تتناول هذه الرواية أعقد مشكلة في الواقع بكل جوانبه النفسية
والاجتماعية والسياسية والاقتصادية وغيرها.. وهي مشكلة الصراع الذي تنفخ فيه جميع
شياطين الإنس والجن، ليعيش الإنسان محجوبا عن ربه، وعن عوالم الجمال التي خلقها له
ربه.
وهي - كما تصف الواقع بمرارته وآلامه - تحاول أن تضع بين يدي
القارئ أنوار السلام الجميل التي أنقذ الله بها عباده عبر رسله الكرام، وأولياءه
العظام.
فهي تصف – بحيادية تامة- واقع الصراع بآلامه
وهمومه وأحزانه.. كما تصف واقع السلام بكل آماله وأفراحه وسعادته.
والسلام الذي تصفه هذه الرواية هو المنطلق من الدين الإلهي
الحقيقي.. لا الدين البشري المزيف الذي تفننت الشياطين في صناعته، وحاولت أن تخلطه
بدين الله..
[1] ننبه إلى أننا بنينا أحداث هذه
الرسالة على ما يسمى بنظرية المؤامرة بأبعادها المختلفة.. ونحن ـ كما تعودنا في
هذه السلسلة ـ لا نقصد الأحداث، وإنما نقصد المعاني الرمزية التي تحملها.
[2] ذكرنا بتفصيل المعنى الصحيح
لهذه العبارة على حسب الكتاب المقدس، وهو مرادفتها لمعنى (ولي الله) في رسالة
(الباحثون عن الله) من هذه السلسلة.
[4] استفدنا الكثير من المادة
العلمية المرتبطة بالمذاهب النفسية الغربية من مقال طويل بعنوان (العقل المستعار:
بحث في إشكالية المنهج في النقد الأدبي العربي الحديث ـ المنهج النفسي أنموذجاً)
د. صالح بن سعيد الزهراني، الأستاذ المشارك في كلية اللغة العربية - جامعة أم
القرى، من مجلة جامعة أم القرى.
[5] أحد رجال الكنيسة، وقد اخترناه
لقوله الذي سنورده هنا:( إذا رأيتم امرأة فلا تحسبوا أنكم ترون كائنا بشرياً، بل
ولا كائنا حياً وحشياً، وإنما الذى ترون هو الشيطان بذاته والذى تسمعون هو صفير الثعبان)
[13] أشير به إلى تشارلز روبرت
داروين (1809 - 1882م)، وهو باحث وعالم بريطاني عكف على دراسة علوم الطبيعة،
واقترن اسمه بنظرية النشوء والارتقاء وبها اشتهر، وكان يقول:( إن كل الأنواع الحية
من نباتات وحيوانات قد تطورت تدريجيًا من أصول مشتركة خلال الملايين من السنين
التي مرت عليها)
ألف
داروين عدة كتب كانت تزيد من حدّة مناقشة نظرياته عن التطور.. ومن بين هذه الكتب
أصل الإنسان والانتخاب فيما يتعلق بالجنس (1871م)؛ تعبير عن الانفعالات عند الرجل
والحيوان (1872م)، وأهم كتبه على الإطلاق (أصل الأنواع) (1859م)، وهو الكتاب الذي
ذكر فيه نظريته عن الانتخاب الطبيعي. (انظر: الموسوعة العربية العالمية، بتصرف)
وقد
ذكرنا هذه النظرية والرد العلمي عليها في رسالة (معجزات علمية)، وذكرنا آثارها
الخطيرة على المجتمعات البشرية في رسالة (ثمار من شجرة)، وسنذكر هنا باختصار بعض
آثارها في تحديد حقيقة الإنسان.
[14] هو كتاب من تأليف داروين صدر
عام 1859 يعتبر أحد الأعمال المؤثرة في العلم الحديث وإحدى ركائز علم الأحياء
التطوري. عنوان الكتاب الكامل: (أصل الأنواع/ نشأة الانواع الحيّة عن طريق
الانتقاء الطبيعي - أو الاحتفاظ بالاعراق المفضلة في أثناء الكفاح من أجل الحياة)..
قدم فيه داروين نظريته القائلة أن الكائنات تتطور على مر الأجيال.. وقد أثار
الكتاب جدلا بسبب مناقضته الاعتقادات الدينية التي شكلت أساسا للنظريات البيولوجية
حينئذ. شكل كتاب داروين هذا عرضا لنظريته التي اعتمد فيها على ما جمعه في رحلته
البحرية في ثلاثينات القرن التاسع عشر وبحوثه وتجاربه منذ عودته من الرحلة..
[15] انظر التفاصيل المرتبطة بهذا
وبهذه النظرية في (معجزات علمية) من هذه السلسلة، وقد نقلنا بعض الحوار الوارد
فيها إلى هذه الرسالة لاقتضاء المقام لذلك.
[17] هو سيجموند فرويد (1856 -
1939م)، طبيب نمساوي، ولد في فريبرج، مورافيا ـ بتشيكوسلوفكيا (السابقة) تخرج في
كلية الطب، بجامعة فيينا عام 1881م. وفيما بعد قرر التخصص في علم الأعصاب لدراسة
وعلاج اضطرابات الجهاز العصبي.
كتب
عدة أعمال أهمها تفسير الأحلام (1900م)؛ مقدمة في التحليل النفسي (1920م). وتعتبر
نظرياته في السلوك والعقل ومنهجه في العلاج أساس علم النفس الحديث.
[18] وهذا لا ينفي كونه يهوديا
متعصبا.. فاليهودية ـ كما هي في الواقع والتاريخ ـ دين قومي لا يهمه التوجه الديني
بقدر ما يهمه الارتباط العنصري.. وقد ذكر المسيري الكثير من الأمثلة على علاقة
فرويد باليهودية، ومن ذلك أن فرويد كان كثيراً ما يتباهى باليهودية وبانتمائه
اليهودي، فكان يرى أن الشعب اليهودي قَدَّم التوراة للعالم، وأن اليهودية مصدر
طاقة لكثير مما كتب.
وقد
أكد أكثر من مرة أنه كان دائماً مخلصاً لشعبه « ولم أتظاهر بأنني شيء آخر: يهودي
من مورافيا جاء أبواه من جاليشيا)، (انظر: الموسوعة اليهودية للمسيري)، وقد أشرنا
إلى هذا بتفصيل في (ثمار من شجرة النبوة) من هذه السلسلة.
[19] عُقْدَةُ أودِيب: من أهم
المصطلحات في التحليل النفسي، ويريدون به رغبة الطفل غير الواعية في الاستئثار بحب
الطرف المضاد لجنسه من والديه (الولد للأم والبنت للأب). وتشتمل هذه الرغبة على
الغيرة من الولد تجاه الأب أو البنت تجاه الأم والرغبة غير الواعية في موت الأم أو
الأب.
[20] اللِّيـبيدو مصطلح في التحليل
النفسي، يتعلَّق بطاقة الغرائز الطبيعية، أو بإثارة ذلك السلوك الممتع. وكان فرويد
أول من استعمل المصطلح.
[21] مصطلح في التحليل النفسي لوصف
الشعور غير الواعي للبنت نحو أمها، وهو مستمد ـ كذلك ـ من أسطورة إغريقية..
فإلكترا شخصية أسطورية عُرفت في الأساطير الإغريقية بولائها التام لوالدها الزعيم
الإغريقي أجاممنون، قامت كليتمنسترا أم إلكترا وعشيقها إجستوس بقتل أجاممنون.
فأرسلت إلكترا شقيقها الأصغر أوريستيس بعيدًا عن القصر الملكي لتحميه من أمها.
كرهت إلكترا أمها وعشيقها ولكنها عاشت معها، حتى بلغ أوريستيس الحلم. وحينئذ عاد
أوريستيس من منفاه، لينتقم لمقتل والده بقتل أمه وعشيقها بمساعدة إلكترا. تزوجت
إلكترا فيما بعد صديق شقيقها بيلاديس.
وقد
ابتدع العالم النفسي السويسري كارل يونج مصطلح (عقدة إلكترا) ليصف به تعلق البنت
الشديد بأبيها، وعداءها في نفس الوقت لأمها.
[22]يوناردو دافينشي (1452 - 1519
م)، يعد من أشهر فناني النهضة الإيطاليين على الإطلاق وهو مشهور كرسام، نحات،
معماري، وعالم.. كانت مكتشفاته وفنونه نتيجة شغفه الدائم للمعرفة والبحث العملي،
له آثار عديدة على مدراس الفن بإيطاليا امتد لأكثر من قرن بعد وفاته وإن أبحاثه
العلمية خاصة في مجال علم التشريح البصريات وعلم الحركة والماء حاضرة ضمن العديد
من اختراعات عصرنا الحالي..
[23] الجيوكاندا: هي لوحة رسمها
الإيطالي ليوناردو دا فنشي، وقد بدأ برسم اللوحة في عام 1503 م، وانتهى منها بعد
ذلك بثلاث أو أربع أعوام. ويقال أنها لسيدة إيطالية تدعى ليزا كانت زوجة للتاجر
الفلورنسي فرانسيسكو جيوكوندو صديق دافنشى والذي طلب منه رسم اللوحة لزوجته.
