responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : النبي الإنسان نویسنده : د. نور الدين أبو لحية    جلد : 1  صفحه : 23
قال: لقد كان ركون المسكين للدنيا، واستغراقه فيها حجابا عظيما حال بينه وبين محمد (ص).. فراح يعمل عقله، وأهواءه، ويصور بها محمدا (ص)، ودين محمد (ص).

قلت: فكيف انصرفت عنه؟

قال: لقد قدر له أن يفوز في بعض الانتخابات، ولم يكن للمسكين من الترفع ما يجعله يزهد في تلك المكاسب المغرية التي كانت تلوح له.. ولم يكن له من المعرفة بمحمد (ص) ما يجعله يحتذي حذوه.. فلذلك راح بكل ما أوتي من نهم وجشع وحرص يملأ نفسه وأهواءه بجميع أنواع الملذات..

وقد نسي المسكين في غمرة تلك اللذات التي فتحت عليه القرآن الذي كان يحفظه، فلم يبق له منه غير قوله تعالى:﴿ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ﴾ (القصص: 77)، وقوله تعالى:﴿ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ﴾ (لأعراف: 32)

ولم يبق له من السنة التي كان يحفظ أحاديثها عن ظهر قلب إلا حديث واحد كان يردده في كل المجالس: (إن الله تعالى يحب أن يرى أثر نعمته على عبده)([7])

قلت: فقد زهدت فيه إذن لأجل ذلك؟

قال: لم أزهد فيه أنا وحدي.. بل زهد فيه الكل.. وأول من زهد فيه المستضعفون الذين كانوا ينظرون إليه كما كان المستضعفون ينظرون إلى محمد (ص).. لكن المسكين خيب آمالهم، فشغلته نفسه عن الكل.

قلت: فهل بحثت عن وارث آخر لرسول الله (ص)؟

قال: أجل.. لقد رأيت رجلا سمعت أنه قطب الأقطاب، وغوث الأغواث، ووتد الأوتاد، فهرعت إليه، وقلت: لن يفهم محمدا (ص)، ولن يمثله إلا رجل كهذا.. فهو يتحدث في الأعماق، ولا يكتفي بالظواهر.

قلت: فكيف وجدته؟

قال: لقد كان حجابا عظيما حال بيني وبين شمس محمد (ص).

قلت: كيف ذلك.. وقد زعمت أنه قطب الأقطاب، ولن يصير المرء قطبا حتى يكون وارثا؟


[7] رواه الترمذي والحاكم.

نام کتاب : النبي الإنسان نویسنده : د. نور الدين أبو لحية    جلد : 1  صفحه : 23
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست