لقد كان من تلك
الجسور التي وصلت أوروبا بالإسلام جسر الأندلس([38]).. أو
إسبانية حالياً.. فالأندلس قطعة من أوروبة، تجاور فرنسا وهي قريبة من إيطاليا وإنكلترا
وغيرها من الأقطار الأوروبية.
وقد أرسلت كثير من البلاد
الأوروبية أبناءها على شكل بعثات ترعاها مستويات رسمية عالية، للدراسة في بلاد
الأندلس.. وتصدى كثيرٌ منهم للقيام بعملية ترجمة لأمهات كتب التراث العربي
الإسلامي إلى اللاتينية وغيرها، وعلى رأس ذلك كله القرآن، وقد بدأوا بدراسة
العلوم، واستمر الانتفاع مما لدى أهل الأندلس من علوم نظرية وفلسفية وعلوم مادية
وتطبيقية طيلة وجود العرب في الأندلس.
وبذلك تعتبر المكتبة
الإسبانية العامة في مدريد من المكتبات المهمة التي تحتوي على الكثير من المخطوطات
العربية والإسلامية، التي تصدى الغرب لدراستها والانتفاع منها بعد نقلها إلى
لغاتهم، وهكذا كانت بذور النهضة الأوروبية.
ومن تلك الجسور الحروب
الصليبية التي وضعت الأوروبيين في مواجهة مباشرة مع الشرق وحضارته وعلومه، ورغم
الإساءة في البداية إلى التراث العربي الإسلامي إذ حرق الصليبيون في أنطاكية عند
الاستيلاء عليها الكثير من المخطوطات العربية الإسلامية، فقد التفت الأوروبيون إلى
ضرورة الانتفاع من هذا التقدم الذي يشاهدونه، فنقلوا في سفنهم كل ما استطاعوا نقله
من كتب، وأدوات، ومحاصيل يمكن زراعتها في بلادهم، حتى الحِرَف المختلفة نقلوها إلى
بلادهم، ونشطوا في إقامة المعاهد والجامعات وتدريس كتب العرب المسلمين في
[38] انظر: الثقافة
الإسلامية وأثرها في الحضارة، الأستاذ محمود الشرقاوي.