قال: أقول الحقيقة.. لقد كنت أطالع وجوه
المتحدثين.. فلم أر فيها أي نسمة من نسمات الصدق.. وكنت أحلل تلك الدموع، فلم أرها
غير دموع التماسيح.. وكنت أحلل تلك الكلمات، فلم أرها غير أكاذيب المنافقين..
قلت: فكيف عرفت بارتداد القلوب عنه؟
قال: لأن القلوب لا يمكن أن تظل على النفاق..
والأعين لا يمكن أن تظل ترسل دموع التماسيح.
قلت: كل الناس يحصل لهم هذا.. يمدحون، ثم يهجون..
ويشكرون ثم يكفرون.
قاطعني، وقال: إلا الصادقون.. فالقلوب لا تزداد لهم
إلا محبة.. والأعين لا تزداد لهم إلا شوقا.. والأفواه لا تزداد لهم إلا مدحا.
قلت: فمن هؤلاء !؟
قال: أنا أبحث عنهم.. لقد اتخذت دفترا أسجل فيه
منحنيات الحب والبغض..
قلت: هذه أول مرة أسمع بهذا النوع من المنحنيات.
قال: لأن البشر انشغلوا بمنحنيات العمران عن
منحنيات الإنسان.