بل إن القرآن دعا إلى بذل
كل الجهود لتحصيل جميع أنواع القوى، ويدخل فيها هذا النوع من أنواع القوى، قوة
الصناعة والسياسة، ففيه:﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا
اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ
اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ((لأنفال:60)
والقرآن لا ينهى عن هذه
العلوم بذاتها، وإنما ينهى على ما تفرزه في الإنسان من قيم الطغيان حين يبتدئ فيها
باسم أهوائه لا باسم الله، فالقرآن يحكي عن هود
قوله:﴿ وَيَا
قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ
عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا
مُجْرِمِينَ((هود:52) فهو لم يخبرهم بأن نتيجة إيمانهم بالله زوال قوتهم التي
كانوا يحرصون على الظهور بها، بل أخبر عن زيادة قوتهم.
بل أخبر القرآن أن القوة
التي لا تستضيء بهدي الله مصيرها الهلاك المحتم، ولذلك يدعو إلى السير في الأرض
للبحث عن مصير الحضارات العظيمة التي لم يبق منها إلا فلول آثار تدل على مدى
طغيانها:﴿ أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا
كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ
قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا
وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