وكان من سنته (ص) في الكلام أن يرسله واضحا مفصلا، لا يحتاج
المستمع إلى عناء في سماعه أو فهمه وفعن جابر قال: (كان كلام رسول الله (ص) ترتيلا([1099])ـ أو
ترسيلا([1100]) ـ)([1101])
وكان
من سنته (ص) أن يكرر الكلام ـ إذا اقتضى المقام ذلك
ـ حتى يعقل عنه.. فعن ابن عباس قال: (كان رسول الله (ص)
إذا تحدث بالحديث، أو سئل عنه كرره ثلاثا ليفهم عنه)([1102])
وكان
(ص) تأليفا لقلوب مستمعيه يجمع بين حديثه
وابتسامته.. فعن أبي الدرداء قال: (ما رأيت رسول الله (ص)
يتحدث حديثا إلا وهو يتبسم في حديثه)([1103])
وعن ابن عباس قال: (كان
رسول الله (ص) إذا تكلم يرى كالنور من
بين ثناياه)([1104])
وكان
(ص) لا يتكلم إلا عند الحاجة.. فعن هند بن
أبي هالة قال: (كان رسول الله (ص) لا يتكلم في غير حاجة،
طويل السكت([1105])،
يفتتح الكلام، ويختتمه بأشداقه([1106])،
ويتكلم بجوامع الكلم([1107])،
فصلا لا فضول فيه، ولا تقصير)([1108])
وعن أم معبد قالت: (كان
رسول الله (ص) إذا صمت فعليه الوقار،
وإذا تكلم سماه وعلاه البهاء، كان حسن المنطق)([1109])
[1106] أراد هند بهذا أنه (ص) كان رحب الشدقين، أما ما جاء عنه (ص) في المتشدقين، فإنه
أراد به الذين يتشدقون إذا تكلموا، فيميلون أشداقهم يمينا وشمالا، ويتنطعون في
القول..
[1107] جوامع الكلم: القليلة الألفاظ، الكثيرة المعاني، جمع
جامعة: وهي اللفظة الجامعة للمعاني، لا فضول فيه، والفضول من الكلام ما زاد على
الحاجة وفضل، ولذلك عطف ولا تقصير.