[24] هي رواية للكاتب الروسي فيودور
دوستويفسكي وعموما، وتعتبر تتويجا لعمل حياته.. وقد نشرت في فصول في مجلة (الرسول
الروسي) عام 1880.. وقد عالجت كثيراً من القضايا التي تتعلق بالبشر، كالروابط
العائلية وتربية الأطفال والعلاقة بين الدولة والكنيسة وفوق كل ذلك مسؤولية كل شخص
تجاه الآخرين.. ومنذ إصدارها، هلل جميع أنحاء العالم من قبل المفكرين متنوعة مثل
سيغموند فرويد، وأينشتاين، وبينيدكت السادس عشر باعتبار الأخوة كارامازوف واحده من
الانجازات العليا في الأدب العالمي.. وهي تدور حول جريمة قتل يقترفها ولد (غير
شرعي) في حق أبيه، ويستغرق الأمر فصولاً طويلة قبل أن يصل التحقيق إلى القاتل
الحقيقي، بعدما كان هذا التحقيق قد وجه شكوكه في نواح أخرى عدة، ولا سيما في اتجاه
الأبناء الآخرين (الشرعيين) للرجل القتيل.. و كان موقف دوستويفسكي من الجاني يبدو
واضحا باتجاه المطالبة بالقصاص.
[25] هو (يودور ميخائيلوفيتش
دوستويفسكي) (1821 - 1881 ) ولد في موسكو وتوفي في سان بطرسبرج، روسيا.. وهو واحد
من أكبر الكتاب الروس، وأعماله كان لها أثر عميق ودائم على أدب القرن العشرين.. شخصياته
دائماً في أقصى حالات اليأس وعلى حافة الهاوية، ورواياته تحوي فهماً عميقاً للنفس
البشرية كما تقدم تحليلاً ثاقباً للحالة السياسية والاجتماعية والروحية لروسيا في
ذلك الوقت..
[26] عُرِفَ فرويد بإدمانه للسيجار،
ومن العجيب أنه لم يتخلَّص من إدمانه هذا إلى أن أُصيب بسرطان الحَلْق عام 1923، وأجرى
عدة عمليات لاستئصاله، إلا أن الألم وعدم الراحة لازماه إلى أن طلب من الطبيب
إعطاءه جرعة مميتة من المورفين عام 1939 للتخلص من أوجاعه ومن حياته منتحراً.
[27] قلنا هذا، ونحن نشك في مدى
صدقه بناء على ما ورد فيما يسمى (بروتوكولات حكماء صهيون) من قوله :( يجب أن نعمل
لتنهار الأخلاق في كل مكان فتسهل سيطرتنا.. إن فرويد منا وسيظل يعرض العلاقات
الجنسية في ضوء الشمس لكي لا يبقى في نظر الشباب شيء مقدس، ويصبح همه الأكبر هو
إرواء غرائزه الجنسية وعندئذ تنهار أخلاقه)
وشكنا
في هذا لا ينفي اعتقادنا الجازم بأن أصل ما جاء به فرويد مستنبط من المعتقدات
اليهودية، وقد ذكرنا ذلك بالتفصيل في رسالة (ثمار من شجرة النبوة)
[28] ليس المراد هنا تأييد هذا
الرأي، وإنما القصد هو الرد على ما ذهب إليه فرويد.. أما الضرب في حد ذاته، فهو
وسيلة من الوسائل التي يلجأ إليها بعد نفاذ كل الوسائل.. انظر (الأساليب الشرعية
في تربية الأولاد) من سلسلة (فقه الأسرة برؤية مقاصدية)
[29]أثبتت التجارب أن الدافع الجنسي
يأتي في المرتبة الرابعة بالنسبة للحيوان، يتقدمها دافع الأمومة بنسبة 22.8%، ثم
العطش بنسبة 20.4، ثم الجوع بنسبة 18.2%، وأخيراً الدافع الجنسي بنسبة 13.8% !.
[30] انظر: سلسلة دراسات إسلامية
معاصرة، الفرويدّية، أنور الجندي، منشورات المكتبة العصرية.
[31] يراد بالإسناد العالي ـ عند
المحدثين ـ ما قَلَّ عدد رجاله بالنسبة إلى سند آخر يَردُ به ذلك الحديث بعدد
أكثر.. وعكسه (الإسناد النازل)، هو الذي كثر عدد رجاله بالنسبة إلى سند آخر
يَرِدُ به ذلك الحديث بعدد أقل.
[32] هو ألفرد أَدلَر (1870 -
1937م)، وُلد أدلر في مدينة فيينا بالنمسا، وقد كان اختصاصيًا في العيون وطبيبًا
للأعصاب قبل أن يُصبح طبيبًا نفسانيًّا.. عمل أدلر مع سيجموند فرويد في الفترة من
عامي 1902 و1911م. وفي الفترة ما بين عامي 1919 و1934م، ثم أسّس مستوصفات توجيه
الطفولة في فيينّا كما قام بتدريب المعلّمين، وعمل مع الآباء وأشرف على نشاطات
المعلّمين الخاصّة بتعلم كيفيّة تمريض الأطفال الّذين يعانون الاضطرابات، وفي عام
1934م انتقل أدلر إلى نيويورك.
وهو
يرى أن القوة الرئيسية للنشاط البشري بوجه عام ما هي إلا نضال لتحقيق الرّفعة
والكمال، وقد أشار أدلر في البداية إلى هذه القوة بوصفها دافعًا نحو الوصول إلى
السلطة، ولكنه سمّاها مؤخرًا النّضال نحو الرفعة. وسمى مدرسته الفكريّة (علم النفس
الفردي)، ويشار إلى هذه المدرسة في وقتنا الحاضر، أحيانًا، بـ (علم النفس الأدلري)
[33] لقد قدر الله أن يرى فرويد في
حياته بداية انهيار نظرياته.. والذي استمر إلى اليوم.. فمع الجهود الكبيرة التي
حاول بها أتباع فرويد السيطرة على مناهج التعليم والتربية والدوائر العلمية، غير
أنها في سنوات تالية قليلة، انكشف عوارها، حتى إن الأطباء النفسانيين الذين
اجتمعوا لإحياء ذكرى فرويد في مدينة شيكاغو عام 1956، وعدتهم نحو أربعة آلاف،
فوجئوا بحملة عنيفة على فرويد ومذهبه، يتولاها رجل مسؤول عن مركزه العلمي هو
الدكتور برسيفال بيلي مدير معهد النفسيات بولاية ألنيواز.
وخلاصة
حملته: أن البقية الباقية من طب فرويد قليلة لا يؤبه بها، وأن آراءه لا تضيف شيئًا
إلى القيم الإنسانية لأنه يرتد بالإنسان إلى أغوار الباطن، ويهمل جانبه المنطقي
الشاعر، وأنه لم يكن يفهم المرأة، ولم يكن يتذوق الموسيقى، ولا يحس جلال العقيدة.
وقال
باحث آخر: إن نظرية فرويد عن العقل الإنساني لا تقوم على أكثر من افتراضات خيالية،
انتزعت مادتها من الأساطير والتخمينات التي سبق رفضها في مجال الدراسات المتعلقة
بتاريخ الإنسان.
وقد
كشفت الأبحاث التي نشرها الكتاب اليهود في السنوات الأخيرة عن علاقة جذرية وعميقة
بين نظريات فرويد وبين نصوص التلمود، وقد ظلت هذه النظرية تخدع مئات العلماء
ببريقها الزائف سنوات طويلة حتى أعلنت هذه الحقائق، ومن بين الذين كشفوا هذا السر
الدكتور صبري جرجس في كتابه (التراث اليهودي الصهيوني في علم النفس ونظرية فرويد)
حيث أشار إلى التركيز الخطير الذي قامت به القوى المسيطرة على الإعلام والآداب
والفنون والجامعات في الغرب على نظرية فرويد واحتضانها على هذا النحو المريب،
بالرغم من أنها لم تكن صحيحة علميًا، بينما أخفتت أصوات النظريات الأخرى الأكثر
قربًا من الحقائق العلمية.
يقول
الدكتور صبري جرجس: (لفت انتباهي حقيقة كبرى، تلك العلاقة الوثيقة بين فرويد رجل
العلم والتحليل النفسي والفكر العالمي من ناحية، وبين التراث اليهودي الصهيوني
والصهيونية، والعمل السياسي الديني العنصري من ناحية أخرى، وكما تبدي لي ليست
علاقة مصادفة، ولكنها علاقة أصل ومسار وهدف، وأشار إلى أن فرويد وأصحابه الذين
حملوا لواء فكرته من بعده كانوا جميعًا من الصهيونية (ساخس، رايك، سالزمان،
زيلبورج، شويزي، وتيلز، فرانكل، كاتز، فينكل)
وأشار
إلى عدة عبارات وردت في كتابات يهودية لفتت نظره إلى ما يراه الآن من علاقة بين
الصهيونية وبين نظرية فرويد، وليس ذلك إلى ما أشار إليه باكان في بعض خفايا التراث
اليهودي الصهيوني التي لها علاقة بالتحليل النفسي، بل إلى ما ذكرته صراحة الكتابة
(ترود، وايز، مارين) عن: كيف تحتقر اليهودية العقل الغربي مزيفة في سبيل ذلك وقائع
الماضي وأحداث الحاضر، آمنة بعد ذلك من الافتضاح، ومطمئنة آخر الأمر إلى التصديق.
(انظر: سلسلة دراسات إسلامية معاصرة، الفرويدّية، أنور الجندي)
[34] هو كارل جوستاف يونج
(1875-1961م)، وهو عالم سويسري مختص في علم النفس والطبّ النفسي، قام بتطوير مجال
علم النفس التحليلي، ولد في مدينة بازل لأب كان يعمل قسيسًا، ومنذ صغره كان لديه
اهتمام دائم بالخرافات والأساطير والسحر.. استخدم يونج في وقت مبكر من حياته
العملية نظريات التحليل النفسي التي استحدثها فرويد. وتقابل الاثنان في عام 1907م،
وتوثقت صلتهما، وشارك يونج في حركة التحليل النفسي. وفي وقت لاحق بدأ يونج يعتقد
أن فرويد اهتم أكثر من اللازم بالغرائز الجنسية في سلوك الإنسان. وقد أدى عدم
تركيز يونج على الجنس إلى تخليه عن فرويد وانتهاء صداقتهما في عام 1913م. وأصبح
أستاذًا في علم النفس الطبي في جامعة بازل عام 1943م.
[35] هو جون برودس واطسون، (1878 -
1958م). عالم نفسي أمريكي هو زعيم المدرسة السلوكية في علم النفس، وكان عمله الأول
في مجال بيولوجيا وطب وسلوك الكائنات الحية الدنيا، قد دفعه هذا إلى الشك في وجود
العمليات العقلية التي يدعي علماء النفس دراستها، وأخذ على عاتقه مهمة تقديم تفسير
لسلوك كل من البشر والحيوانات في إطار بدني وفسيولوجي خالص وذلك في كتابه (علم
النفس من وجهة نظر عالم سلوكيات)
[36] المدرسة السلوكية عبارة عن
مجموعة من النظريات الفرعية التي ترتكز على أساس مسلمات و مبادئ واحدة ومن
النظريات السلوكية الرئيسية نظرية الاشراط الكلاسيكي بريادة بافلوف ونظرية الاشراط
الإجرائي بزعامة سكنر ونظرية التعلم الاجتماعي بريادة باندورا ونظرية العلاج
العقلاني الانفعالي لاليس ونظرية العلاج متعدد الوسائل لازورس.
[37]النظرية السلوكية متأثرة أساسا
بنظرية نيوتن، مما أدى الى تسميتها بـ (النظرية الذرية) وهي قريبة، في تحليلها
السلوك بالفعل ورد الفعل، من الشكل الميكانيكي، فلكل فعل رد فعل مساو له في
المقدار، ومختلف عنه في الاتجاه.
ولهذا
انتقدت النظرية السلوكية من منطلق المقارنة بالنظرية الميكانيكية نفسه (نيوتن)،
فهي تنطلق، في تحليل السلوك، من المثيرات والاستجابات من دون الاهتمام بجانب
الادراك في تفسير السلوك.
[38] هو بافلوف، إيفان بتروفيتش
(1849- 1936م) عالم روسي من علماء علم وظائف الأعضاء، نال جائزة نوبل في علم وظائف
الأعضاء عام 1904م، عن بحثه في الهضم. فقد أوضح كيف أن العصب المعدي يتحكم في
انسياب العصارات الهضمية للبطن وللبنكرياس.
ظل
بافلوف ـ خلال الثلاثين سنة التي تلت تلك الفترة ـ يدرس عمل الدماغ، وقد اكتشف أنه
يمكن لتكرار ترابط مثير صناعي، مثل الجرس، أن يقوم مقام المثير الطبيعي مثل الطعام
في إحداث رد فعل فسيولوجي متمثل في سيلان اللّعاب. وأطلق على هذا اسم المنعكس
الشرطي. وكان بافلوف يؤمن بأن كل العادات المكتسبة، بل حتى الأنشطة العقلية العليا
للإنسان تعتمد على سلسلة من الانعكاسات المشروطة.
[39] انظر التفاصيل العلمية الكثيرة
المرتبطة بهذا في (الباحثون عن الله) من هذه السلسلة.
[40] هو فريدريك نيتشه (1844 ـ
1900م)، وهو فيلسوف ألماني، عالم نفس، وعالم لغويات، تميز بشخصية عدوانية جداً، و
كونه ناقدا حادّا للمبادئ الأخلاقية،و النفعية، والفلسفة المعاصرة، المادية،
المثالية الألمانية، الرومانسية الألمانية، والحداثة عُموماً..
وفي
مجال الفلسفة والأدب، يعتبر نيتشه في أغلب الأحيان إلهام للمدارس الوجودية وما بعد
الحداثة. روج لأفكار اللاعقلانية والعدمية، واستخدمت بعض آرائه فيما بعد من قبل
إيديولوجيي الفاشية.
[41] لكن أمنيته لم تتحقق، اذ تلى
عليه القساوسة في ساعة دفنه.
[42] ورد في الحديث : (إن هذا
الإنسان بنيان الله فملعون من هدم بنيانه)، قال فيه الزيلعي : (غريب جدا)، (تخريج
الأحاديث والآثار الواقعة في تفسير الكشاف للزمخشري:1/346)
[43] هو تُومَاس أَلْفَا أَدِيسُون
(1847 - 1931م) أشهر مخترع أمريكي، من اختراعاته: المصباح الكهربائي ومُشَغِّل
الأسطوانات. وسجل ما مجموعه 1093 اختراعًا، وأجرى تجارب في حقل الطب، وكاد يخترع
المذياع، وتنبأ باستعمال الطاقة الذرية.. إضافة إلى ذلك حَسَّنَ اختراعات الآخرين،
ومنها الهاتف، والآلة الكاتبة، والمولِّد الكهربائي، والقطار الكهربائي.
[44] كون الإنسان من تراب لا شك
فيه من الناحية العلمية، فلو أرجعنا الإنسان إلى عناصره الأولية، لوجدناه أشبه
بمنجم صغير، يشترك في تركيبه حوالي ( 21) عنصراً، تتوزع بشكل رئيسي على:
1ـ
أكسجين ـ هيدروجين على شكل ماء بنسبة 65 بالمائة ـ 70بالمائة من وزن الجسم
2 ـ
كربون، وهيدروجين ( ) وأكسجين () وتشكل أساس المركبات العضوية من سكريات
ودسم،و بروتينات وفيتامينات، وهرمونات أو خمائر.
3 ـ
مواد جافة يمكن تقسيمها إلى:
آ ـ ست
مواد هي: الكلور ( )، الكبريت ()، الفسفور ()،
والمنغنزيوم () والبوتسيوم ()، والصوديوم ((ص))،
وهي تشكل 60 ـ 80 بالمائة من المواد الجافة.
ب. ست
مواد بنسبة أقل هي: الحديد ()، والنحاس ()
واليود () والمنغنزيوم () والكوبالت ( )،
والتوتياء ( ) والمولبيديوم ( ).
جـ ـ
ستة عناصر بشكل زهيد هي: الفلور ( )، والألمنيوم ((ص))،
والبور ()، والسيلينيوم ( )، الكادميوم ( )
والكروم ( ).
وكل
هذه العناصر موجودة في تراب الأرض، ولا يشترط أن تكون كل مكونات التراب داخلة في
تركيب جسم الإنسان، فهناك أكثر من مئة عنصر في الأرض بينما لم يكتشف سوى (22)
عنصراً في تركيب جسم الإنسان، و ذلك كله يوافق ما جاء به القرآن تمام الموافقة.
(مع الطب في القرآن الكريم تأليف الدكتور عبد الحميد دياب الدكتور أحمد قرقوز
مؤسسة علوم القرآن)
[45] ذكرنا الرد العلمي على نظرية
التطور في (معجزات علمية) من هذه السلسلة.
[46] للأسف.. فإن بعض المسلمين ممن
توهموا أن لنظرية التطور مصداقية علمية راح يحاول التوفيق بينها وبين ما جاء في
القرآن.. ومن ذلك الدكتور عبد الصبور شاهين في كتابه (أبي آدم: قصة الخليقة بين
الأسطورة والحقيقة)، فقد حاول في دراسته التوفيقية هذه أن يميز بين كلمتي (البشر)،
و(الإنسان).. حيث افترض أن كلمة (بشر) تطلق على الأطوار القديمة التي كان عليها
الإنسان قبل استصفاء الله لآدم من بين بقية المخلوقات التي يطلق عليها (بشر)،
والبشر بذلك هو اسم ذلك المخلوق الذي أبدعه الله من الطين.
فبين
(البشر والإنسان) عموما وخصوصا مطلقا، فـ (البشر) لفظ عام في كل مخلوق ظهر على سطح
الأرض، يسير على قدمين، منتصب القامة، و(الإنسان) لفظ خاص بكل من كان من البشر
مكلفا بمعرفة الله وعبادته، فكل إنسان بشر، وليس كل بشر إنسانا.
ومن
الردود التي رد بها الباحثون على هذا أن كلمة (بشر) في القرآن الكريم ـ الذي انطلق
منه ـ مرادفة لكلمة (إنسان) بشكل لا لبس فيه، ويدل لذلك أن كلمة (بشر) في القرآن
الكريم أطلقت على المعاني التالية:
على
الرجال: ومن الشواهد على هذا المعنى ما ورد في قوله تعالى :﴿ قالت رب أنَّى يكون
لي ولد ولم يمسسني بشر ﴾ (آل عمران: 47)، وهو المعنى الذي نجده في قوله تعالى :﴿
وقلن حاشا لله ما هذا بشرا ﴾ (يوسف:31) وقوله تعالى :﴿ ولقد نعلم أنهم يقولون إنما
يعلِّمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين ﴾ (النحل103)، وقوله
تعالى :﴿ فتمثل لها بشرا سويا ﴾ (مريم17) وغيرها.
على
الإنسان: ومن ذلك قوله تعالى :﴿ فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا
تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً
فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيّاً ﴾ (مريم:26) فقد وردت هذه الكلمة هنا
مرادفة للإنسان.
على
الأنبياء.. كما قال تعالى :﴿ ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكمة والنبوة ثم
يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلِّمون
الكتاب وبما كنتم تدرسون ﴾ (آل عمران: 79)، وهذا هو المعنى الذي نجده كذلك في قوله
تعالى :﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ
اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ
بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدىً لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا
وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آبَاؤُكُمْ
قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ) (الأنعام:91)، وقوله
تعالى :﴿ قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ
إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ
أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ
مُبِينٍ) (ابراهيم:10)، وقوله تعالى :﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ
يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ
رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ
أَحَداً) (الكهف:110)
أما
تفسيره لكلمة (سلالة) في قوله تعالى :﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ
سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ) (المؤمنون:12)، والتي تصور أن المراد منها (سلسلة آباء خلقوا
من طين.. وكأن الآية تدفع عن العقل احتمال إدماج العمليتين (خلق البشر وخلق
الإنسان) في عملية واحدة، فالإنسان خلق من (سلالة) نسلت من(طين)، أي: إنه لم يخلق
مباشرة من الطين، فأما ابن الطين مباشرة فهو (أول البشر)، وكان ذلك منذ ملايين
السنين) (ص90 من كتابه) ويقول: (فخلق الإنسان (بدأ من طين)، أي: في شكل مشروع
بشري، ثم استخرج الله منه نسلا (من سلالة من ماء مهين)، ثم كانت التسوية ونفخ
الروح، فكان (الإنسان) هو الثمرة في نهاية المطاف عبر تلكم الأطوار التاريخية
السحيقة العتيقة) (ص91 منه)
فقد
رد عليه الباحثون بأن السلالة في اللغة(انظر المعجم الوسيط، ومعجم ألفاظ القران)
تعني (ما استُل من الشيء وانتُزع.. كما تعني خلاصة الشيء.. ومعنى الآية بهذا هو :
( ولقد خلقنا الإنسان من خلاصة من الطين) (انظر: غزو معاقل الداروينية، ونسف
نظرية التطور، تأليف:أبو صلاح)
[47] انظر مقالا بعنوان: كيف تعامل
الإسلام مع الجسد؟ من موقع (البلاغ) الموسوعة الإسلامية.
[48] هذا هو السر الذي عزا إليه
المحققون من العارفين سر عدم إمكان معرفة الجماهير للروح، وقد تحدث الغزالي عن
ذلك عند ذكره للأسرار التي يختص بها المقربون ولا يشاركهم الأكثرون في علمها
ويمتنعون عن إفشائها إليهم، فقال القسم الأول: أن يكون الشيء في نفسه دقيقاً تكل
أكثر الأفهام عن دركه فيختص بدركه الخواص وعليهم أن لا يفشوه إلى غير أهله فيصير ذلك
فتنة عليهم حيث تقصر أفهامهم عن الدرك. وإخفاء سر الروح وكف رسول الله (ص) عن
بيانه من هذا القسم فإن حقيقته بما تكل الأفهام عن دركه وتقصر الأوهام عن تصور
كنهه. ولا تظنن أن ذلك لم يكن مكشوفاً لرسول الله (ص) فإن من لم يعرف
الروح فكأنه لم يعرف نفسه ومن لم يعرف نفسه فكيف يعرف ربه سبحانه؟ ولا يبعد أن
يكون ذلك مكشوفاً لبعض الأولياء والعلماء وإن لم يكونوا أنبياء ولكنهم يتأدبون
بآداب الشرع فيسكتون عما سكت عنه بل في صفات الله عز وجل من الخفايا ما تقصر أفهام
الجماهير عن دركه ولم يذكر رسول الله (ص) منها إلا الظواهر للأفهام
من العلم والقدرة وغيرهما حتى فهمها الخلق بنوع مناسبة توهموها إلى علمهم وقدرتهم
إذ كان لهم من الأوصاف ما يسمى علماً وقدرة فيتوهمون ذلك بنوع مقايسة. ولو ذكر من
صفاته ما ليس للخلق مما يناسبه بعض المناسبة شيء لم يفهموه)( انظر: الإحياء:
1/100)
[49] فقد كان سقراط وأفلاطون
يعتقدان أنّ الروح جوهر خالد موجود منذ الأزل، وعندما يكتمل الجنين في بطن اُمّه
تتعلق به الروح، ثمّ تعود بعد الموت إلى محلّها الأول، ويرى إفلاطون أن هناك
روحين: إحداهما الروح العاقلة وهي الخالدة ومحلها الدماغ، والاُخرى غير خالدة ولا
عاقلة، وهي قسمان: غضبية ومستقرها الصدر، وشهوية ومكانها البطن.
وذهب
أرسطو إلى الاعتقاد بحدوث الروح مع حدوث البدن، فعندما يتكامل البدن توجد الروح
دون أن تكون لها سابقة حياة قبل حدوثها، وعدّ ثلاثة صنوف من الأرواح منبثّة في
مجموع البدن، وهي: الروح العاقلة ـ أو النفس الناطقة ـ وهو يقول بتجردها، والروح
الحاسة أو الحيوانية، والروح الغاذية، ولا يقول بتجرد الأخيرتين.
واهتم
ديكارت ( ت1560 ) بتمييز الروح عن الجسم، وتحديد خصائص كلّ منهما، فاعتبر الروح
جوهراً أخصّ صفاته الفكر، ولا يتصوّر فيه إمكان التجزّي والانقسام وعدم التجانس في
أجزائه، واعتبر الجسم جوهراً أخص صفاته الامتداد، ومن أحواله الصورة والحركة،
ويقبل الانقسام والتجزّي والتغير بطبيعته.
وغيرهم
من الهنود والصينيون.. اتفقوا على أن حقيقة الإنسان هو كيان روحي مجرَّد عن صفات
المادة وخصائصها، وهو غير البدن العضوي والجهاز المادي الذي يؤدي الفعاليات
والنشاطات المادية. وهو الذي ينطق عنها الإنسان فيقول (أنا)، فليس (الأنا) الذات
الإنسانية هي ذلك الكيان الجسدي، بل هي ذلك الكيان الروحي المستقل.
والكيان
الإنساني (الروح) هو القوة المدركة، وهو القوة التي تشعر بالألم واللذّة والخوف
والسرور والحزن، وهو القوة الناطقة، وما الجسم إلاّ آلة لتنفيذ مآرب النفس، وليست
الأجهزة الحسّية والدماغ إلاّ أدوات يستخدمها الإنسان (الكيان الروحي) لفهم العالم
المادي والتعامل معه.
[50] ذكرنا الكثير من الأدلة
العلمية المرتبطة بإثبات وجود الروح في رسالة (معجزات علمية) من هذه السلسلة،
وسنرى تفاصيل أخرى لها علاقة بهذا في رسالة (الباحثون عن الله)
[51] ما بين قوسين من كلام الإمام
النورسي، وسنرى شرح هذه المعاني الجليلة في رسالة (أسرار الإنسان) من هذه السلسلة.
[52] ذكرنا التفاصيل الكثيرة
المرتبطة بهذا في رسالة (أسرار الأقدار) من سلسلة (عيون الحقائق)
[56] وضع مكدوغل 14 غريزة، أضاف
إليها غرائز أخرى، ومن أهمها غريزة المقاتلة، البحث عن الطعام، التملك، الجنس،
الابوة، الراحة، النوم، وقد كان مكدوغل يعبر عن هذه الغرائز بالغرائز الفطرية. إلا
أن آراءه هذه لقيت بعض النقد، ومن أهم ما وجه اليها من نقد:
1.
تنافي اتجاه الغرائز الفطرية مع الاتجاه العلمي للبحث، وكونها خارجة عن إطار
السيطرة والتحكم، اذ أن الغريزة من الأمور الانفعالية.
2.
التشكيك في عدد الغرائز المطروحة (بين 14 و36) ويصل العدد، في رأي وليم جيمس، الى
مئة غريزة.
3. يرى
علماء الانثروبولوجيا وعلم الاجتماع أن الاختلاف، في سلوك الإنسان، يعود إلى
الاختلاف في الثقافة بين مجتمع وآخر، فتنتفي بعض الغرائز عند بعض المجتمعات،
كغريزة المقاتلة، مثلا، إذ أن بعض المجتمعات، كالهنود الحمر، في كندا، يتنازلون عن
الممتلكات تعبيرا عن الفوز بالمعركة، كان تحدي الانسان لدافع التملك دليل على
الفوز.
[57] سنتحدث بتفصيل عن العقل في
الفصل الخاص به.. وإنما نذكر هنا علاقته بأركان الإنسان.
[58] من أحسن الأبحاث العلمية
الحديثة الدالة على هذا ما ذكره أصحاب (العلم في منظوره الجديد) من أن (ويلدر
بنفيلد) (1891-1976م)، وخلال عمليات جراحية أجراها على أدمغة ما يربو على ألف مريض
فى حالة الوعى، لاحظ ملاحظات مهمة حول وظيفة الدماغ تفوق فى حجيتها وكمالها جميع
الأدلة غير المباشرة المستفادة من بحوث أجريت على حيوانات، ومن عمليات جراحية
أجريت على أدمغة أشخاص مبنجين.
لقد
كان بنفيلد، والذى يعود له الفضل الأول فى إدماج مباحث الأعصاب وفسيولوجيا الأعصاب
وجراحة الأعصاب، قد شرع فى بحوثه الرائدة فى الثلاثينات من هذا القرن غير أن الآثار
الكاملة المترتبة على اكتشافه لم تتضح إلا حين نشر كتابه المسمى ( لغز العقل ) ( )
لقد
اكتشف بنفيلد عام 1993 بمحض الصدفة أن تنبيه مناطق معينه فى الدماغ بالكهرباء
تنبيها خفيفا يحدث استرجاعا فجائيا للذاكرة عند المريض الواعى.
