ولم يكن رسول الله
يكتفي بالبكاء.. بل كان
يضم إليه الدعاء للميت، وتسلية أهل المتوفى والتخفيف عليهم بذلك.. فعن أبي النضر
قال: دخل رسول الله على عثمان بن
مظعون، وهو يموت، فأمر رسول الله بثوب
فسجي عليه، وكان عثمان نازلا على امرأة من الأنصار، ويقال لها: أم معاذ قالت: فمكث
رسول الله مكبا عليه طويلا، وأصحابه
معه ثم تنحى رسول الله فبكى، فلما بكى بكى
أهل البيت، فقال رسول الله (رحمك
الله أبا السائب)([1090])
وعن أم سلمة أن رسول
الله (ص) دخل على أبي سلمة يعوده
فوافق دخوله عليه، وخروج نفسه فتكلم أهله عند ذلك بنحو ما يتكلم أهل الميت عنده،
فقال رسول الله (ص): (لا تدعوا على
أنفسكم إلا بخير فإن الملائكة تحضر الميت فيؤمنون على دعاء أهله) فأغمضه، وقد شق
بصرة، وقال: (إن الروح إذا قبض تبعه البصر)، ثم قال: (اللهم اغفر لأبي سلمة، وارفع
درجته في المهديين، وأعظم نوره، واخلفه في عقبه)([1091])، وفي
لفظ (واخلفه في تركته في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين، وافسح له في قبره،
ونور له فيه)، وفي لفظ: (أوسع له في قبره)
قال
الرجل: فحدثنا عن القيام للجنازة.. فقد رأينا بعضهم يذكر أن القيام لها بدعة.
قال
الصالحي: بئس من قال ذلك.. كيف تكون بدعة وقد فعلها رسول الله (ص).. فعن
جابر قال: مرت جنازة فقام لها رسول الله (ص)
وقمنا معه فقلنا: يا رسول الله: إنها يهودية، فقال: (إن للموت فزعا، فإذا رأيتم
الجنازة فقوموا)([1092])
وعن سهل بن حنيف، وقيس بن
سعد ـ ما ـ أن رسول الله (ص) مرت به جنازة
فقام، فقيل يا رسول الله: إنها جنازة يهودية، فقال: (أليس نفسا؟)([1093])
وعن علي قال: رأيت رسول
الله (ص) قام فقمنا، وقعد فقعدنا،
يعني في الجنازة([1094]).