المجرمة
التي لا تعرف إلا الصراع، سألناه: وماذا فعلت بعد انتهاء ذلك الملتقى.. وبعد أن
سمعت ما سمعت مما يمتلئ القلب له ألما.
قال: لا
أستطيع أن أصف لكم تلك المشاعر المؤلمة التي أصابتني.. لقد شعرت أن الأرض تحتضر..
وأن المجرمين قد أنفذوا فيها سهامهم.. وأن سهامهم يوشك أن تفعل مفعولها في الأرض،
فتموت، ويموت كل ما عليها من حياة.
بتلك المشاعر
المتشائمة عدت إلى غابتي.. ونهري.. وحيواناتي..وأجوائي.. وقد كانت المفاجأة عظيمة
إذ رأيت شاحنات ضخمة مزودة بأحدث الأجهزة تقتحم تلك الغابات.. ثم تنزل بجنودها
المرتزقة، وتعمل فيها قطعا وتمزيقا.. ورأيتهم يضعون بدل الأشجار آلاتهم التي تنشر
الخراب والسموم والدمار..
أسرعت إليهم..
وصحت فيهم بكل قوة، لكنهم لم يأبهوا لي، ولم يصغوا لما أقول، بل إن أحد حرسهم أسرع
إلي، ومن دون أن أدري ما يحصل هوى إلى رأسي بمطرقته.. وقد كان يمكن أن يكون في ذلك
حتفي لولا أن الله أرسل إلي صاحبي مع إخوانه من أحباب الطبيعة، وأنقذوني من بين
أيديهم.
بقيت مدة في
بيت صاحبي لا أكاد أفيق حتى تعود الآلام إلي من جديد.. وقد كان يزيد في ألمي تلك
الأصوات المزعجة التي نسمعها من تلك الشركات التي اجتمعت جميعا لتدمر الحياة في
غابتنا ونهرنا.
بعد أن تماثلت
للشفاء، وذات يوم من الأيام رأيته يصلي على طريقة المسلمين في صلاتهم.. لم أكن
أعرف حينها المسلمين.. ولا الإسلام..
فلذلك أسرعت
إليه أسأله عما يفعل، فأجابني بأنه كان يصلي، وأخبرني أنه صار مسلما منذ