لقد
ساورت بنفيلد الشكوك أول الأمر، ثم أخذته الدهشة، فعندما لامس القطب الكهربائى
قشرة مخ شاب تذكر هذا الشاب أنه كان جالسا يشاهد لعبة (بيسبول) فى مدينة صغيرة،
ويراقب ولدا صغير يزحف تحت السياج، ليلحق بجمهور المتفرجين، وهناك مريضة أخرى سمعت
آلات موسيقية تعزف لحنا من الألحان.. قال بنفليد:( أعدت تنبيه الموضع نفسه ثلاثين
مرة محاولا تضليلها، وأمليت كل استجابة على كاتبه الاختزال، وكلما أعدت تنبيه
الموضع كانت المريضة تسمع اللحن من جديد، وكان اللحن يبدأ فى المكان نفسه، ويستمر
من اللازمة إلى مقطع الأغنية، وعندما دندنت، مصاحبة الموسيقا، كان إيقاعها يسير
بالسرعة المتوقعة له)
لقد
كان المرضى يحسون دائما بالدهشة لتذكر الماضى بمثل هذه التفاصيل الحية، ويفترضون
على الفور أن الجراح هو المسؤول عن تنبيه الذاكرة التى ما كانت تتاح لولاه، وكان
كل مريض يدرك أن التفاصيل هى من واقع تجاربه الماضية، وكان من الواضح أن الأشياء
التى كان قد أولاها عنايته هى وحدها التى أودعها فى محفوظات دماغه.
وكان
بنفيلد من وقت لآخر يحذر المريض أنه سينبه دماغه، ولكنه لا يفعل ذلك، وفى مثل هذه
الحالات لم يكن المريض يذكر أى ردود فعل إطلاقا.
ثم إن
ملامسة المنطقة الخاصة بالنطق فى الدماغ تؤدى إلى فقدان مؤقت للقدرة على الكلام
عند المريض، ونظرا لانعدام الإحساس فى الدماغ، فالمريض لا يدرك أنه مصاب بالحبسة
إلا عندما يحاول أن يتكلم أو يفهم الكلام، فيعجز عن ذلك، وقد روى بنفيلد ما حدث،
فقال : ( أخذ أحد مساعدى يعرض على المريض صورة فراشة وضعت القطب الكهربائى حيث كنت
أفترض وجود قشرة المخ الخاصة بالنطق، فظل المريض صامتا للحظات، ثم طقطق بأصابعه
كما لو كان غاضبا، ثم سحبت القطب، فتكلم فى الحال، وقال : الآن أقدر على الكلام،
إنها فراشة لم أكن قادرا على النطق بكلمة (فراشة) فحاولت أن أنطق بكلمة (عثة)
لقد
فهم الرجل بعقله الصورة المعروضة على الشاشة،وطلب عقله من مركز الكلام فى دماغه أن
ينطق بالكلمة التى تقابل المفهوم المائل فى ذهنه، وهذا يعنى أن آلية الكلام ليست
متماثلة مع العقل، وإن كانت موجهة منه، فالكلمات هى أدوات تعبير عن الأفكار،
ولكنها ليست الأفكار ذاتها، وحين عجز المريض عن التفوه بالكلمة لانسداد الكلام
عنده استغرب، وأمر بالبحث عن اسم شىء مشابه هو ( العثه) وعندما فشل في ذلك أيضا
طقطق بأصابعه غضبا (إذ إن هذا العمل الحركى لا يخضع لمركز الكلام)، وأخيرا عندما
انفتح مركز الكلام عند المريض شرح تجربته الكاملة مستخدما كلمات تناسب أفكاره، وقد
استنتج بنفيلد أن المريض حصل على كلمات من آلية الكلام عندما عرض مفاهيم، ونحن
نستطيع الاستعاضة عن ضمير الغائب فى عملية الاستبطان هذه بكلمة عقل فعمل العقل ليس
عملا آليا )
وهكذا
توصل بنفيلد إلى نتائج مماثلة فى مناطق الدماغ التى تضبط الحركات، قال: ( عندما
جعلت أحد المرضى يحرك يده بوضع القطب على القشرة الحركية فى أحد نصفى كرة دماغه
كنت أسأله مرارا عن ذلك، وكان جوابه على الدوام (أنا لم أحرك يدى ولكنك أنت الذى
حركتها) وعندما أنطقته قال: (أنا لم أخرج هذا الصوت أنت سحبته منى )
لقد
لخص بنفيلد ذلك بقوله : (إن القطب الكهربائي يمكن أن يخلق عند المريض أحاسيس بسيطة
متنوعة، كأن يجعله يدير رأسه أو عينيه أو يحرك أعضاءه أو يخرج أصواتا، وقد يعيد
إلى الذاكرة إحساسا حيا بتجارب ماضية، أو يوهمه بأن التجربة الحاضرة هى تجربة
مألوفة، أو أن الأشياء التى يراها تكبر وتدنو منه، ولكن المريض يظل بمعزل عن كل
ذلك، وهو يصدر أحكاما على كل هذه الأمور وربما قال : إن الأشياء تكبر) ولكنه
يستطيع مع ذلك أن يمد يده اليسرى، ويقاوم هذه الحركة.
ونتيجة
مراقبة مئات المرضى بهذه الطريقة انتهى بنفيلد إلى أن عقل المريض الذي يراقب
الموقف بمثل هذه العزلة والطريقة النقدية لا بد من أن يكون شيئا آخر يختلف كليا عن
فعل الأعصاب اللاإرادي، ومع أن مضمون الوعي يتوقف إلى حد كبير على النشاط،
فالإدراك نفسه لا يتوقف على ذلك.
وباستخدام
هذه الأساليب المراقبة استطاع بنفيلد أن يرسم خريطة كاملة تبين مناطق الدماغ
المسئولية عن النطق والحركة وجميع الحواس الداخلية والخارجية غير أنه لم يكن في
المستطاع تحديد موقع العقل أو الإرادة في أي جزء من الدماغ، فالدماغ هو مقر
الإحساس والذاكرة والعواطف والقدرة على الحركة، ولكنه ليس مقر العقل أو الإرادة.
لقد
أعلن بنفيلد عن نتائج أبحاثه قائلا : ( ليس في قشرة الدماغ أي مكان يستطيع التنبيه
الكهربائي فيه أن يجعل المريض يعتقد أو يقرر شيئا، والقطب الكهربائي يستطيع أن
يثير الأحاسيس والذكريات غير أنه لا يقدر أن يجعل المريض يصطنع القياس المنطقى، أو
يحل مسائل فى الجبر، بل إنه لا يستطيع أن يحدث فى الذهن أبسط عناصر الفكر المنطقي،
والقطب الكهربائي يستطيع أن يجعل جسم المريض يتحرك، ولكنه لا يستطيع أن يجعله يريد
تحريكه، إنه لا يستطيع أن يكره الإرادة، فواضح أذا أن العقل البشرى والإرادة
البشرية ليس لها أعضاء جسدية) (انظر: العلم في منظوره الجديد)
[59] نرى أن العلم بدأ يقترب نحو
إثبات علاقة الوعي والمشاعر بالقلب.. ومن أجمل ما قرأنا في هذا البحث مقالا علميا
في مجلة اليمامة (العدد 1607).. وهو عبارة عن تحقيق طبي عن آخر اكتشافات العلم
الحديث حول وجود عقل في القلب كتبه الدكتور فهد العريفي..
قال
الدكتور: (تشير بعض البحوث الرائدة التي أجراها بعض العلماء إلى أنه يوجد (مخ آخر)
داخل الأمعاء والقلب يعرف بالجهاز العصبي الداخلي وهو مستقل عن المخ بيد أنه يتصل
به في الجمجمة وذلك حسب رأي (مايكل فيرشون) رئيس قسم التشريح وعلم الأحياء الخلوية
بكولمبيا.
إن
المكان الذي تذهب إليه كل تجربة أو خبرة هو القلب لا المخ. في التسعينات اكتشف
علماء (علم القلب العصبي) الحقل الجديد الآخذ في الظهور، اكتشفوا عقلاً في القلب
يتكون من 400.000 خلية عصبية من مختلف الأنواع إضافة إلى شبكة معقدة من المرسلات
العصبية، البروتينات، الخلايا المساعدة وتؤدي عملاً مستقلاً عن الدماغ أو العقل.
وهذا
(المخ القلبي) كبير ومتسع تماماً كاتساع المناطق الرئيسية في المخ (الدماغ المفكر)
ومعقد بالقدر الذي يجعله كالمخ تماماً) إلى آخر المقال.
[65] ذكرنا تفاصيل الرياضات
السلوكية وأنواعها والتوفيق بينها في رسالة (أسرار الإنسان).. وسنرى بعض ذلك في
هذه الرسالة في فصل (النفس)
[66] هذه النصوص منقولة من ديوان
الصبابة، لابن أبي حجلة.
[67] ربما يتوهم أن هذه حوداث
نادرة، وأنها كانت مرتبطة بذلك الزمان دون هذا الزمان، وهذا خطأ كبير، وقد سئل أحد
الأطباء النفسانيين – ضمن تحقيق أجراه بعض الصحفيين
- : هل من الممكن أن للحبّ مجانين في نهاية القرن العشرين؟
فأجاب
: هذا سؤال طريف، ولكنه على طرافته – سؤال مطروح في كل
زمان ومكان، ففي عصرنا الحالي، الموصوف بأنه عصر المادية، يمكن أن تؤدي الصدمة
العاطفية إلي العيادة النفسية، ولقد عُرِضتْ علي حالات مرضية كثيرة، كان الحبّ هو
السبب الرئيس لها، والعامل الأكثر تأثيراً فيها)
وقد
قام بعض الصحفيين بزيارة لإحدى المصحات النفسية، ووقفوا على بعض الحالات من ضحايا
الحبّ الموهوم، منها حالة شاب كانت ابنة عمه هي السبب في تدهور عقله، ووصوله إلى
حافة الجنون، ولما سُئل طبيبه المعالج عن سبب وصوله إلى تلك الحالة، أجاب بأنها
قصة طويلة ومعقدة، خلاصتها أن هذا الشاب ( أحبّ) ابنة عمه الذي كان على خلاف مع
أخيه والد هذا الشاب، وكانت الفتاة على علم بهذا الخلاف، فأرادت الانتقام لأبيها
في شخص ابن عمها، فأوهمته بحبها له، حتى إذا ما جاء اليوم الموعود للزواج، رفضته،
وتزوجت بغيره، فصُدم هذا الشاب، ووقع فيما يشبه الفصام العصبي.
