فقيل له: ما الذي ألهاك عنها؟ قال: ألهتني عنها النار الأخرى.
[336] وقد روي مثل هذا أحاديث كثيرة عن زين العابدين منها
أن رجلا كلّمه افترى عليه، فقال: إن كنّا كما قلت فنستغفر الله، وإن لم نكن كما
قلت فغفر الله لك. فقام إليه الرجل فقبل رأسه وقال: جعلت فداك، ليس كما قلت أنا
فاغفر لي، قال: غفر الله لك. فقال الرجل: الله أعلم حيث يجعل رسالته.
[337] هذه القصيدة في الأصل للفرزدق، وقد قالها في مدح زين
العابدين وقصتها هي ما روي أن هشام بن عبد الملك حج قبل أن يلي الخلافة، فاجتهد
أن يستلم الحجر فلم يمكنه، فجاء علي بن الحسين فوقف له الناس وتنحوا حتى استلم،
فقال الناس لهشام: من هذا؟ قال: لا أعرفه.
فقال الفرزدق: لكني أعرفه، هذا علي بن الحسين.. ثم
قال القصيدة.. وننبه إلى أنا نقلناها هنا مع بعض التصرف.
والغرض من ذكرها هنا هو تبيان صفات العابد الوارث
للنبي (ص).. وقد أحسن الفرزدق في
جمعها أيما إحسان.
[338] نريد بالرجولة هنا معناها الشرعي، والذي لا يختص
بالذكور، فهي تدل على جملة من الخصال الكريمة كنا قد أشرنا إليها في كتاب (العشرة
الزوجية) من سلسلة (فقه الأسرة برؤية مقاصدية) عند حديثنا عن معنى القوامة
وشروطها، وفي اللغة ما يساعد على تعميمها على الرجال والنساء، كما قال الشاعر:
كلُّ جار ظَلَّ مُغْتَبِطاً غيرَ
جيران بني جَبَله
خَرَقُوا جَيْبَ فَتاتِهم لم
يُبالوا حُرْمَة الرَّجُله
وحكى ابن الأَعرابي أَن أَبا زياد الكلابي قال في
حديث له مع امرأَته: (فَتَهايَجَ الرَّجُلانِ)، يعني نفسه وامرأَته كأَنه أَراد: (فَتَهايَجَ
الرَّجُلُ والرَّجُلة)، فغَلَّب المذكر، وتَرَجَّلَتِ المرأَةُ صارت كالرَّجُل.
انظر: (لسان العرب، مادة: رجل)
[378] أشير به إلى بشر بن الحارث الحافي، وهو من أشهر أئمة
الورع، ذكر صاحب المجالس أنه تاب على يد الإمام موسى الكاظم، ثم نقل قصة توبته من منهاج
الكرامة، وهي أن الإمام الكاظم اجتاز على داره ببغداد، فسمع الملاهي وأصوات الغناء
والقصب تخرج من تلك الدار، فخرجت جارية وبيدها قمامة البقل، فرمت بها في الدرب: فقال
لها: يا جارية! صاحب هذه الدار حر أم عبد؟ فقالت: بل حر فقال: صدقت، لو كان عبدا خاف من مولاه!. فلما دخلت قال مولاها وهو على مائدة السكر: ما أبطأك
علينا؟ فقالت: حدثني رجل بكذا وكذا، فخرج حافيا حتى لقي مولانا الكاظم عليه السلام
فتاب على يده.
[401] لا نرى أن البر بالوالدين يدخل هذا الباب، لأن البر
مصلحة والطلاق مفسدة، ولا يمكن تقديم جلب المصلحة على درء المفسدة إلا إذا كان في
طلاقها مصلحة، فيطلقها لأجل ذلك، ومثله ما كان من إبراهيم من أمره ابنه إسماعيل بتطليق زوجته.. وقد
ذكرنا المسألة بتفصيل في سلسلة (فقه الأسرة برؤية مقاصدية)
[402] رواه الترمذي، وقال: هذا حديث حسن غريب، ورواه ابن
ماجه والحاكم.
[403] (قَرْن) إحدى مدن اليمن، وإليها ينسب أويس القرنيّ..
[404] رواه البخاري ومسلم، وفي رواية أخرى: (أتاكم أهل
اليمن هم أضعف قلوبا وأرق أفئدة، والفقه يمان والحكمة يمانية)
[406] أشير به إلى أويس القرني.. وهو أحد أئمة الزهد
الكبار، وقد بشر به رسول الله (ص) في قوله: إن خير التابعين رجل يقال له أويس، وله والدة هو بها
بر، لو أقسم على الله لابره، وكان به بياض فبرئ.. رواه مسلم وغيره.
[408] هذه الوصية مروية عن داود الطائي رواها محمد بن
أشكاب قال: حدثني رجل من أهل داود الطائي قال: قلت له يوما: ما أبا سليمان قد عرفت
الرحم التي بيننا فأوصني، قال:.. ثم ذكر الوصية. (صفة الصفوة)
[409] حدث أبو محمد العابد قال: دخل أبو يوسف على داود
الطائي فقال له: ما رأيت أحدا رضي من الدنيا بمثل ما رضيت به فقال: يا يعقوب من
رضي الدنيا كلها عوضا عن الآخرة فذاك الذي رضي بأقل مما رضيت.
وقال حماد لداود الطائي: يا أبا سليمان لقد رضيت من
الدنيا باليسير. قال: أفلا أدلك على من رضي بأقل من ذلك؟ من رضي بالدنيا كلها عوضا
عن الآخرة.
[410] الحبط: انتفاخ بطن الدابة من الامتلاء أو من المرض؛
يقال: حبط الرجل والدابة تحبطًا وحبطًا إذا أصابه ذلك.
[411] أو يلم: ألمَّ به يلمُّ: إذا قاربه ودنا منه. يعني:
أو يقرب من الهلاك.
