قلت: أراك تريد أن تزين لي ما لا يتزين أبدا.
قال: أرأيت لو دعتك نفسك لأن تكتب شيئا، فهل تكتبه على صفحة بيضاء، أم تكتبه على صفحة ملأتها كتابة؟
قلت: لا شك أني أبحث عن الصفحة البيضاء.
قال: فكذلك عقلك وقلبك لن يفهم الحقائق والعلوم، ولن يذوقها إلا بعد أن يتطهر كما تتطهر الأوراق البيضاء.
قلت: عرفت سر خلع النعلين، فما سر الأسرار التي دعتني العذراء إلى البحث عن صاحبها؟
قال: تلك شمس عظيمة زين الله بها سماء الحقائق، لا تنال بأشعتها شيئا إلا حولته جوهرا من جواهر النور، وياقوتة من يواقيت الهداية.
قلت: فمن هو؟
قال: لقد ذكرت لك أن دوري هو الدلالة، لا التعريف.
قلت: فما الفرق بينهما؟
قال: الدلالة تدعوك إلى البحث والاجتهاد، فتتعرف على الحقيقة بعد أن تعاني الأمرين في الوصول إليها، أما التعريف، فهو تلقين لا يختلف عن التقليد.