ولهذا ينتقد
الرومانسيون الكلاسيكية بأن الهدف منها تصوير البشر، لا كما هم فعلياً ولكن كما هم
مثالياً..مما جعل الأدب تقليدا وليس تعبيراً، ولذلك فقد أهمل الرومانسيون الملاحم
وحوروا المسرحيات، ونحوا بالأدب منحى شخصياً داخلياً، فالكتابة الفنية تأتى فى
صورة اعترافات أو سيرة ذاتية والشعر يصبح غنائيا عاطفياً يعبر عن المعانى
الوجدانية للبشر كالعشق والفرح والألم ويبتغى ـ بالدرجة الأولى ـ إثارة السامع
وامتاعه.
وكان من أبرز العوامل
الاجتماعية المهيئة لذلك طابع الفروسية التى كانت فى ريعان شبابها إذ احتضنت
الرومانسية حتى اندمجت فى كيانها، وأصبح الرومانسيون اللسان المعبر عن الحياة
الفروسية بخصائصها وفضائلها.
وقد أفصح بعض زعماء المذهب
عن علاقة (رد الفعل) القائمة بين الاتجاه الرومانسى والمسيحية، فالمسيحية كما
عرفوها تكبت الإنسان و(تصيبه بالميلانخوليا)، ومن ثم فهى مسؤولة عما أصاب
الإنسانية من الانطواء والكآبة (وقد عزا الناقد الرومانسى الألمانى شليجل الكآبة
إلى الدين المسيحى الذى جعل الإنسان منفياً يشتاق إلى وطنه البعيد)([387])
وانطلاقاً من ذلك وتمشياً
مع التركيز على التعبير عن الذات جهد أولئك فى أن يحولوا الشرق الصوفى المسيحى
الذى كان يتجه إلى الله أو (يسوع) إلى حب عذرى أو إباحى يعبر عنه فى أسلوب غنائى،
ويتجه إلى الجمال الخارجى للمحبوب الذى كان فى الغالب امرأة وأحياناً (الطبيعة)