إن القرآن الكريم يعرض الصورة الحقيقية للمسيح من
لحظة ولادته إلى نهاية وجوده على الأرض.. فهو يبين حقيقة هذه الشخصية.. ويصور
أهداف دعوتها، وأركان رسالتها، وما أكرمها الله به من معجزات..
إن القرآن الكريم يصف المسيح بأشرف
الأوصاف.. فهو عبد لله ليس إلها، ولا ابن إله.. إنه ابن امرأة طاهرة ظهرت براءتها
على لسان رضيعها، الذي نطق في المهد، مبينا حقيقته ورسالته وسمو أخلاقه، قال تعالى:﴿ فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ
قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا قَالَ إِنِّي عَبْدُ
اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ
مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً وَبَرّاً
بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ
وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّا﴾
(مريم:29 ـ 33)
وما كانت ولادته بهذه الصورة، إلا لأنه آية للناس
على قدرة الله.. وقد سبقه في الولادة بهذه الطريقة المعجزة آدم أبو البشر، ولهذا
قرن الله بينهما، فقال:﴿ إِنَّ
مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ
لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾(آل عمران : 59)
والمسيح ـ في النظرة القرآنية ـ لا يختلف عن إخوانه
من النبيين والمرسلين، فهو بشر مخلوق، ونبي مرسل، قال تعالى:﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ
أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ﴾
(الزخرف:59)
ولذلك هو يمتلئ تواضعا وعبودية لخالقه، بل يتشرف
بذلك، قال تعالى:﴿ لَنْ
يَسْتَنْكِفَ