فالداروينية ولدت
فى النفسية الأوربية شعورين عميقين لا يمكن للفن الأوروبى مهما تعددت مدارسه
ومناهجه إلا أن يكون تعبيراً عن أحدهما:
أما الأول، فحيوانية
الإنسان التى تلغى المشاعر الروحية تماماً، وتجعل الكائن البشرى كتلة من اللحم كأى
حيوان آخر لا هم له إلا إرواء غرائزه البهيمية، والحصول على أكبر قسط من المتاع
الجسدى المحض.
وأما الثاني، فالشعور
بتفاهة الحياة وحقارتها ونفى أي غاية سامية لوجودها، وهو الشعور الذى عبرت عند
مدارس الضياع المختلفة تحت أسماء وشعارات شتى([391]).
وأما الفرويدية، فقد عمقت
الاتجاه الحيواني موصلة إياه إلى الحضيض.. وقد صاغته فى فلسفة نظرية منمقة تجعل
الوصال الجنسى هو الغاية والوسيلة، بل تجعله محور الحياة ومحور البحث ومناط
التفكير وعلة العلل.
وعمقت كذلك الشعور بالضياع
والحيرة، لأن فلسفتها الجنسية ـ حول العقل الباطن واللاوعى واللاشعوري والأنا
المثالية ـ قدمت العوض المعاكس للإيمان والإحساس الروحى.
قلت: هذه البذور.. فما
الثمار؟
قال: لا يجنى من الشوك إلا
الشوك.. لقد جنينا وجنت أخلاقنا وقيما من ذلك الزقوم الذي غرسه أولئك الشياطين ما
لا نزال نصلى بناره.