وعنف.. ويبرر كل ذلك بحديث كان يردده كل حين.. هو
قوله: (اخشوشنوا وتمعددوا، واجعلوا الرأس رأسين)([3])
وكان لهذا
الشيخ فوق ذلك كله ومع هذا كله دعاوى عريضة.. فهو يتصور الدين كما يتصور ضيعته..
فهو يراه ملكه الذي لا يجوز لأحد أن ينافسه فيه.. فإن ظهر بعضهم وتحدث في الدين
بحسب ما هداه إليه علمه أو عقله راح ينشر البيانات في القرية.. بيانات التكفير
والتبديع والتضليل والحرمان.. وكان يتبع تلك البيانات التقريرية بنقاط عملية من
خالفها خرج من الفرقة الناجية ليسقط في هاوية الفرق الهالكة الكثيرة..
كان أقل
تلك النقاط شأنا هجر المبتدع وترك السلام عليه وعدم عيادته إذا مرض، وعدم المشي في
جنازته إذا مات.. وعدم البيع له.. وعدم الشراء منه.. ومن تجرأ وابتسم في وجهه فقد
أتى بالكبيرة التي ليس دونها كبيرة..
كان الناس
يسمعون هذه البيانات ويقرأونها ويمتلأون رعبا منها..
لقد كانوا
يتصورون أن للرجل من السلطة ما يمكنه أن يضع أي اسم شاء في قوائم أهل النار.. كما
أن له السلطة ما يمكنه أن يضع أي اسم شاء في قوائم أهل الجنة.. ولذلك كانوا
يمتلئون بالرعب منه.. وكان ذلك الرعب يجعلهم يتزلفون أحيانا بكل ما يملكون
ليكتسبوا من رضاه ما يضمنون به مصيرهم الذي وضع بين يديه.
كنت أجلس ـ
أحيانا ـ لأستمع إلى دروسه الفقهية التي كان يتكرم بها على أهل القرية.. أو ليحضر
نفوسهم بها.. فكنت أسمع من التقريعات والتشديدات ما يملأ القلوب بالمهابة..
[3] رواه أبو عبيد
في الغريب موقوفا.. ومعنى حديثه صحيح، وقد ذكرنا الحكم الصحية في قوله هذا في
مجموعة (ابتسامة الأنين).. ولكنا نشير هنا إلى سوء الفهم الذي ينحرف بالنصوص عن
معناها الصحيح.