قلت: لقد صحبت رجالا من
ورثة محمد.. ولكني لم أسمعهم يذكرون ما ذكرت.
قال: الناس مختلفون في
ميراثهم بقدر اختلافهم في أنسابهم.
قلت: رأيت بعضهم يركز على
العرفان؟
قال: لأنهم لم يروا في
رسول الله إلا العارف.. فحجبوا بالعارف عن العابد والزاهد والعالم.. والإمام
والقائد.
قلت: ورأيت بعضهم يركزون
على السياسة؟
قال: لقد حجب هؤلاء
بالرسول القائد عن الرسول الإمام والرسول العارف.
قلت: ورأيت بعضهم يركز على
مظاهر معينة يختصر فيها السنة؟
قال: فهؤلاء حجبوا بالرسول
البشر عن الرسول الذي اجتمعت فيه كل خصائص الكمال الإنساني.
قلت: فهل تأذن لي في صحبتك
لأتعلم منك كيف كان رسول الله (ص)؟
قال: أنا أحقر من أن أمثل
رسول الله (ص).. ما أنا إلا بركة صغيرة
تريد أن تضم الشمس على صفحتها.
قلت: فأذن لي أن أتفرج من
خلال صفحتك على شمس رسول الله.
قال: سر معي كما تشاء..
فلن أمنع شخصا من السير معي.. ولكني لن أرضى منك أن تقلدني في شيء.. فلذلك سلني عن
كل ما أفعله، فإن كان من شمس رسول الله فعليك به، وإن كان مني فلا أنصحك به.
لقد ذكر كل ورثة رسول الله
(ص) هذا..
فالعارفون رددوا جميعا ما
قاله أبو سليمان الداراني، حين قال: ربما تقع في نفسي النكتة من نكت القوم أياما
فلا أقبل منه إلا بشاهدين عدلين الكتاب والسنة.
ورددوا ما قاله أبو يزيد
البسطامي حين قال: (لو نظرتم إلى رجل أعطي من الكرامات حتى يرتفع في الهواء فلا
تغتروا به حتى تنظروا كيف تجدونه عند الأمر والنهي وحفظ الحدود)، وحين قال: (من
ادعى باطن علم ينقض ظاهر حكم فهو غالط)
ورددوا ما ذكره الجنيد حين
قال: (مذهبنا هذا مقيد بالأصول الكتاب والسنة)،