قلت: ألم يستطع بوذا أن يجعلك إنسانا؟
قال: لقد كان بوذا عظيما.. ولكن ما وصلنا عن بوذا لم يكف ليجعلني إنسانا.
قلت: وزرداشت؟
قال: مثله.. لقد كان عظيما.. ولكن ما وصلنا عنه لم يكف ليجعلني إنسانا.
قلت: وكونفوشيوس؟
قال: مثلهما.. لقد كان عظيما.. ولكن ما وصلنا عنه لم يكف ليجعلني إنسانا.
قلت: والمسيح.. ذلك الذي امتلأ بالطهر والكمال؟
قال: لقد كان عظيما.. ولكني لم أجد في الأناجيل ما أتمسك به لأصير إنسانا.
قلت: فلم تجد غايتك إلا عند محمد؟
قال: أجل.. لقد وجدت كل شيء عنده.. كل لطائفي غذيت بلطائفه.. وكل أسراري غذيت بأسراره..
لقد وجدت فيه العارف الذي انفتحت له مفاتيح أسرار الوجود، فهو ينهل منها، ويرتوي من عيونها.
ووجدت فيه العابد الذي ملأ كل أركانه عبادة وتسبيحا وذكرا..
ووجدت فيه الزاهد الذي راوده كل شيء عن نفسه، فلم تزع عينه ولم تطغ.
ووجدت فيه الورع الذي لم تنحرف به أهواؤه ليزاحم بها أوامر الله.
ووجدت فيه العالم الذي فقه أسرار الحياة.. كما فقه قبلها أسرار الوجود.
ووجدت فيه الإمام الذي استطاع أن يؤسس دولة الروح..
ووجدت فيه القائد الذي استطاع أن يؤسس دولة الأجساد..
ووجدت فيه الطبيب الذي يمسح عن نفوسنا آلام الكآبة، وكدورات الاضطراب.
ووجدته مع ذلك كله بشرا كالبشر يأكل ويشرب ويسير في الأسواق..
ووجدته فوق ذلك كله رسولا له من العلاقات مع السماء ما يفوق علاقاته مع