والقرآن الكريم يبرهن بالدلائل المختلفة على هذه
العبودية التي لا تجد العقول بدا من الخضوع لها، قال تعالى:﴿ مَا الْمَسِيحُ ابْنُ
مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ
صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ
الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ﴾(المائدة : 75)
أما وظيفته، فهو لم يأت إلا بالحكمة التي تملأ
القلوب بالإيمان، والسلوك بالرفعة، قال تعالى:﴿
وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ
وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ
وَأَطِيعُونِ ﴾(الزخرف : 63)
وقد أرسل كسائر النبيين برسالة خاصة إلى قوم
مخصوصين، قال تعالى مبينا إرساله إلى طائفة محددة من البشر :﴿ وَإِذْ قَالَ عِيسَى
ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ ﴾(الصف
: 6)، وقال تعالى:﴿
وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ
وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾(آل عمران : 48)
وقد عرض القرآن الكريم بعض نواحي الرسالة التي جاء
بها المسيح، والتي لا تزال بعض آثارها فيما لم يحرف من نصوص الأناجيل:
فمن رسالته ما نص عليه قوله تعالى:﴿ وَقَفَّيْنَا عَلَى
آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ
التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا
بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ ﴾(المائدة
: 469