العذارء.. وهي في جمال الشمس، وأنوار القمر، وحلاوة الربيع..
قلت: بورك لك هذه الرؤيا.. فنعم من رأيت.
قال: رأيتها تنظر إلي بنوع من الشفقة والرحمة، وقد
كنت حينها أكابد من البرد والظلمة والألم ما لا يتحمله البشر.. صحت فيها مستغيثا:
يا مريم المقدسة.. دليني على أشعة الشمس التي تطفئ ظلمتي، وتذهب هذا الزمهرير الذي
تكتوي به أعضائي.
فالتفتت إلي، وقالت: ابحث عن الشمس التي بشرت بها
الأنبياء، وتحطمت أمام أشعتها الطواغيت.. ومن أفواهها سارت الكلمات المقدسة.
ابحث عن الشمس التي فتحت لها خزائن العلوم، وخرقت
لها أسوار الأقدار، وامتلأت القلوب حبا لها، وشوقا إليها.
ابحث عن الشمس التي هي رحمة وعدل وسلام.
ابحث عن الشمس التي تبشرك بحقيقة الوجود وحقيقة
الإنسان، وحقيقة الحياة([2]).
فلن ينقذك من بردك وظلمتك إلا هذه الشمس.
قلت: من هي هذه الشمس أيتها القديسة المنورة بأنوار
الحقائق؟
قالت: سر.. واخلع نعليك([3])..
فسوف تجد من يدلك على الطريق.. فقد جعل الله لكل
[2] في هذه الكلمات إشارة
إلى الكتب المتعلقة بهذا الباب من سلسلة [حقائق ورقائق]
[3] خلع
النعلين إشارة إلى التخلص من كل الحجب التي تحول بين الباحث والحقيقة التي يبحث
عنها.