قال: لقد ورث
المسكين القطبية عن أبيه، وأبوه ورثها عن جده، وقد تركته يعلم ولده أسرار القطبية.
قلت: وما أسرارها؟
قال: جاه عريض، وأموال
يكسبها من حلها وحرامها.. وناس يتمسحون بقدمه وحذائه وفتات خبزه.
قلت: ذلك ما ناله، فما
الذي أعطاه حتى يظفر بكل هذا؟
قال: لقد صحبته مدة أبحث
عن صورة محمد (ص) في ذهنه، فوجدتها
صورة مشوهة قد خنقتها الأساطير والخرافات.. بل الكون كله مشوه في ذهنه.. ولا يمكن
لمن تشوشت بركته هذا التشويش أن يمثل حقيقة شمس محمد (ص).
قلت: لقد مررت بكل هؤلاء
في طريقك للبحث عن الوارث؟
قال: أجل.. ومررت بكثير
غيرهم.. وقد رأيت نفرا كثيرا من المسلمين ومن قومي توقفوا عند آحادهم، ولولا أن من
الله علي لكنت الآن محجوبا بالحجب التي عرضت لهم.
قلت: فهل ظفرت بالوارث
الكامل؟
قال: لقد من الله علي
بذلك.. وقد صحبته دهرا من الزمن.. ولا أزال إلى الآن أتزود من ثمار صحبتي له.
قلت: فهل ستحكي لي قصتك
معه؟
قال: من قصتي معه ما يمكن
أن يحكى، وما يمكن للسان أن يعبر عنه.. ومنها ما لا تستطيع جميع وديان البلاغة أن تعبر
عنه.
قلت: فحدثني بما أطقت أن
تحدثني عنه، وقرب لي ما لم تستطع التعبير عنه.
قال: بعد أن امتلأت يأسا
من أن أجد الوارث الذي تتجلى في مرآته شمس محمد (ص) كاملة
غير محجوبة بشيء.. جاءني خطاب من أخي ـ الذي لا زال تترقى به الدرجات في سلم
الكنيسة ـ يأمرني فيه بأن أسير إلى أرض من بلاد الله هي أشبه بلاد الله بالبلاد
التي ولد فيها محمد (ص).. اختلطت فيها
الأديان والمذاهب والفلسفات حتى صارت، وكأنها متحف لها.
قلت: فما الوظيفة التي
ندبك إليها في هذه البلاد؟
قال: لقد ذكر لي في رسالته
أن بتلك البلاد رجل من المسلمين هو أشبه الناس