[412] الخضِر: ضروب من النبات مما له أصل غامض في الأرض
كالنصيِّ. وليس من أحرار البقول وإنما هو من كلأ الصيف. والنَّعمُ لا تستكثر منه
وإنما ترعاه لعدم غيره.
[413] فثلطت: ثلط البعير يثلط: إذا ألقى رجيعه سهلاً
رقيقًا.
[437] ذكرنا هذه العبارة في مقدمة هذه الرسالة على لسان
(معلم السلام)
[438] وفي هذا المعنى ما يذكره العلماء من أن كل كرامة
لولي هي في الحقيقة امتداد لمعجزات الرسول (ص) لأنه لولا المتابعة الصادقة لرسول
الله (ص) ما حصلت له تلك
الكرامة، فلذلك نقول هنا: (لولا المتابعة التامة لرسول الله (ص) ما حصل للورثة ذلك
السلوك الرفيع الذي تميزوا به)
[501] للأسف نرى هذا القول تمتلئ به
كتب المبشرين، وفي موقع الكلمة وحده عشرات المواضع التي ليس من همها غير التشنيع
باعتبار الرعد ملكا.
[502] والتفسير العلمي لذلك أن في
السحب كهربائية موجبة وفي الأرض كهربائية سالبة، وقد تكتسب السحب المنخفضة من
كهربائية الأرض فتصير كهربائيتها سالبة مثلها، فإن اتفق مرور سحابة من السحب
العلوية الجوية فوق سحابة من هذا النوع حصل بينهما تجاذب لأن الجسمين المتكهربين
بكهربائيتين مختلفتين يتجاذبان وتتحد بينهما الكهربائيتان.
فتتجاذب تانك السحابتان حتى
تتحد كهربائيتاهما وعادة يحصل من هذا الاتحاد حرارة شديدة وتتولد بنيهما شرارة
مناسبة لحجم السحابتين فتلك الشرارة هي الصاعقة وما يرى من نورها هو البرق وما
يسمع من الرعد هو صوت سريانها في الهواء فيكون الرعد هو صوت الشرارة الكهربائية
تخترق طبقات الهواء..
[503] ذكرنا المسألة بتفصيل في رسالة (أهل الله) عند
الحديث عن الملائكة ـ عليهم السلام ـ
[504] انظر المادة العلمية المرتبطة بهذا في (الموسوعة
العربية العالمية) مادة (الوراثة)
[505] انظر تفاصيل نبوءاته (ص) المستقبلية في رسالة (معجزات حسية)
من هذه السلسة.
[506] تفسير عبد الرزاق (1/200) وتفسير الطبري (11/348)
[509] هو أَلفْرِد بيرنارْد نوبل (1833م - 1896م)، كيميائي
سويدي اخترع الديناميت وأنشأ جوائز نوبل.. أجرى في شبابه تجارب على النتروجلسرين
في مصنع والده. وكان يأمل في جعل هذه المادة الخطرة متفجرا آمنا وصالحًا
للاستعمال، وأعد متفجرًا من النتروجلسرين، لكن وقعت العديد من الحوادث حينما عُرض
للبيع، إلى درجة أن كثيرًا من الناس عدوه عدوا للشعب تقريبًا لبعض الوقت.
كان نوبل يعاني الإحساس بالذنب لصنعه مادة سببت
الكثير من الموت والدمار، وكره فكرة إمكانية استخدام الديناميت في الحرب، بينما
كان يعتقد أن اختراعه من أجل السلم، وأنشأ نوبل صندوقًا بمبلغ 9 ملايين دولار،
يستخدم العائد منه لمنح جوائز سنوية، إحداها لأكثر الأعمال المؤثرة لتشجيع السلام
العالمي (انظر: الموسوعة العربية العالمية)
[510] أشير بهذا إلى مقال بعنوان (سلطة العلم والسياسة
والأخلاق)، د. عبد السلام المسدي، أستاذ اللسانيات بالجامعة التونسية.. والذي ذكرت
ملخصه هنا ببعض التصرف.
[511] أشير إلى الحرب الباردة، والتي كان التقدم في مجال
الفضاء من ثمراتها.
[515] ) رواه أحمد وأبو داود والبيهقي والحاكم وابن ماجة
عن أبي هريرة.
[516] ) رواه الطبراني في الأوسط وابن أبي العاص،
والدارقطني في الأفراد، وسعيد بن منصور.
[517] ) مسوك: المسك: الجلد، والجمع مسوك مثل فلس وفلوس.
[518] ) أبو سعيد النقاش في معجمه، وابن النجار - عن أبي
الدرداء.
[519] انظر التفاصيل المرتبطة بهذا في رسالة (معجزات
علمية) من هذه السلسلة.
[520] انظر لمزيد من التفاصيل المرتبطة بهذا رسالة
(الكلمات المقدسة) من هذه السلسلة، وانظر ـ كذلك ـ الفصل الأخير من هذه الرسالة.
[521] يعتبر بديع الزمان النورسي من الدعاة المخلصين الذين لم
يخلطوا دعوتهم بأي غرض دنيوي، ولا تعصب جهوي.. فقد كان يختصر دوره في حفظ الإيمان،
ومواجهة الإلحاد الذي بدأ ينتشر في المجتمعات الإسلامية نتيجة التأثر بالحضارة
الغربية.
وقد عبر عن ذلك بقوله عند ذكره لوظائف الإمام المهدي،
فمن أول وظائفه: (انقاذ الايمان، وذلك بالقيام بدحض الفلسفة والفكر المادي قبل كل
شيء، لانتشار أفكار الماديين والطبيعيين انتشار الطاعون في البشرية واستيلاء
العلوم والفلسفة المادية على الأذهان.. إن
حفظ أهل الإيمان من شرور الضلالة، يقتضي إجراء تحقيقات علمية واسعة وأبحاث متواصلة
دائبة، التي تتطلب التجرد من هموم الدنيا ومشاغلها تجرداً كاملا)
وهو محل اتفاق من جميع الطيبين من هذه الأمة، وخصوصا
من أتباع أهل البيت، وقد قال في الإشادة بهم: (ليس في الدنيا قاطبة عصبة متساندة نبيلة
شريفة ترقى إلى شرف آل البيت ومنزلتهم، وليس فيها قبيلة متوافقة ترقى إلى اتفاق قبيلة
آل البيت، وليس فيها مجتمع أو جماعة منورة أنور من مجتمع آل البيت وجماعتهم.. نعم. إنَّ آل البيت الذين غُذّوا
بروح الحقيقة القرآنية، وارتضعوا من منبعها، وتنوّروا بنور الايمان وشرف الاسلام، فعرجوا
إلى الكمالات، وأنجبوا مئات الاَبطال الاَفذاذ، وقدّموا اُلوف القُوَّاد المعنويين
لقيادة الاَُمّة؛ لابد أنهم يُظهِرون للدنيا العدالة التامة لقائدهم الاعظم المهدي
الاكبر، وحقانيته بإحياء الشريعة المحمدية، والحقيقة الفرقانية، والسنّة الاَحمدية،
وتطبيقها، وإجراءاتها.. وهذا
الاَمر في غاية المعقولية فضلاً عن أنّه في غاية اللزوم والضرورة، بل هو مقتضى دساتير
الحياة الاجتماعية) (أشراط الساعة (من كليات رسائل النور ـ الشعاع الخامس) بديع الزمان
سعيد النورسي ترجمة احسان قاسم الصالحي ط 1 مطبعة الحوادث ـ بغداد 1412 هـ، ص: 37 ـ
38.
ولهذا اخترنا الحديث عنه في هذا الفصل مع الملاحظة
التي ذكرناها سابقا، وهي أننا نتصرف في كل ما يرتبط بالشخصية من أحداث، ما عدا
التي نشير إليها في الهامش.
[522] فرقت في هذه الرسالة بين الإمامة والقيادة.. فاعتبرت
الإمامة مرتبطة بالشؤون الدينية المحضة من الدعوة إلى الله والتربية عليها..
واعتبرت القيادة ما ارتبط من الإمامة بالدنيا كالسياسة والإدارة وغيرها.
والمصطلح الشرعي في هذا يعتبر كلا الناحيتين إمامة:
فالإمام له كلتا الوظيفتين: حماية الدين ونصرته والدعوة له.. وفي نفس الوقت حفظ
الدنيا، وتوفير ما تحتاجه الرعية منها.
وقد أشار القرآن الكريم إلى ارتباط الإمامة بالناحية
التي اقتصرنا عليها هنا في قوله تعالى:﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ
بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِ
وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ﴾ (الانبياء:73)، وقال تعالى:﴿
وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ
وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾ (القصص:5)
ونشير ـ هنا ـ إلى أن التفاصيل الكثيرة المرتبطة بهذه
الناحية المهمة خصصنا لها رسالة من هذه السلسلة هي رسالة (النبي الهادي)، وهي
الرسالة التالية لهذه الرسالة.
[523] ذكرنا (أتاترك) ومنابع استبداده ومظاهرها في رسالة
(أوتاد الاستبداد) من (رسائل السلام)
[524] اقتبسنا هذا من تصريح الجلاد (قارا علي) الى صحيفة
(صون بوسطة) في عددها الصادر في 3/ 3/ 1931.
[525] هذا ما وصفت به صحيفة (جمهوريت) في عددها الصادو يوم
16/ 7/ 1930 ما حصل في شرقي الاناضول.
[526] جمع الباحث الفاضل (نجم الدين شاهين أر) مشاهدات معظم
الذين عاصروا الأستاذ النورسي وسجّل ذكرياتهم عنه في أربعة مجلدات موسومة بـ (ص) وترجمت مقتطفات منها،
ونشرت باسم (ذكريات عن سعيد النورسي)، والمنقول هنا بعض الأحداث المرتبطة بتلك
الذكريات.
[594] ذكر النورسي ما يدل على هذا، فقال: (لم يتمكن أعداء
رسائل النور المتسترون أن يتحملوا تلك الفتوحات النورية، فنبهوا المسؤولين في الدولة
ضدنا وأثاروهم علينا، فأصبحت الحياة - مرة أخرى - ثقيلة مضجرة، إلاّ أن العناية الإلهية تجلت على
حين غرة، حيث أن المسؤولين أنفسهم - وهم أحوج
الناس إلى رسائل النور -
بدأوا فعلاً بقراءة الرسائل المصادرة بشوق واهتمام، وذلك
بحكم وظيفتهم. واستطاعت
تلك الرسائل بفضل الله أن تليّن قلوبَهم وتجعلها تجنح إلى
جانبها. فتوسعت بذلك
دائرة مدارس النور، حيث أنهم بدأوا بتقديرها والإعجاب بها
بدلاً من جرحها ونقدها.
فأكسبتنا هذه النتيجة منافع جمة، إذ هي خير مائة مرة ممّا
نحن فيه من الأضرار
المادية، وأذهبت ما نعانيه من اضطراب وقلق) (انظر: اللمعات:394).
[595] أشير به إلى المخلص الموعود به في جميع الملل، وأنبه
إلى أني لا أقصده بالضبط، لأنه الوارث الكامل لرسول الله (ص)، وإنما أشير إلى ناحية من نواحي وراثته، وهي القيادة العادلة
الرشيدة.