ومثل
ذلك ما حدثت به بعضهن قالت:( في يوم من الأيام جاءني اتصال من صديقة لي، تخبرني
فيه بأن صديقة لنا في العناية المركزة بالمستشفي، فهرعتُ إليها وأنا لا أعلم
السبب، وحينما وصلت إليها، وجدتها ممددة على السرير دون حراك، وقد أصابتها حالة
تشنج عنيفة، تركتْ بصمات زرقاء وسوداء حول عينيها، وفي جميع أجزاء وجهها، وعندما
سألت شقيقتها عن السبب، أخذتني بعيداً عن والدتها المنهارة، وقالت لي : لقد
اكتشفتْ أن خالداً متزوج، ولديه ولد! أما عن خالد هذا، فهو شاب قد تعرفتْ عليه عن
طريق الهاتف ! وبعد عدة لقاءات وعدها بالزواج !، وها هي تدخل المستشفى من أجله،
ولو علم هذان الأبوان المنهاران أمام غرفة ابنتهما سبب دخولها المستشفى لقتلاها
بدلاً من أن يبكيا عليها!)
وأغرب
من ذلك، ما نُشر في بعض الصحف من قصّة تلك المرأة المصرية التي فوجئت وهي تفتح
دولاب ملابسها بعد أن عادت إلى بيتها، بشاب يخرج من ذلك الدولاب، فتعالت صرخاتها
مستغيثة بالجيران، وقد حاول الشاب إقناعها بأنه إنما جاء لخطبة ابنتها التي تربطه
بها علاقة حب ! ولكن المرأة أصرت على استدعاء الشرطة، وكانت المفاجأة، أن سقط
ميتاً بالسكتة القلبية قبل أن ينقل إلى قسم الشرطة في أغرب حادث حبّ غرامي مجنون)
وقد
سئل الأستاذ الدكتور مصطفى محمود عن الحبّ قبل الزواج فأجاب:(الحبّ هو اتحاد شديد
العمق، يؤدي التفريق فيه إلى سلسلة من انفجارات العذاب والألم، قد تستمر حتى
الموت، وقد تنتهي بتغير الشخصية تماماً، وتحولها كما يتحول الراديوم بعد تفجر
الإشعاع إلى رصاص، أما الحبّ بعد الزواج، فهو الحبّ الحقيقي الذي ينمو ويعيش،
ويتحدى النسيان، ويضفي النبل والإخلاص والجلال على أبطاله) (انظر: وهم الحب،
للمسند)
[69] ما سنذكره هنا من حكايات
(بتصرف) من كتاب (وهم الحب)، لمحمد بن عبد العزيز المسند.
[70]أو (عيد الحب)، أو (عيد
العشاق)، أو (الفالنتاين)، وقد تعود الغرب على الاحتقال به في في الرابع عشر من
شهر فبراير ( شباط ) من كل عام.. وفي هذا اليوم عادة ما يتبادلون التهاني والورود
الحمراء ويرتدون الملابس ذات اللون الأحمر، وتقام الحفلات الراقصة الماجنة..
ويرجع
أصل هذا العيد إلى الرومان الوثنيين، فقد كان الرومان يحتفلون بهذه الحادثة في
منتصف شهر فبراير من كل عام احتفالا كبيرا، وكان من مراسيمه أن يذبح فيه كلب
وعنزة، ويدهن شابان مفتولا العضلات جسميهما بدم الكلب والعنزة، ثم يغسلان الدم
باللبن، وبعد ذلك يسير موكب عظيم يكون الشابان في مقدمته يطوف الطرقات، ومع
الشابين قطعتان من الجلد يلطخان بهما كل من صادفهما، وكان النساء الروميات يتعرضن
لتلك اللطمات مرحبات، لاعتقادهن بأنها تمنع العقم وتشفيه.
بالإضافة
إلى هذا، فقد ارتبط عيد الحب بالقديس فالنتين، والذي توفي في روما إثر تعذيب
القائد
القوطي
(كلوديوس) له حوالي عام 296م، وبنيت كنيسة في روما في المكان الذي توفي فيه عام
350م تخليدا لذكره.
ولما
اعتنق الرومان المسيحية أبقوا على الاحتفال بعيد الحب السابق ذكره، لكن نقلوه من
مفهومه الوثني (الحب الإلهي) إلى مفهوم آخر يعبر عنه بشهداء الحب، ممثلا في القديس
فالنتين الداعية إلى الحب والسلام الذي استشهد في سبيل ذلك حسب زعمهم. وسمي أيضا
(عيد العشاق) واعتبر (القديس فالنتين) شفيع العشاق وراعيهم.
وكان
من اعتقاداتهم في هذا العيد أن تكتب أسماء الفتيات اللاتي في سن الزواج في لفافات
صغيرة من الورق، وتوضع في طبق على منضدة، ويدعى الشبان الذين يرغبون في الزواج
ليخرج كل منهم ورقة، فيضع نفسه في خدمة صاحبة الاسم المكتوب لمدة عام يختبر كل
منهما خلق الآخر، ثم يتزوجان، أو يعيدان الكرة في العام التالي يوم العيد أيضا
وقد
ثار رجال الدين المسيحيين على هذا التقليد، واعتبروه مفسدا لأخلاق الشباب والشابات
فتم إبطاله في إيطاليا التي كان مشهورا فيها، لأنها مدينة الرومان المقدسة، ولا
يعلم على وجه التحديد متى تم إحياؤه من جديد. فالروايات النصرانية في ذلك مختلفة،
لكن تذكر بعض المصادر أن الإنجليز كانوا يحتفلون به منذ القرن الخامس عشر
الميلادي. وفي القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين انتشرت في بعض البلاد
الغربية محلات تبيع كتبا صغيرة تسمى(كتاب الفالنتين) فيها بعض الأشعار الغرامية
ليختار منها من أراد أن يرسل إلى محبوبته بطاقة تهنئة وفيها مقترحات حول كيفية كتابة
الرسائل الغرامية والعاطفية. (انظر: الموسوعة الحرة، وغيرها)
وللأسف،
فقد غزا هذا العيد ديار المسلمين ليصدق ما ورد في الحديث من قوله (ص) :(
لتتبعن سنن من قبلكم، شبرا بشبر، وذراعا بذراع، حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه،
قلنا : يا رسول الله، اليهود والنصارى ؟ قال : فمن؟) (رواه البخاري ومسلم)
[71] ذكرنا الحلول الشرعية المرتبطة
بهذه الحالة في سلسلة (فقه الأسرة برؤية مقاصدية)
[76] نجد بعض العارفين يعبرون عن
المحبة بالسكر، وهو من باب المشاكلة لا من باب الحقيقة، والأولى ترك مثل هذه
التعابير لما توحي به من معان قد تفهم فهما خاطئا.. وقد اشتد ابن القيم في رده
لمثل هذا، فقال: ( وهذا المعنى (أي سقوط التمالك في الطرب الناشئ عن المحبة) لم
يعبر عنه في القرآن ولا في السنة ولا العارفون من السلف بالسكر أصلا، وإنما ذلك من
اصطلاح المتأخرين، وهو بئس الاصطلاح، فإن لفظ السكر والمسكر من الألفاظ المذمومة
شرعا وعقلا، وعامة ما يستعمل في السكر المذموم الذي يمقته الله ورسوله قال الله
تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ
سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ ﴾ (النساء: من الآية43)، وعبر به
سبحانه عن الهول الشديد الذي يحصل للناس عند قيام الساعة فقال تعالى :﴿ يَوْمَ
تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ
حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ
عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ﴾ (الحج:2)، ويقال: فلان أسكره حب الدنيا، وكذلك يستعمل
في سكر الهوى المذموم.. فأين أطلق الله سبحانه أو رسوله أو الصحابة أو أئمة الطريق
المتقدمون على هذا المعنى الشريف الذي هو من أشرف أحوال محبيه وعابديه اسم السكر
المستعمل في سكر الخمر وسكر الفواحش كما قال عن قوم لوط لعمرك:﴿ لَعَمْرُكَ
إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾ (الحجر:72)، فوصف بالسكر أرباب
الفواحش وأرباب الشراب المسكر، فلا يليق استعماله في أشرف الأحوال والمقامات ولا
سيما في قسم الحقائق ولا يطلق على كليم الرحمن اسما يسمى سكرا)
ثم
أشار إلى أن الإنكار متوجه للألفاظ دون المعاني، فقال :( ونحن لا ننكر المعنى
المشار إليه بهذا الاسم، وإنما المنكر تسميته بهذا الاسم، ولا سيما إذا انضاف إلى
ذلك اسم الشراب، أو تسمية المعارف بالخمر، والواردات بالكؤوس، والله جل جلاله
بالساقي فهذه الاستعارات والتسمية هي التي فتحت هذا الباب) (انظر: مدارج
السالكين:3/306 )
ونحن
مع تسليمنا لما ذكره ابن القيم، إلا أنه لا ينبغي المبالغة في إنكار ما ذكره
الصالحون بسبب هذه الألفاظ، فهو لم يذكر إلا على سبيل المشاكلة.. وكأنهم يقولون
للمنتشي بنشوة الخمر، أو نشوة الحب الموهوم: دع عنك ما أنت فيه، وتعال للخمر
الحقيقية التي لا تعدل نشوتها أي نشوة، ولا لذتها أي لذة.
