قال: ولكنه اهتمام منصرف
عن الركنين الأساسين اللذين يجعلان الأدب سلما للكمال والتهذيب والإصلاح.
قلت: ما تقصد؟
قال: لعل أصدق تعبير عما
حصل في ذلك العصر هو ما قاله مؤلفو كتاب (ثلاثة قرون من الأدب).. لقد قالوا: (إن
القرن الثامن عشر لم يخصص للدين، وإنما خصص للعلم والسياسة، فلم يعد زعماؤه قساً
مسيحيين … بل فلاسفة طبيعيين
….. لقد كان التغير عميقاً ومن
نواح عدة كان القديم والجديد عن طرفى نقيض، فالتطلع إلى ما وراء أشياء هذا العالم قد
تراجع أمام التطلع إلى أشياء هذا العالم، لقد أصبح القديسين الدائر حول محور الله
عالما إنسانيا محوره هذا العالم والحياة التى كانت تسير بهذا الكتاب المقدس، ولم
يعد العالم مكاناً حيث العناية الإلهية دائمة الحضور والفعل تضبط وتدير كل ما يحدث
حتى التافه منه (!) حتى الله ذاته لم يعد شخصياً، أبا يحب ويرهب، بل أصبح قوة
عاقلة سحيقة البعد لا شخصية، (علة أولى) أدارت الآلة وتركتها تعمل بنظام كامل وفق
نواميس رياضية وفيزيائية ويسوع ابن الله أصبح يسوع ابن الإنسان(؟!))
(ولم يعد موضوع
البحث للجنس البشرى هو الله، بل الإنسان)
(وتحسين حال
الإنسان يمكن توقعها لا عن طريق الدين بقدر ما يمكن توقعها عن طريق العلم والتربية
والسياسة التى بها يستطاع إصلاح المجتمع)
هذه هي الميزة الأول
للرومانسية، وعنها نشأ (تأكيدها على سيادة القلب وحياة النفس الداخلية).. أي حصر
كل الاهتمامات فى حدود الكائن البشرى، بل فى أعماق النفس الفردية.