قال: إن عزلك عقلك عن المسيح، فاعزله، فلا خير في
عقل يحول بينك وبين ملكوت الله.
قلت: ولكن عقلي من خلق الله، وما طبع فيه من علوم
من تعليم الله.
قال: ولكن عقلك قد تعشش فيه الشياطين، وتنفخ فيه من
الوساوس والأوهام ما يحول بينك وبين الخلاص.
قلت: أترى من يعتمد على عقله لن يصل إلى الخلاص؟
قال: من اعتمد على عقل يحجبه عن المسيح لن يصل إلى
الخلاص.. فحقائق الإيمان أعظم من أن تسلم لها العقول، أو تصل لها العقول.
قلت: أنا أوافقك في عدم وصول العقل لحقائق الإيمان..
ولكن التسليم لها يحتاج إلى العقل.. وإلا لجأنا إلى الخرافة.
قال: أعظم خرافة هي الركون إلى العقل..
قال ذلك، ثم انصرف.. لست أدري هل اقتنعت بكلامه، أو
لم أقتنع، ولكني وجدت نفسي أسير رغم عقلي لأقرأ كل ما سطر في مكتبة بيتنا الواسعة..
وكنت إذا ما اشتد علي شيء، أو أشكل علي أمر، ألجأ إلى رجال الكنيسة، فيفسرون لي ما
أشكل علي.. وأقتنع بما يقولون، ولا أبالي بما يقول عقلي..
ظللت هكذا عشر سنوات.. وأنا لا همة لي إلا البحث في
الأسفار، والتعمق في محاولة فهم أسرار المسيحية.