responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : النبي الإنسان نویسنده : د. نور الدين أبو لحية    جلد : 1  صفحه : 496
المقارنة بين جانبها النظري، وجانبها التطبيقي الواقعي.

لقد رأيت النصوص المقدسة من القرآن والسنة تحث على ذكر الله ومحبته، فرحت أبحث عن حياته في هذا الجانب.. فرأيتَها ملائمة غاية الملاءمة لهذه الدعوة.. بل إني وجدته لا تمضي عليه ساعة من نهار أو ليل إلَّا وهو يذكر الله بقلبه ويحمده بلسانه؛ فكان لسانه رطبًا بذكر الله؛ لا يفتر عنه طرفة عين، حتى إن أذكاره ودعواته الَّتِي حفظها الناس عنه في مختلف الأحوال شغلت فراغا واسعًا من كتب الحديث، ومَن قرأ هذِهِ الأدعية؛ يقضي العجب ويُوقِن بأنه كان يحب الله ويخشاه ويهاب جلاله؛ فكان كما وصف القرآن عباد الله الصالحين:﴿ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ ﴾ (آل عمران: 191)

ورأيت النصوص المقدسة تأَمر بالصلاة، وتحضّ علَى إقامتها والمحافظة عليها أشد المحافظة.. فرحت أبحث عن حياته في هذا الجانب.. فرأيت محمدا يُقيم الصلاة ويحافظ عليها أكثر من غيره؛ كان المسلمون يقيمون الصلوات المفروضة خمسًا، بينما كان هو يتطوع بالزيادة علَى ذلك.

وكان عامة المسلمين يصلّون سبع عشرة ركعة المكتوبة عليهم، وكان هو يصلّي في اليوم والليلة خمسين إلَى ستين ركعة من المكتوبة والنوافل.. لقد سقطت عن عامَّة المسلمين فريضة التهجّد بعدما فُرِضَت عليهم الصلوات الخمس، لكن محمدا كان يقوم الليل ويصلّي صلوات لا تَسَل عن حُسنهن وطُولهن؛ حتى كانت قدماه تتورمان من طول القيام.

وكان في هذِهِ الصلوات معنى محبة الله أغلب عليه من معنى الخوف؛ فكان يطيل الركوع حتى يُخيّل إلَى مَن يراقبه أنه ربما قد نسي السجود.. وكان يُقيم صلاته من بدء الوحي في فناء بيت الله أمام المشركين الَّذِين كانوا يعادونه ويؤذونه إيذاء شديدًا، وقد هجم عليه بعض المشركين وهو في الصلاة؛ فلم يترك صلاته خوفًا منهم.

وكان جَنباه يتجافيان عن المضجع، وكان قليلًا من الليل ما يهجع، ويَبيت ساجدًا أو قائمًا والناس نيام. وأشد ما يكون إقام الصلاة حين يلتقي الجمعان في ساحة الحرب، والسيوف مصلّتة، والرماح مشرعة، والقلوب واجفة، ومع ذلك؛ فإنه إذا حان وقت الصلاة والحرب ؛ اصطف المسلمون للصلاة ونبيّهم إمامهم؛ فيتناوب بعضهم الصلاة وبعضهم الحرب، وإمامهم ثابت في الحالَين إلَى أن يؤدوا فريضة الله لا يمنعهم عنها مانع.

هذا ما كان عليه محمد من عبادة الله وذِكره، وهذا ما تركه خَلْفَه لمن يتأسّون به

نام کتاب : النبي الإنسان نویسنده : د. نور الدين أبو لحية    جلد : 1  صفحه : 496
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست