responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : النبي الإنسان نویسنده : د. نور الدين أبو لحية    جلد : 1  صفحه : 495
شيء مما يصيب عامة الناس؛ حتى لقد دَعَوه (الأمين)، وإن قريشًا بعد بعثته وادِّعائه النبوة كانوا يُودِعُون عنده ودائعهم وأموالهم؛ لعظيم ثقتهم به، ولاشك أنكم تعلمون أن محمدا لما هاجر من مكة خلَّف فيها عليًّا؛ ليرد ما كان لديه من الودائع إلَى أهلها.. فقريش خالفوه أشد الخلاف في دعوته، ولم يتركوا سبيلًا إلَى ذلك إلَّا سلكوه؛ فقاطعوه وعاندوه، وصدوه عن سبيله، وألقوا عليه سَلي جَزُور وهو يصلي، ورموه بالحجارة، وأرادوا قتله، وكادوا له كيدهم، وسَمّوه ساحرًا، ودَعَوه شاعرًا، وفنّدوا آراءه، وسخفوا حِلمه، لكنهم لم يجرؤ أحد منهم علَى أن يقول شيئًا في أخلاقه، ولا أن يرميه بالخيانة، أو يَنسب إليه الكذب في القول، أو إخلاف الوعد، أو إخفار الذّمّة، أو نقض العهد.

لقد أنفق أعداؤه أموالهم، وبذلوا نفوسهم في عداوته، وضحوا بفلذات أكبادهم في قتاله؛ حتى قُتِل منهم وجُرِح كثيرون، لكنهم لم يستطيعوا أن يدنِّسوا سمعته الطاهرة، ولا أن يَصِمُوه بشيء في عظيم أخلاقه.. لقد كانت أحواله وشئونه وهديه ظاهرة لجميع الناس معلومة لهم، استوى في ذلك أحبابه وأعداؤه، ولم يخف عليهم شيء من أمره.

لقد كان عظماء قريش مجتمعين ذات يوم في ناديهم؛ فجرى ذكر محمد، وفيهم النضر بن الحارث ـ وكان رجلًا داهية محنّـكًا وعالمًا بالأخبار ـ ؛ فقال لهم: يا معشر قريش؛ لقد أعياكم أمر محمد، وعجزتم عن أن تدبروا فيه رأيًا لما أصابكم به! إن محمدًا قد نشأ فيكم حتى بلغ مبلغ الرجال، وكان أحب الناس إليكم وأصدقهم فيكم واتخذتموه أمينًا، فلما وخطه الشيب، وعرض عليكم هذا الأمر؛ قُلتم: ساحر وكاهن وشاعر ومجنون! تالله لقد سمعتُ كلامه؛ فليس فيه شيء مما ذكرتُم!

وأبو جهل كان أشد الناس عداوة لمحمد، وقد قال له ذات يوم: يا محمد؛ إني لا أقول أنك كاذب؛ لكني أجحد الَّذِي جئتَ به وما تدعو إليه.

ولما تلقَّى محمد أمر ربه بأن يدعو ذوي قُرباه إلَى الإسلام، وينذر عشيرته الأقربين صعد الجبل ونادى: يا معشر قريش. فلما اجتمعوا قال: هل كنتم مصدقيّ إن قلتُ إنّ جيشًا قد بلغ سفح هذا الجبل؟ قالوا: ما جربنا عليك كذبًا قطّ([1234]).

الأعمال:

قال رجل من الجمع: عرفنا هذا المسلك.. وهو مسلك محترم معتبر.. فحدثنا على بحثك في المسلك الثاني.

قال: لم أكتف بتلك الشهادات.. بل رحت أبحث في سيرة محمد نفسها، محاولا


[1234] رواه البخاري.

نام کتاب : النبي الإنسان نویسنده : د. نور الدين أبو لحية    جلد : 1  صفحه : 495
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست