قلت: ولكن قلوبنا الفائضة بحب رسول الله.. كيف ترضى
أن يدنس أو يسب؟
قال: رسول الله أرفع من أن يسب أو يدنس.. هو كالشمس..
تراها، وتستفيد منها، ولا تعيش من دونها.. ولكنك مع ذلك لا تحلم بأن تصل إليها،
فأشعتها ونورها أعظم من أن تصل إليه الأوهام والأحلام.
قلت: أجل.. ولكن الحرارة التي تتقد في قلوبنا
تمنعنا من ممارسة ما دعوتني إليه من أساليب؟
قال: أليس المحب مطيعا لحبيبه؟
قلت: أجل.. فلا حب لعاص.. وقد قال تعالى:﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ
تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ
ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (آل عمران:31)
قال: فقد مارس رسول الله (ص) هذا الأسلوب مع الذين رموه بما رموه به من صنوف
السخرية والاستهزاء.. ألم يرد في السيرة الإخبار عن إسلامهم بعد ضلالهم، وحبهم
لنبيهم بعد بغضهم له؟
قلت: صحيح هذا.. والسيرة تمتلئ بأخباره.
قال: ليست السيرة التي تدرسونها فقط.. بل الحياة
جميعا.. فمحال على العقل والقلب والروح التي تتعرض لأشعة محمد (ص) أن ترغب عنها.. إنها أشعة تأسر الكيان كله.
قال ذلك بلهجة ممتلئة أشواقا.. نظرت إليه، وهو واقف
أمام باب داري، فاستحييت، وقلت معتذرا: اعذرني.. لقد انشغلنا بالحديث عن رسول الله
(ص) عن واجب إكرامي لك.