وما استتمت هذه العزيمة في نفسي حتى التفت إلى الذي هو بجانبي، فإذا بي أجد صاحبك، مشرقا كالشمس، هادئا كصفحة الماء التي لم تعبث بصفائها التيارات.
قال لي: وأخيرا.. صممت على البحث عن الأسرار التي ذكرتها لك مريم الصديقة.
قلت: كيف عرفت ذلك؟.. لقد كان هذا الحلم بيني وبين نفسي، ولم أبح به إلا لأقرب الناس إلي، والذي يكاد يكون نفسي.
قال: لا تسأل عن الكيف.. فالكيف عقال عقل العقول عن الوصول إلى الحقائق.
قلت: فهل تراك تستطيع أن تفسر لي حلمي؟
قال: أنا لست مفسر أحلام.
قلت: فلم سألتني عنه إذن؟
قال: لأدلك، فقد رأيتك خلعت نعليك، فسارعت إليك.
قلت: لقد ذكرت لي العذراء هذا.. ولم أكن أفهم ما ترمي إليه.
قال: لقد كانت تدعوك لتخلع كل ما تعلمه من علم ورثته، لتبحث عن الحقائق التي يعقلها العقل، لا التي يرثها.
قلت: أتريد مني العذراء أن أصبح جاهلا؟