قال: لقد بحثت
المسيحية في الفنون التي تستطيع بها أن تعبر عن ذاتها، فلم تجد إلا الصور
والتماثيل.
قلت: لم اختارتها دون
غيرها؟
قال: هي لم تختر.. ولكنها
فرضت عليها.. المسيحية لم يكن لها من الحصون ما كان للإسلام، فلذلك اخترقت، وسهل
التلاعب بها إلى أن صارت وثنية، أو اقتربت من الوثنية.
فكما اخترقت المسيحية في
عقيدتها وشريعتها.. فقد اخترقت أيضا في فنونها.. بل تحولت فنونها إلى طقوس شعائرية
لا تختلف عن طقوس الوثنيين.
قلت: ولكن شريعة التوراة
تحرم التصوير ونحت التماثيل وتعده من أعمال الوثنيين.
قال: وشريعة التوراة دعت
إلى تقديس السبت.. فهل تراه مقدسا عندنا؟
قلت: لا..
قال: فكذلك هذا.. وكذلك
غيره..
أنت تعلم أن المسيحية كلها
ـ بجميع شعائرها وطقوسها ـ عبارة عن محدثات تروق لرجال الدين.. فيجتمعون.. وسرعان
ما يقررون.. وسرعان ما تتحول قراراتهم المشبعة بأهوائهم.. أو المشبعة بأهواء
السلطة التي تحكمهم إلى دين.. ثم نأتي نحن لنصفها بالقداسة، ونظل نتعبد بها.
قلت: أهذا ما حصل مع الفن
المسيحي؟
قال: أجل.. لقد نشأت
عبادة الصور والتماثيل كأي بدعة أخرى ـ محدودة النطاق ـ ثم نمت تدريجياً وانتشرت
في أرجاء واسعة لكنها لم تدخل في صلب الديانة المسيحية بصفة رسمية