أنا
المسيح.. فسألوه إذاً ماذا؟ إيليا أنت؟ فقال: لست أنا.. النبي أنت؟ فأجاب: لا)(يوحنا
1/19 - 21)، فهذا نص صريح ينكر فيه يوحنا أنه إيليا الممهد للطريق، كما أنه ليس
المسيح المنتظر أو النبي القادم.
ويلزم من هذا تكذيب المسيح في قوله بأن إيليا قد
جاء، أو أن يكون المعمدان كاذباً حين أنكر أنه إيليا، أو يلزم القول بأن التلاميذ
لم يفهموا كلام المسيح، وهذا الأخير هو الأولى، فقد أخطأ متى حين قال: (حينئذ فهم
التلاميذ أنه قال لهم عن يوحنا المعمدان)، لقد ظنوا أنهم فهموا، بينما الحقيقة
أنهم لم يفهموا، لقد كان يحدثهم عن نفسه، فهو النبي القادم الذي يهيئ الطريق
للقادم المنتظر: (هأنذا أرسل ملاكي، فيهيء الطريق أمامي، ويأتي بغتة إلى هيكله
السيدُ الذي تطلبونه، وملاك العهد الذي تسرون به، هو ذا يأتي، قال رب الجنود)
زيادة على هذا، فإن صفات إيليا لا تنطبق على
المعمدان، لأنه يأتي بعد المسيح، فقد قال المسيح عنه:(إيليا المزمع أن يأتي)،
والمسيح والمعمدان متعاصران.
وعندما يأتي إيليا فإنه (يرد كل شيء)، و (فيرد قلب
الآباء على الأبناء، وقلب الأبناء على آبائهم)، ومثل هذا لم ينقل عن المعمدان الذي
عاش في الصحراء، طعامه الجراد والعسل، ولباسه وبر الإبل، وغاية ما صنعه تعميد من
جاءه تائباً كما في (متى 3/1 - 5)
ولا يمكن التسليم بأن المعمدان كان تمهيداً للمسيح،
إذ كيف يقال ذلك، والمعمدان قبيل مقتله ـ حسب الأناجيل ـ لا يعرف حقيقة المسيح،
ويرسل تلاميذه ليسألوا المسيح: (أنت هو الآتي أم ننتظر غيرك؟)(متى 11/3)
فكيف يقال بأنه أرسل بين يديه، وهو لم يعرف حقيقته؟
ثم ماذا صنع يوحنا بين يدي مقدم