[608] تناولت هذه الوثيقة بالدراسة من الناحية السياسية
الكثير من الكتب، منها: د. محمد حميد الله: مجموعة الوثائق السياسية في العهد
النبوي والخلافة الراشدة، د. محمد سليم العوا: النظام السياسي للدولة الإسلامية،
د. منير البياتي: الدولة القانونية والنظام السياسي الإسلامي، د. عون الشريف قاسم:
دبلوماسية محمد، د. أحمد حمد: الجانب السياسي في حياة الرسول.. وغيرهم.
[609] تعرض الدكتور أكرم ضياء العمري في كتابه السيرة
النبوية الصحيحة لدراسة طرق ورود الوثيقة، وقال: (ترقى بمجموعها إلى مرتبة
الأحاديث الصحيحة) وبين أن أسلوب الوثيقة ينم عن أصالتها (فنصوصها مكونة من كلمات
وتعابير كانت مألوفة في عصر الرسول (ص)، ثم قل استعمالها فيما بعد حتى أصبحت معلقة على غير
المتعمقين في دراسة تلك الفترة، وليس في هذه الوثيقة نصوص تمدح أو تقدح فرداً أو
جماعة، أو تخص أحداً بالإطراء أو الذم؛ لذلك يمكن القول بأنها وثيقة أصلية وغير
مزورة، ثم إن التشابه الكبير بين أسلوب الوثيقة وأساليب كتب النبي (ص) يعطيها توثيقاً آخر (انظر: السيرة
النبوية الصحيحة (1/275) للعمري)
[610] وروي أنه (ص) آخى بين المسلمين في مكة قبل الهجرة على الحق والمواساة، فآخى بين حمزة
وزيد بن حارثة، وبين أبي بكر وعمر، وبين عثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، وبين
الزبير بن العوام وعبد الله بن مسعود، وبين عبيدة بن الحارث وبلال الحبشي، وبين
مصعب بن عمير وسعد بن أبي وقاص، وبين أبي عبيدة بن الجراح وسالم مولى أبي حذيفة،
وبين سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وطلحة بن عبيد الله، وبينه وبين علي بن أبي
طالب.
ويعتبر البلاذري (ت276هـ) أقدم من أشار إلى المؤاخاة المكية،
وقد تابعه في ذلك ابن عبد البر (ت463هـ) دون أن يصرح بالنقل عنه، كما تابعهما ابن
سيد الناس دون التصريح بالنقل عن أحدهما.
[615] من الوثائقِ النبوية التي لا تزال محفوظة في أماكنَ
متفرقةٍ من أنحاء العالم (رسالة النبي (ص) إلى المقوقس عظيم مصر)، ومنها (رسالة النبي (ص) إلى هرقل إمبراطور الروم وبيزنطة)،
ومنها (رسالة النبي (ص)
إلى نجاشي الحبشة)، ومنها (رسالة النبي (ص) إلى أمير البحرين)
[616] من أهم الكتب التي حاولت أن تجمع الوثائق التي كتبت
في عهد النبي (ص) ما قام به الأستاذ محمد
حميد الله الحيدر أبادي من جمعه لمجموعة ما تعلَّق بالنبي (ص) وقد حاول الأستاذ محمد حميد الله
بإخلاص جمعَ هذه الوثائق من أمهات كتب التاريخ والمتاحف، وقدَّم لنا معلوماتٍ
مفيدةً يمكننا الاعتماد عليها كثيرًا..
[617] أي أن تكف عنا ونكف عنها، فلا تكون بيننا عداوة.
[621] بناء على القول بأن الآيات نزلت في النبي (ص)، وقد أشرنا إلى ذلك، وتوجيه
هذا القول وعدم منافاته للعصمة، وذكرنا قول الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في ذلك في
[النبي المعصوم]
[622] النصوص المنقولة هنا والتعليقات المرتبطة بها منقولة
من (في ظلال القرآن) ببعض التصرف.
[629] هذا يعني الثناء على العمل، لا رفع التكليف كما يتوهم البعض،
فيتصور أن ثناء الله تعالى ورسوله على الصحابة يعني رفع التكليف عنهم.. بدليل أن
بعض من مدح ارتد على أعقابه، وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ
الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ
مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى
الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ} [الأعراف: 175، 176]
[646] ابن مَرْدُويه، وقد رواه الترمذي بغير هذه الصيغة
مطولا، ثم قال: هذا حديث غريب لا نعلم أحدا أسنده غير محمد بن سلمة الحراني، ورواه
ابن حاتم وابن المنذر في تفسيره، ورواه أبو الشيخ الأصبهاني في تفسيره، ورواه
الحاكم، ثم قال: وهذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه.
[685] أشير إلى ضرورة استقلال الناحية العسكرية في الدولة
عن الناحية السياسية، وهو ما تدل عليه الأدلة الكثيرة.
[686] انظر: مخطط السياسة العسكرية، العميد: مصطفى أحمد
كمال، وهو عميد أركان حرب بالقوات المصرية.
[687] أشرنا إلى ما تحمله غزوة أحد من معاني النصر في
رسالة (النبي المعصوم) من هذه السلسلة.
[688] ننبه إلى أننا في هذا الفصل نحاول أن نذكر باختصار
بعض ما نبه عليه (ص)
من قوانين الصحة.. أما التفاصيل الكثيرة المرتبطة بهذا، فقد خصصنا لها رسالة خاصة
هي (ابتسامة الأنين)
بالإضافة إلى هذا، فقد ذكرنا في رسالة (معجزات علمية)
بعض ما يرتبط بهذا الجانب العظيم من جوانب النبوة.
وننبه ـ هنا ـ إلى أننا لا نوافق على الموقف السلبي
لبعض علماء المسلمين من هذه الناحية، وهو موقف ناتج عن استعمل خاطئ لسد الذرائع..
وننبه ـ كذلك ـ إلى أننا لا نوافق على الاستغلال
السيئ لما يرتبط بهذه الناحية من الهدي النبوي.
