ذلك أن
القانون الاجتماعي صار جزءًا متماسكًا مع القانون الديني، كما كان احترام القانون
الاجتماعي جزءًا مكملاً لطاعة الله تعالى. كان الوحي بذاته – إذن – هو الأساس المشترك للعقيدة وللتنظيم الزمني. فكان
المجتمع نفسه هو الدولة والدين، ولم يتسنّ لأحدهما أن يبقى وحده نظامًا قائمًا
بذاته.. لقد كان هذا التوجيه حاسمًا، ولم تستطع العقول أن تتخلى عنه إلى مدة غير
قصيرة، وكان من نتائجه في العصور التالية أن الرجل المسلم أصبح يطلب من نظامه
السياسي أن يكون على جانب من الكمال، فإن فقد ذلك فقد أيضًا مبدأ الطاعة المحتمة
عليه إزاء هذا النظام)([363])
ويشيد بعلم الحديث، وقدرته التمحيصية، باعتباره
العلم المصفي لكل ما ورد عن رسول الله (ص)،
فيقول: (الحق أننا نتجاوز النقد العلمي الصحيح إذا نحن أنكرنا على كل حديث صحته أو
قدمه. ولقد باشر العلماء بمثل هذا التمحيص منذ عهد بعيد فوجدوا أن التحريف أو
التلفيق قد لا يعمّان على نسق واحد واستندوا في ذلك إلى بعض الأحاديث التي يمكن
اعتبارها سابقة أو حجة يعتد بها. بمعنى أن الموقف النقدي مفروض على الباحث المنصف.
وفقهاء المسلمين أنفسهم هم قدوة لنا في هذا المضمار لأنهم – على طريقتهم – قد التزموا بذلك الموقف منذ العصر الوسيط)([364])
قلت: فحدثني عن شهاداته عن الإسلام.
قال: يتحدث كلود كاهن عن ميزة اجتماع الدين والدنيا
في الشريعة الإسلامية، وهي الميزة التي تفتقدها سائر الأديان، فيقول (تملي شريعة
الإسلام فرائض على الناس تجاه خالقهم، وتجاه
[363] الوحدة
والتنوع في الحضارة الإسلامية (تحرير كرونباوم)، ص 200 – 201.