[77] رواه أبو داود من حديث أبي
الدرداء والوقف أشبه، وقد بالغ الصغاني فحكم بوضعه ولهذا تعقبه العراقي قال: وابن
أبي مريم لم يتهم بكذب بل ولا شديد الضعف فهو حسن.(تذكرة الموضوعات:199)
[84] دراكولا دراكيولا
(بالإنكليزية: (ص)(ص) أو (ص)(ص)) رواية ألفها الكاتب البريطاني الإيرلندي برام ستوكر في 1897،
وسميت باسم الشخصية الرئيسية فيها، مصاص الدماء الكونت دراكولا.
[86] نشير به إلى سمنون بن حمزة،
والذي يطلق عليه (سمنون المحب)، وقد كان من كبار العارفين المتحدثين في المحبة
الإلهية، ومن أقواله :( أول وصال العبد للحق هجرانه لنفسه، وأول هجران العبد الحق
مواصلته لنفسه)
وقال
أبو الطيب العكي: ذكر لي أن سمنونا كان جالسا على شط دجلة، وبيده قضيب يضرب به
فخذه حتى تبدد لحمه وهو يقول:
كان
لي قلب اعيش به
ضاع
مني في تقلبه
رب
فاردده علي فقد
ضاق
صدري في تطلبه
واغث
ما دام بي رمق
يا
غياث المستغيث به
وعن
محمد بن حمادن قال: رأيت سمنونا وقد أدخل راسه في زرمانقته، ثم أخرج رأسه بعد ساعة
وزفر وقال:
تركت
الفؤاد عليلا يعاد
وشردت
نومي فما لي رقاد
ومن
أشعاره في المحبة الإلهية قوله:
وكان
فؤادي خالي قبل حبكم
وكان
بذكر الخلق يلهو ويمرح
لفما
دعا قلبي هواك أجابه
فلست
اراه عن فنائك يبرح
رميت
ببين منك إن كنت كاذبا
وإن
كنت في الدنيا بغيرك افرح
وإن
كان شيء في البلاد بأسرها
إذا
غبت عن عيني لعيني يملح
فان
شئت واصلني وان شئت لا تصل
فلست
ارى قلبي لغيرك يصلح
ومنها
قوله:
ولا
عيش إلا مع رجال قلوبهم
تحن
إلى التقوى وترتاح للذكر
أديرت
كؤوس للمنايا عليهم
فأغفوا
عن الدنيا كإغفاء ذي السكر
همومهم
جوالة بمعسكر
به
أهل ود الله كالأنجم الزهر
فأجسادهم
في الأرض قتلى بحبه
وأرواحهم
في الحجب نحو العلا تسرى
[87]استفدنا الكثير من المعلومات عن
المدارس الفلسفية الواردة في هذا الفصل ونقدها من كتب العلامة (آية الله العظمى
السيد محمد تقي المدرسي) ككتاب (الفكر الإسلامي مواجهة
حضارية).. وكتاب (المنطق الإسلامي: أصوله ومناهجه).. بالإضافة إلى الكتب التي
أرخت للفلسفة ومدارسها.. بالإضافة للموسوعة العربية العالمية، والموسوعة اليهودية.
[88] هكذا صنفهم ابن حزم (384 - 456
هـ)، فقد قسمهم إلى ثلاثة أصناف:1- صنف نفى الحقائق جملة.2- صنف شكُّوا فيها.3-
صنف قالوا هى حق عند مَنْ عنده حق، وهى باطل عند مَنْ هى عنده باطل.
[90] ظهرت السفسطائية أول مرة إبان
نهاية القرن السادس وبداية القرن الخامس قبل الميلاد، ثم ظهرت فى عصور تالية،
وعرفت باسم حركة الشكاك، ووقف الفيلسوف الفرنسى مونتانى (1532-1592م) على أعتاب
الفلسفة الأوروبية الحديثة ليعلن أن العلم القديم قد سقط، فلِمَ لا يسقط العلم
الجديد كذلك وإذا كان الجهل المطبق بداية العلم فإن جهل العالم هو النهاية، وأن
آلات العلم عاجزة عن توفير اليقين، وستظل كذلك.
[91] أقصد بها الفلسفة.. فكلمة
(فلسفة) مشتقة من اللغة اليونانية القديمة، وقَدْ تُترجمُ بـ (حبّ الحكمة)..
والفلاسفة في العادة يكونون متشوّقين لمعرفة العالم، والإنسان، والوجود، والقيم..
[92] سقراط (469 ـ 399 ق.م). فيلسوف
ومعلم يوناني جعلت منه حياته وآراؤه وطريقة موته الشجاعة، أحد أشهر الشخصيات التي
نالت الإعجاب في التاريخ. صرف سقراط حياته تمامًا للبحث عن الحقيقة والخير. لم
يترك أي أثر مكتوب رغم أنه كان دائمًا ينهمك في المناقشات الفلسفية، وقد وصلتنا
أفكاره ومناهجه عن طريق مجالس الحوار، التي كتبها تلميذه أفلاطون، حيث برز سقراط
شخصًا رئيسيًا يشرف على الحوار، ويشرح عملية البحث عن الحقيقة، وعُرِفت معظم
المعلومات عن حياته وتعاليمه من تلميذيه المؤرخ زينفون والفيلسوف أفلاطون،
بالإضافة إلى ما كتبه عنه أريسطو فانيس وأرسطو.
وُلد
سقراط وعاش في أثينا، وكان ملبسه بسيطًا، وعُرف عنه تواضعه في المأكل والمشرب..
وكان يعلم الناس في الشوارع والأسواق والملاعب، وكان أسلوب تدريسه يعتمد على توجيه
أسئلة إلى مستمعيه، ثم يُبين لهم مدى عدم كفاية أجوبتهم.
قُدّمَ
للمحاكمة وُوجهت إليه تهمة إفساد الشباب والإساءة إلى التقاليد الدينية.. وكان
يُلمحُ إلى أن الحكام يجب أن يكونوا من أولئك الرجال الذين يعرفون كيف يحكمون،
وليس بالضرورة أولئك الذين يتم انتخابهم، وقد قضت هيئة المحلَّفين بثبوت التهمة
على سقراط وأصدرت حكمها عليه بإلإعدام. ونفذ الحكم بكلِّ هدوء متناولاً كوبًا من
سم الشوكران.
كان
سقراط يؤمن بأن الأسلوب السليم لاكتشاف الخصائص العامة هو الطريقة الاستقرائية
المسماة بالجدلية؛ أي مناقشة الحقائق الخاصة للوصول إلى فكرة عامة.. وقد أخذت هذه
العملية شكل الحوار الجدلي الذي عرف فيما بعد باسم الطريقة السقراطية.
ونحب
أن ننبه هنا إلى أن حياة سقراط التي وصلت لنا تشير إلى أن له علاقة بالصالحين..
ولعل هذا ما جعل بعض علماء المسلمين يضع احتمالا لكونه نبيا من الأنبياء.. وهو ليس
بمستبعد.. وما يروى عنه من خلاف منهج الأنبياء هو من التحريف الذي أصاب الديانات
ورجالها.
[93] وذلك عن طريق أسئلة محكمة
صارمة متلاحقة، من نوع :ماذا تعني؟ كيف عرفت ذلك؟ إن هذا الإجراء الذي يسمى
الطريقة السقراطية مالبث أن أصبح من الطرائق الفلسفية النموذجية التي تُعنى
بالمناقشة والحوار.
[94] أفلاطون (427؟ - 347؟ق.م) هو
فيلسوف ومعلم يوناني قديم، يُعَدُّ واحدًا من أهم المفكرين في تاريخ الثقافة
الغربية.. وُلد في واحدة من أعرق
العائلات في أثينا، وتنحدر أمه من نسل المشرع الأثيني الكبير سولون، وكلمة أفلاطون
كنية تعني ذا الكتفين العريضتين، أما اسمه الحقيقي فهو أرستوكليس.
كان
يرغب في شبابه أن يكون رجل سياسة، وفي عام 404 ق.م، نصَّب مجموعة من الأثرياء
أنفسهم حكامًا مستبدين على أثينا، ودعوه للانضمام إليهم إلا أنه رفض لاشمئزازه من
ممارساتهم القاسية اللاأخلاقية. وعندما أطاح الأثينيون بالحكام المستبدين في عام
403ق.م. وأقاموا حكومة ديمقراطية أعاد أفلاطون النظر في الدخول إلى ميدان السياسة،
لكنه تراجع عن ذلك بعد الحكم بإعدام صديقه سقراط في عام 399 ق.م. وبعدها غادر
أثينا في أسفار امتدت عدة سنين.
عاد
أفلاطون إلى أثينا عام 387ق.م حيث أسس مدرسة للفلسفة والعلوم عُرِفَت باسم
الأكاديمية، وكان الفيلسوف الشهير أرسطو أبرز تلاميذه.
من
أشهر مؤلفاته (المحاورات)، وقد اهتمت محاورات أفلاطون باستعراض ونقد الآراء
الفلسفية، حيث كانت شخصيات محاوراته تتناول المسائل الفلسفية وتتجادل حول الجوانب
المتعارضة لموضوع ما. وقد تميزت المحاورات بقيمة أدبية عالية إلى الحد الذي جعل
الكثيرين من العلماء يعدون أفلاطون أعظم من كتب بالنثر في اللغة اليونانية وواحدًا
من أعظمهم في أي لغة أخرى.. (انظر: الموسوعة العربية العالمية)
[95]لكن هذا لم يمنعه من معاودة
الكرة مرات أخرى لتأسيس مدينته الفاضلة في سيراكوسا في ظلِّ حكم مليكها الجديد
ديونيسوس الشاب، ففشل أيضًا في محاولاته؛ الأمر الذي أقنعه بالاستقرار نهائيًّا في
أثينا حيث أنهى حياته محاطًا بتلاميذه.