ولذلك لا نقبل ما يقال فيها إلا من العلماء المختصين
الذين جمعوا بين العلمين.. ولذلك فالوارث الذي اخترناه لهذا الفصل وارث جمع بين
العلمين، وتحقق بكلا الهديين: هدي النبي (ص)، وهدي ما دله عليه العلم.
[696] لا نقصد بهذا إلغاء سائر ما هدى الله إليه البشر من
أنواع الاستشفاء، ولكنا نقصد أن الالتزام بالهدي النبوي قد يغني عن الكثير من
الأطباء، وقد حاولنا بيان مدى تكامل النظرية الطبية النبوية في سلسلة (ابتسامة
الأنين).
[697] أشير به إلى الإمام العلامة الفقيه النحوي اللغوي
الطبيب موفق الدين أبو محمد عبد اللطيف الموصلي ثم البغدادي (557-628هـ)، نزيل حلب، ويعرف قديما
بابن اللباد فضلان.. وهو أحد العلماء الموسوعيين. وُلد ببغداد وتوفي بها، درس الأدب
والكيمياء وتابع أبحاثه في النباتات والطب.
وسبب اختيارنا له في هذا الفصل هو كونه من أشهر من
اهتم بالطب النبوي، ومن وصاياه قوله: (ينبغي أن تكون سيرتك سيرة الصدر الأول فاقرأ
السيرة النبوية وتتبع أفعاله واقتف آثاره وتشبه به ما أمكنك).. وانطلاقا من قوله
هذا اعتبرناه الوارث في هذا الفصل.
[707] انظر: الإعجاز العلمى في الإسلام والسنة النبوية،
محمد كامل عبد الصمد، ومجلة الإصلاح العدد 296 سنة 1994 من ندوات جمعية
الإعجاز العلمي للقرآن في القاهرة.
[711] ) د. إبراهيم الراوي: مقالته (أثر العطاس على
الدماغ) مجلة حضارة الإسلام المجلد 20 العدد 5/6 لعام 1979، وانظر: الهدي النبوي
في العطاس والتثاؤب، بقلم الدكتور محمد نزار الدقر.
[741] ) الطبراني في الأوسط وأبو نعيم في الطب عن أنس.
[742] ) من المحاضرة العلمية (صورة من إعجاز الطب والوقائي) التي
ألقاها الدكتور حسان شمسي باشا في المؤتمر العالمية للإعجاز العلمي في القرآن
والسنة الذي عقد في دبي عالم 2004م.
[743] ) انظر: د.ظافر العطار: (اضطجع على شقك الأيمن) مجلة
طبيبك كانون1-1968. والمجلة الطبية العربية: (أوضاع النوم الخاطئة) ع:196-1993،
د.إبراهيم الراوي: (النوم على الجهة اليمنى) مجلة حضارة الإسلام المجلد؛16،العدد
9/10-1975.
[758] حاولنا في هذا المبحث أن نجيب على الشبهة المرتبطة
بنفي ما يسمى بالطب النبوي (بمعناه الصحيح المتكامل الذي اشرنا إليه في (ابتسامة
الأنين)، وقد رجعنا في نقل الشبهات إلى بعض من ذكر تلك الشبهات مثل: (د. محمد سليمان الأشقر،
أحاديث الطب النبوي هل يُحتج بها؟، نشر في إسلام أون لاين، بتاريخ: 12/08/2004).
[784] المختبر الأصلي الذي أجري فيه الاختبار هو (فيلانوف)
بأوديسا.
[785] انظر: المعتز بالله المرزوقي: في محاضرة له بعنوان (الكمأة
وماؤها شفاء للعين) من مواد المؤتمر العالمي الأول عن الطب الاسلامي الكويت 1980.
[786] حاولنا أن نذكر في هذا الفصل ما يرتبط بسنن رسول
الله (ص) المرتبطة ببشريته، ولم
نرتبه بالترتيب المعهود إلى مباحث ومطالب تحتها من باب التيسير والاختصار، ولذلك
أدرجنا في كل مطلب كل ما يرتبط به من عناصر.. وننبه إلى أنا ذكرنا في بعض المحال الروايات
المختلفة في كل مسألة إما من باب التوثيق، أو من باب ذكر الخلاف بدليله إن كان
هناك خلاف.
[787] رواه الطبري والقضاعي في مسند الشهاب والطبراني في
المعجم الأوسط.
[788] هذا اسم (السيرة الشامية) للصالحي، وهي من أهم مصادر
السيرة النبوية الشريفة، وقد اعتمدنا في هذه السلسلة كثيرا على ما ورد فيها من
روايات.. وهي مرجعنا في أكثر الأحيان في تخريج الأحاديث المرتبطة بالسيرة والشمائل،
وهو بحمد الله محل إجلال واحترام من الأمة جميعا، وله في أهل البيت خصوصا الكثير
من البحوث الطيبة، ومنها جزء عنوانه (مزيل اللبس عن حديث ردّ الشمس)، وغيره.
[792] التقلع: الانحدار من الصبب، والتقلع من الأرض قريب
بعضه من بعض، أراد أنه كان يستعمل التثبت ولا يبين منه في هذه الحالة استعجال،
ومبادرة شديدة، وأراد به قوة المشي، وأنه كان يرفع رجليه من الأرض رفعا قويا، لا
كمن يمشي اختيالا، ويقارب خطوه.
[820] أفرد الحافظ أبو الخطاب ابن دحية كتابا سماه:
(الآيات البينات فيما في أعضاء رسول الله (ص) من المعجزات) وصف فيه منظره الشريف
(ص).. وقد لخص هذا الكتاب
الصالحي في موسوعته (سبل الهدى).. وسنلخص بدورنا مع بعض التصرف ما ذكره الصالحي.
[821] الأزهر: الأبيض المستنير المشرق وهو أحسن الألوان أي
ليس بالشديد البياض.
