قال الشاب: عرفت
الركن الأول من أركان العرفان.. وهو تجلي الحقائق في البصائر، كتجلي المبصرات
للأبصار.. فما الصحبة؟
قال جعفر: لا يمكنك
أن تصاحب من لا ترى.. ولا يمكنك أن تصاحب من لا تسمعه ولا يسمعك..
قال الشاب: تقصد أن
ثمرة اليقين الصحبة؟
قال جعفر: أجل.. فمن
عرف الله لم يحد إلا أن يصحبه ويلجأ إليه ويستعيذ به ويدعوه ويناجيه.. ويشعر أنه
أقرب إليه من كل شيء.
لقد رأى النبي (ص) بعض أصحابه يرفعون
أصواتهم بالتكبير، فقال: (أيها الناس أربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصم ولا
غائبا، إنما تدعون سميعا قريبا.. إن الذى تدعونه أقرب الى أحدكم من عنق راحلته)([30])
قال الشاب: لقد رأيت
بعض من هجم بهم اليقين على حقيقة العلم يصيحون ويزعقون.. بل إن بعضهم قد يتفوه
بكلام يستعيذ منه إن هو عاد إلى حاله.. وبعضهم يزعم أن هذا من مظاهر العرفان.. ومن
لم يحصل له هذا لا حظ له من اسم العارف.
قال جعفر: ذلك الشطح،
وتلك الطامات.. وأحسن ما يقال فيها إن كان أصحابها