لقد بقي كتاب (القانون) في
الطب لابن سينا يُدرّس في بروكسل ـ بلجيكا ـ حتى 1909م، ومثل ذلك كتب الجبر،
والرياضيات، وعلوم الطب، والصيدلة، وعلم الحيل (الميكانيك)، والكيمياء، والنبات،
كل ذلك انتقل إلى جامعاتهم، واستمر تدريس تلك الكتب لعدة قرون، وبذل علماؤهم
جهوداً كبيرةً في الدراسة التطبيقية والتجريبية حتى وضعوا بلادهم على عتبة الحضارة
الحديثة والمعاصرة، وعجّت معاجمهم بالمفردات والمصطلحات العربية الإسلامية
العلمية، على اختلاف أنواعها مع شيء من تطويع هذه المفردات لإدخالها في لغتهم.
ومن تلك الجسور جسر صقلية
وجنوب إيطاليا، فقد فتح العرب المسلمون صقلية في العهد العباسي، وحيثما حلّ العرب
حلّت معهم رسالتهم وعلومهم.
وحتى عندما غادر العرب
جنوب إيطاليا وصقلية على يد روجر النورمندي، حرص روجر على تشجيع العرب المسلمين
للبقاء في صقلية، وذلك لعلمه بغزارة علومهم وعظمة حضارتهم، ومنهم الشريف الإدريسي
الذي رسم العالم المعروف لديه على لوح من الفضة وأهداه للملك، كما أهداه كتاباً في
الجغرافية هو (نزهة المشتاق في اختراق الآفاق)([39])
كما شجع روجر ترجمة العلوم
العربية الإسلامية إلى لغتهم، وسار على نهجه من بعده، أمثال فريدريك ملك صقلية،
الذي بشّر بالحضارة الإسلامية في أوروبة، وبنى مدرسة للطب في سالرنو، وأسس جامعة
نابولي.. وهكذا وجدت الحضارة العربية الإسلامية طريقاً ثالثاً سلكته إلى
[39] انظر: الإسلام
والحضارة العربية، محمد كرد علي: 1/284.