[822] الأمهق: الشديد البياض الذي لا يخالطه شئ من الحمرة
وليس بنير كلون الجص أو نحوه.
[829] العقيقة: بقافين على المشهور: شعر الرأس، سمي عقيقة
تشبيها بشعر المولود قبل أن يحلق فإذا حلق ونبت ثانيا فقد زال عنه اسم العقيقة،
وربما سمي الشعر عقيقة بعد الحلق على الاستعارة، والمراد إن انفرقت عقيقته من ذات
نفسها وإلا تركها معقوصة..
[830] رواه الترمذي عن هند بن أبي هالة والبيهقي عن علي.
[831] الجمة - بضم الجيم وتشديد الميم -: هي مجتمع شعر
الرأس وهي أكثر من الوفرة ما نزل عن ذلك إلى المنكبين.
[833] الغدائر: الضفائر، وقد وصف ابن أبي خيثمة في تاريخه
نواحي الجمال المرتبطة بهذا، فقال: إنما جعل شعر رسول الله (ص) ورأسه غدائر أربعا
ليخرج الأذن اليمنى من بين غديرتين يكتنفانها، ويخرج الأذن اليسرى من بين غديرتين
يكتنفانها، ويخرج الأذنان بياضهما من بين تلك الغدائر كأنهما توقد الكواكب الدرية
بين سواد شعره.
[845] الأشفار: جمع شفر وزن قفل وهو حرف الجفن الذي ينبت
عليه الهدب.. قال ابن قتيبة: والعامة تجعل أشفار العين: الشعر وهو غلط، وإنما
الأشفار حروف العين التي ينبت عليها الشعر.
[851] حاول بعضهم تكلف سر ذلك، وهو من التكلف الممقوت، فزعم
أن أنه (ص) كان له بين كتفيه عينان
كسم الخياط يبصر بهما لا تحجبهما الثياب.وقال آخر: بل كانت صورهم تنطبع في حائط
قبلته كما تنطبع في المرآة أمثلتهم فيها فيشاهد أفعالهم.
[852] الأطيط: صوت الأقتاب وأطيط الإبل أصواتها وحنينها، أي
أن كثرة ما في السماء من الملائكة قد أثقلها حتى أطت.
[853] رواه الترمذي وابن ماجة عن أبي ذر، وأبو نعيم عن
حكيم بن حزام.
[904] شثن الكفين: هو الذي في أنامله غلظ بلا قصر، ويحمد
ذلك في الرجال لأنه أشد لقبضتهم ويذم في النساء.
[905] سائل الأطراف: من السيلان أي ممتدها، يعني أنها طوال
ليست بمتعقدة ولا منقبضة، ورواه بعضهم بالنون بدل اللام فقال: سائن، قال ابن
الأنباري: وهما بمعنى تبدل اللام من النون، أي طويل الأصابع.
[910] خمصان: الإخمص من القدم الموضع الذي لا يلصق بالأرض
منها عند الوطء والخمصان المبالغ فيه، أي ذلك الموضع من أسفل قدميه كان شديد
التجافي عن الأرض جدا.
وسئل ابن الأعرابي عنه فقال: إذا كان خمص الإخمص بقدر
لم يرتفع عن الأرض جدا ولم يستو أسفل القدم جدا، فهو أحسن الخمص بخلاف الأول.
[911] مسيح القدمين: أي ملساوان لينتان ليس فيهما تكسر ولا
شقاق فإذا أصابهما الماء نبا عنهما سريعا لملاستهما فينبو عنهما ولا يقف.
[933] القثاء: هو اسم جنس للخيار، وبعضهم يطلق القثاء على
نوع يشبه الخيار، وهو مطابق لقول الفقهاء: (لو حلف لا يأكل الفاكهة حنث بالقثاء
والخيار)، وهو يقتضي أن يكون نوعا غيره، فتفسير القثاء بالخيار تسامح.
[1025] رواه ابن ماجه والحكيم الترمذي، وفي روية: (عن قوم فعادت إليهم)
[1026] رواه الطبراني عن أبي سكينة والبزار والطبراني عن عبد الله
بن أم حرام.
[1027] رواه البزار بسند ضعيف والطبراني، قال إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد
أحد رواته: سمعت بعض أهل العلم يفسرها، قال: (هنا تصغير الأرغفة)، وقال في النهاية:
(وحكي عن الأوزاعي أنه تصغير الأرغفة)
[1036] رواه الطبراني برجال ثقات غير محمد بن عبد الكبير بن شعيب.
[1037] رواه الطبراني برجال ثقات غير عزيز بن سفيان.
[1038] وهذا لا يخالف ما ورد في الحديث عن الشريد بن سويد
قال: (كان في وفد ثقيف رجل مجذوم فأرسل إليه رسول الله (ص): (إنا قد بايعناك) (رواه أحمد
ومسلم والبيهقي).. فهذا مبني على التشريع ومراعاة الأسباب، وفي الطعام مبني على
مراعاة التوحيد، والتوكل على الله.
[1048] بالإضافة إلى ما سنذكره هنا روي في حديث ضعيف أنه
شرب في قدح من نحاس، قعن أبي أمامة قال: كان لمعاذ بن جبل قدح من صفر نحاس، فيه
يسقي النبي (ص) إذا شرب وفيه يوضئه إذا
توضأ (رواه
الطبراني
بسند ضعيف)
[1106] أراد هند بهذا أنه (ص) كان رحب الشدقين، أما ما جاء عنه (ص) في المتشدقين، فإنه
أراد به الذين يتشدقون إذا تكلموا، فيميلون أشداقهم يمينا وشمالا، ويتنطعون في
القول..
[1107] جوامع الكلم: القليلة الألفاظ، الكثيرة المعاني، جمع
جامعة: وهي اللفظة الجامعة للمعاني، لا فضول فيه، والفضول من الكلام ما زاد على
الحاجة وفضل، ولذلك عطف ولا تقصير.
