وذلك لأن أخطر ما تنفخه
الصناعة في عقول أصحابها ذلك الاغترار بالقوة، والذي حجبهم عن الله:﴿
فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ
أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ
أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآياتِنَا يَجْحَدُونَ((فصلت:15)
قلت: ربما يكون ما ذكرته
صحيحا.. ولكنه يبقى على المستوى النظري، فلم يستطع المسلمون أن يترجموا تلك
التوجيهات القرآنية إلى أفعال تنهض بالعلم، وتحقق به مصالح البشر.
انتفضت قائلة: لا.. بل لم
يفعل المسلمون غير ما أمرهم به دينهم.. لقد نهضوا ـ على ضوء تلك التوجيهات المقدسة
ـ فحققوا في التراث الذي وصل إليهم من الأمم المختلفة، ونقحوه، وأضافوا إليه كما
كبيرا من العلم لولاه ما قامت الحضارة الحديثة.
قلت: فكيف لم يصلوا إلى ما
وصلنا إليه من تطور؟
قالت: لا شك أنك تعلم أن
التقدم العلمي يسير بطريقة خاصة.. فالمبادئ النظرية قد تستدعي الواحدة منها قرونا
عديدة.. لكن تحويل تلك النظريات إلى تطبيقات عملية لا يستغرق وقتا طويلا..
لقد أجريت مقارنة بين
الفترات الزمنية التي كان يستغرقها الوصول من الكشف العلمي النظري إلى التطبيق في
ميدان الإنتاج منذ عصر الثورة الصناعية حتى اليوم.. فوجدت مدى التسارع الذي يصل
إليه هذا التطبيق العملي.
لقد احتاج الإنسان ـ على
سبيل المثال ـ إلى 112 سنة (1727 - 1839 م) لتطبيق المبدأ