[1120] قال أبو الحسن بن الضحاك رحمه الله تعالى: صحت
الأخبار، وتظاهرت، بضحك رسول الله (ص) بغير موطن، حتى تبدو نواجذه، وثبت عنه (ص) أنه كان لا يضحك إلا
تبسما، ويمكن الجمع بينهما بأن يقال: إن التبسم كان الأغلب عليه، فيمكن أن يكون
الناقل عنه أنه كان لا يضحك إلا متبسما لم يشاهد من النبي (ص) غير ما أخبر عنه، ويكون
من روى أنه ضحك، حتى بدت نواجذه قد شاهد ذلك في وقت ما فنقل ما شاهد، فلا اختلاف
بينهما، لاختلاف المواطن والأوقات ويمكن أن يكون في ابتداء أمره كان يضحك حتى تبدو
نواجذه في الأوقات النادرة، وكان آخر أمره لا يضحك إلا متبسما، وقد وردت عنه (ص) أحاديث تدل على ذلك،
ويمكن أن يكون من روى عنه أنه كان لا يضحك إلا متبسما شاهد ضحكه، حتى بدت نواجذه
نادرا، فأخبر عن الأكثر، وغلبته على القليل النادر.
[1170] العمائم: جمع عمامة، وهي اللّباس الّذي يلاث - يلفّ - على الرّأس تكويراً،
وتعمّم الرّجل: كوّر العمامة على رأسه.
[1171] ذكر علماء الشمائل أن عمامة النبي (ص) لم تكن بالكبيرة، التي
تؤذي صاحبها، وتضعفه، وتجعله عرضة للآفات كما يشاهد من حال أصحابنا، ولا بالصغيرة
التي تقصر عن وقاية الرأس من الحر والبرد، بل وسطا بين ذلك.
قال الحافظ في فتاويه: لا يحضرني في طول عمامة النبي (ص) قدر محدود، وقد سئل عنه
الحافظ عبد الغني فلم يذكر شيئا في فتاويه.
وقال الشيخ في ذلك لم يثبت في مقدار العمامة الشريفة
حديث، ثم أورد الحديث السالف أول الباب، ثم قال: (وهذا يدل على أنها عدة أذرع،
والظاهر أنها كانت نحو العشرة أو فوقها بيسير.
وقال السخاوي في فتاويه: رأيت من نسب لعائشة أن
عمامة رسول الله (ص)
في السفر كانت بيضاء، وفي الحضر كانت سوداء، وكل منها سبعة أذرع، قال السخاوي:
وهذا شئ ما علمناه.
[1193] رواه أبو داود الطيالسي وابن أبي شيبة وابن منيع والبيهقي
في الشعب.
[1194] يطلق القناع والمقنّع والمقنّعة على نوع من القماش
يضعه الرجل والمرأة على الرّأس، ويطلق على الخمار الّذي تغطّي به المرأة وجهها،
ووصف البعض الرّجل بالتّقنّع فقال: رجل مقنّع إذا كان عليه بيضة ومغفر..
[1195] رواه الترمذي في الشمائل، وابن سعد، والبيهقي.
[1196] رواه ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري في تاريخه، وأبو داود
والنسائي وابن جرير.
[1216] اقتبسنا هذا المعنى مما ورد في سيرة علي بن الحسين
زين العابدين فقد روي شيبة بن نعامة قال: كان علي بن الحسين يبخل فلما مات وجدوه
يقوت مائة أهل بيت بالمدينة.. وعن محمد بن إسحاق قال: كان ناس من أهل المدينة
يعيشون لا يدرون من أين كان معاشهم. فلما مات علي بن الحسين فقدوا ما كانوا يؤتون
به بالليل.. وعن أبي حمزة الثمالي قال: كان علي بن الحسين يحمل جراب الخبز على
ظهره بالليل فيتصدق به، ويقول: إن صدقة السر تطفئ غضب الرب عز وجل.. وعن عمرو بن
ثابت قال: لما مات علي بن الحسين فغسلوه جعلوا ينظرون إلى آثار سود في ظهره، فقالوا:
ما هذا؟ فقالوا: كان يحمل جرب الدقيق ليلا على ظهره يعطيه فقراء أهل المدينة.. وعن
ابن عائشة قال: قال أني: سمعت أهل المدينة يقولون: ما فقدنا صدقة السر حتى مات علي
بن الحسين.
[1217] أشير به إلى العلامة السيد سليمان الندوي، وهو من أسرة علمية عريقة، حسينية النسب،
شهيرة بالعلم والتقوى، ولد بقرية (ديسنة) من ولاية بيهار بالهند سنة 1302 هـ،
الموافق 1884.
من أبرز أعماله العلمية وأرفعها إكماله لكتاب (سيرة النبي (ص)) الذي كان بدأ بتأليفه أستاذه
المحقق العلامة شبلي النعماني، وهذا الكتاب هو دائرة معارف في السيرة النبوية،
نُشرت منه سبعة مجلدات ضخمة، لا يقل أحدها عن سبعمائة صفحة من القطع الكبير..وكان
جد حريص على البحث والتنقيب، والرد على مطاعن غير المسلمين، وله مصنفات علمية أخرى
فريدة من نوعها مما يرتبط بالسيرة منها: (محاضرات مدراس): وهي التي أشرنا إليها
في هذا الفصل.
قال فيه شاعر الإسلام الدكتور محمد إقبال: (يتبوأ السيد
سليمان الندوي اليوم أعلى مدارج حياتنا العلمية، إنه ليس مجرد عالم، بل هو أمير
للعلماء، وليس بكاتب فحسب، بل إنه إمام الكتّاب والمؤلفين إن شخصه بحرٌ للعلوم
والمحاسن، تخرج منه مئات من الأنهار، وتسقي منه ألوف من المزارع اليابسة)
وقال فيه الشيخ محمد أنور شاه الكشميري: (إذا جُمع علم
الغزالي والرازي إلى ورع الجنيد والشبلي تكوّن منه سليمان الندوي)
وقال الأستاذ مسعود الندوي (لقد كان رجلاً ذا مروءة غريبة،
كريماً يجري الكرم في دمه، لا يغضب ولا يسخط ، يصفح عن عدوه، ويدعو لمن يتناوله
بالسوء، أما التلاميذ والمخلصون فيشملهم بعطفه الأبوي، ويبسط على كل فرد منه ظلال
شفقته وحنانه، كأنه قد مُنح في هذا الشأن لمحة من سيرة جده الكريم (ص))
ومن مآثره الجليلة أنه من الذين وقفوا بشدة في وجه ما قام به
الوهابية من هدم للآثار في مكة والمدينة، وقد كتب مع مجموعة من العلماء رسالة في
ذلك.
بعدما أمضى عمره الحافل بالعمل الدؤوب، والمآثر الخالدة،
والخدمات العلمية والدينية الجليلة، وافاه الأجل بباكستان في غرة ربيع الآخر عام
1373هـ ..انظر في ترجمته كتاب الأستاذ الدكتور محمد أكرم الندوي: (السيد سليمان
الندوي أمير علماء الهند في عصره وشيخ الندويين)
[1218] كانت جامعة (مدراس) قد أباحت لبعض أحبار المسيحية من
الأمريكيين وغيرهم إلقاء محاضرات في البحوث التي وقفوا حياتهم عليها.. وقد سبقت
محاضراتهم محاضرات السيد سليمان الندوي.
[1219] ما نذكره هنا من الدليل على نبوة محمد (ص) هو مجرد دليل واحد..
وهو مرتبط بهذا الباب الذي نحن فيه.. أما الأدلة على نبوة محمد (ص) فلا يمكن حصرها.. وهذه
السلسلة ـ بجميع أجزائها ـ مجرد محاولة بسيطة لجمع ما أطقنا منها وترتيبه.
[1220] ننبه إلى أننا في هذا الفصل استفدنا من كتاب
(الرسالة المحمدية) للسيد سليمان الندوي.. وقد اختلط أسلوبنا فيه بأسلوبه بناء على
الضرورة الفنية.. ولذلك لم نلجأ للتوثيق كل مرة.
وقد اخترنا كتابه ذلك باعتباره من أهم ما ألف في هذا
الباب.. والكتاب كما عرفه صاحبه عبارة عن (ثماني خطب في ثماني نواح من السيرة النبوية ـ
علَى صاحبها الصلاة والتحية ـ، ألقيتُها سنة 1344هـ باللغة الأردية ـ لغة عامة
الهند ـ علَى جماعات من شباب المسلمين وطلبة الكليات في مدينة مدراس بالهند؛
فاستمع لها الحاضرون بآذان صاغية، وتلقاها المستمعون بقلوب واعية، وقرَّظَتها
الصحف والمجلات بكلمات مشجعة، وامتدحها أهل الفضل بالثناء والإطراء؛ جزاهم الله
خيرًا)
وقد استعرض في محاضراته هذه كل ما نشرته أقلام الغرب من
السموم لتوجيه الطعن ضد الإسلام، والنيل من نبيه الكريم محمد (ص)، فجاءت هذه المحاضرات لتبين أن
سيرة النبي الكريم محمد (ص) هي الوحيدة التي ينبغي أن يتخذ منها الناس أسوة حسنة مباركة، وهي التي
تضمن لهم الفوز في الدنيا والآخرة، وأنها لا تقتصر على الكلام، وإنما تنبني
دعائمها على العمل والتطبيق والتنفيذ، ولا توجد هناك أي مقارنة بين سيرة النبي (ص) وسير زعماء العالم ومؤسسي الديانات
والمذاهب الأخرى.
وقد لقيت هذه المحاضرات استحسان الكثير من العلماء، قال
الأستاذ معين الدين أحمد الندوي: (هذا الكتاب يشتمل على مئة وخمسين صفحة، ولكنه
يفوق المؤلفات الضخمة حول السيرة في وفرة المعلومات وندرة البحوث وشمول النفع
وكفاءة مفخرة للمؤلف)
[1221] عبر السيد سليمان الندوي عن هذه الشروط بقوله: (إنّ
حياة العظيم الَّتِي يجدر بالناس أن يتَّخِذوا منها قدوة لهم في الحياة؛ ينبغي أن
تتوفَّر فيها أربع خصال:
1ـ أن تكون تاريخيّة؛ أي: أن التاريخ الصحيح الممحّص
يصدِّقها ويشهد لها.
2ـ أن تكون جامعة؛ أي: محيطة بأطوار الحياة ومناحيها
وجميع شؤونها.
3ـ أن تكون كاملة؛ أي: أن تكون متسلسِلة، لا تنقِص
شيئًا من حلقات الحياة.
4ـ أن تكون عمليّة؛ أي: أن تكون الدعوة إلَى المبادئ
والفضائل والواجبات بعمل الداعي وأخلاقه، وأن يكون كل ما دعا إليه بلسانه قد حقّقه
بسيرته، وعَمِلَ به في حياته الشخصيّة والعائليّة والاجتماعيّة؛ فأصبحت أعماله
مُثُلًا عُلْيا للناس يأتَسون بها)
وقد رأينا اختصارها في الشرطين اللذين ذكرناهما.
[1222] انظر رسالة (الكلمات المقدسة) من هذه السلسلة.
[1223] انظر التفاصيل الوافية الدالة على هذا في رسالة (الباحثون عن
الله) من هذه السلسلة.
[1224] انظر تفاصيل هذه المسألة في رسالة (أسرار الأقدار)