[96]شرح أفلاطون في كتابه (فيدروس)
عملية سقوط النفس البشرية التي هَوَتْ إلى عالم المحسوسات – بعد أن عاشت في العالم العلوي - من خلال اتحادها
مع الجسم.. لكن هذه النفس، وعن طريق تلمُّسها لذلك المحسوس، تصبح قادرة على دخول
أعماق ذاتها لتكتشف، كالذاكرة المنسية، الماهية الجلية التي سبق أن تأمَّلتها في
حياتها الماضية.
وقد
عبر عن نظريته (نظرية التذكُّر) بشكل رئيسي في كتابه (مينون) من خلال استجواب
العبد الشاب وملاحظات سقراط الذي توصل لأن يجد في نفس ذلك العبد مبدأً هندسيًّا لم
يتعلَّمه هذا الأخير في حياته.
[97] ويدل لهذا من القرآن الكريم
قوله تعالى :﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ
ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا
بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا
غَافِلِينَ) (لأعراف:172)
ويروي
الإمامية في هذا حديثا يقول فيه رسول الله (ص):
(خلق الله الأرواح قبل الأجساد بألفي عام) (بحار الانوار،ج58،ص132)
[98] كما يشير إلى ذلك قوله تعالى
:﴿ وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً
وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ
تَشْكُرُونَ) (النحل:78)
[99] كما قال تعالى :﴿ وَاللَّهُ
خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ
الْعُمُرِ لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ
قَدِيرٌ) (النحل:70)
[100] قال تقي المدرسي بعد نقده
لنظرية أفلاطون الاستذكارية : ( هي مرفوضة بسبب واحد وهو أنها تدَّعي أن العلم من
ذات الإنسان.. ولو فسرنا هذه النقطة منها، إذا لاستطعنا القبول بها فيما يخص
العلم، فسرناها بالقول: ان الله سبحانه وهب الإنسان العقل، ولكن هذا العقل محتجب
بالنسيان وأن التذكر به يرجعه إليه)
[101]أَرسْطو (384 - 322ق.م) لد في
ستاجرا، وهي مستعمرة يونانية وميناء على ساحل تراقيا، و كان أبوه نيقوماخوس طبيب
بلاط الملك امينتاس المقدوني، ومن هنا جاء ارتباط أرسطو الشديد ببلاط مقدونيا،
الذي أثر إلى حد كبير في حياته ومصيره فكان مربي الإسكندر.. دخل أكاديمية أفلاطون
للدراسة فيها وبقي فيها عشرين عاما، ولم يتركها الا بعد وفاة أفلاطون..
بعد
موت الإسكندر الأكبر في عام 323ق.م. رماه الأثينيون بتهمة عدم احترام الآلهة،
وخوفًا من مصير سقراط، هرب أرسطو إلى مدينة كلسيس (اسمها حاليًا كلكيس)، حيث مات
هناك بعد عام ٍ واحد.
كان
من أعظم فلاسفة عصره وأكثرهم علما ومعرفة ويقدر ما اصدر من كتابات بـ 400 مؤلف ما
بين كتاب وفصول صغيرة.. وتنقسم مؤلفاته إلى ثلاث مجموعات: 1- المؤلفات الشعبية،
وقد كانت لعامة الجمهور خارج مدرسته.. 2- المذكرات، وهي تصنيفات من مواد البحوث
والسجلات التاريخية أعدَّها بمساعدة تلاميذه؛ لتكون مصدرًا للمعلومات التي يحتاجها
العلماء الدارسون.. 3- المقالات.. وهي تمثل تقريبًا كلَّ مؤلفات أرسطو التي سَلمت
من الضياع وبقيت حتى الآن.. وقد كانت المقالات مؤلفةً للطلاب داخل المدرسة فقط.
[102]اللِّيسيوم كان مبنىً رياضيًا
في أثينا، يتلقى فيه الصبية والشبان تدريبات بدنية، ويستمعون لمحاضرات يلقيها
مشاهير المعلمين.. والمبنى مقام خارج أسوار أثينا بالقرب من أيكة مخصصة لعبادة
الإله أبولو ليكيوس، إله الشعر في أساطير الإغريق. أسس أرسطو مدرسة شهيرة هناك
حوالي عام 335 ق.م.
[103] سنقتصر هنا على بعضها، وسنرى
المزيد منها في الفقرات التالية.
[107] أفلوطين (205؟ - 270؟م) هو
مؤسس المدرسة اليونانية الفلسفية التي تُعرف باسم (الأفلاطونية المحدثة)، قيل أنه
وُلِدَ في مصر، والتحق بحملة حربية إلى الشرق ليتعلم المزيد عن الفلسفة الهندية..
وقضى سنوات حياته الأخيرة في التدريس بروما.. كان يكره الكتابة لكنه ألقى 54
محاضرة في ست وحدات، كل وحدة تسع محاضرات تُسمَّى التُّساعيَّات.. يعكس تشاؤم
أفلوطين فقط جانبًا واحدًا من فلسفة أفلاطون حيث ينظر إلى الفلسفة كعزاء أو هروب
من العالم.. وكان هذا هو الجانب الذي كان يحبه الرومانيون في عهد أفلوطين.
[108]الأفلاطونية المحدثة: هي مذهب
فلسفي تطوّر عن فلسفة أفلاطون، وأخذت أيضًا عناصر من أفكار فيثاغوروس، وأرسطو
والرواقيين.. وقد أسس أفلوطين الأفلاطونية المحدثة. أما رواد الأفلاطونية الآخرون
فهم أتباع أفلوطين بورفيري وبروكلس.
[109] هو أريجِينا، جُوهانْس
سكوتَسْ (810 - 877م)، هو فيلسوف ولاهوتي أيرلندي عرف بثقافته الواسعة، وقد بدأ
أولى المحاولات لتحقيق فلسفة نصرانية منظمة.. ومن أشهر كتبه تقسيمات الطبيعة. أقر
نظرية تعتمد على مبادئ الأفلاطونية المحدثة، وكان يقول إن الفكر والوجود يبدآن
وينتهيان بالله، وهو فوق الوجود والفكر، واعتُبِر أريجينا على أثر هذه المبادئ
صاحب بدعة، وشجبت الكنيسة الرومانية الكاثوليكية كتاباته.
[110] هو بورفيري (233 - 304م).
فيلسوف ينتمي إلى الأفلاطونية المحدثة، وصف كيف أن جميع الخصائص التي ينسبها الناس
إلى الأشياء يمكن تصنيفها. وكان لهذا الموضوع الذي عرضه في كتابه مقدمة للمقولات
تأثير كبير في الفلسفة في القرون الوسطى، كما أثار مسألة وضع القضايا الكلية التي
شغلت أذهان علماء المنطق لمئات السنين. وهو من مواليد صور، ودرس في أثينا ثم سافر
إلى روما حيث انضم إلى أفلوطين.
[111] أشير به إلى القديس أوغسطين
(354 - 430).. وهو أحد أهم الشخصيات المؤثرة في المسيحية الغربية.. بل تعتبره
الكنيستان الكاثوليكية والأنغليكانية قديسا، وأحد آباء الكنيسة البارزين، وشفيع
المسلك الرهباني الأوغسطيني.. كما يعتبره العديد من البروتستانت، وخاصة الكالفنيون
أحد المنابع اللاهوتية لتعاليم الإصلاح البروتستانتي حول النعمة والخلاص.. وتعتبره
بعض الكنائس الأورثوذكسية مثل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية قديسا.
وهو
يتحدّر من أصول أمازيغية على الأغلب.. ولد في تغسات عام 354 (حاليا سوق أهراس،
بالجزائر) التي كانت مدينة تقع في إحدى مقاطعات مملكة روما في شمال أفريقيا..
وعندما بلغ الحادية عشرة من عمره أرسلته أسرته إلى (مداورش)، مدينة نوميدية تقع 30
كلم جنوبي تغسات. وفي عمر السابعة عشرة ذهب إلى قرطاج لإتمام دراسة علم البيان.
كانت
أمه مونيكا أمازيغية ومسيحية مؤمنة، أما والده فكان وثنيا.. ورغم نشأته المسيحية
إلا أنه ترك الكنيسة ليتبع الديانة المانوية خاذلا أمه، وفي شبابه عاش أوغسطين
حياة متعية وفي قرطاج، كانت له علاقة مع امرأة صارت خليلته لمدة 15 عاما.. وخلالها
ولدت له خليلته ابنا حمل اسم أديودادتوس..
كان
تعليمه في موضوعي الفلسفة وعلم البيان، علم الإقناع والخطابة.. وبعد أن عمل في
التدريس في تغسات وقرطاج انتقل عام 383 إلى روما لظنّه أنها موطن خيرة علماء
البيان، إلا أنه سرعان ما خاب ظنه من مدارس روما وعندما حان الموعد لتلاميذه أن
يدفعوا ثمن أتعابه قام هؤلاء بالتهرب من ذلك. بعد أن قام أصدقاءه المانويين
بتقديمه لوالي روما، الذي كان يبحث عن أستاذ لعلم البيان في جامعة ميلانو، تم
تعيينه أستاذا هناك واستلم منصبه في أواخر عام 384.
في
ميلانو بدأت حياة أوغسطين بالتحول. من خلال بحثه عن معنى الحياة بدأ يبتعد عن
المانوية منذ أن كان في قرطاج، خاصة بعد لقاء مخيب مع أحد أقطابها. وقد استمرت هذه
التوجهات في ميلانو إذ ذهبت توجهت أمه إليها لإقناعه باعتناق المسيحية كما كان
للقائه بأمبروزيوس، أسقف ميلانو، أثرا كبيرا على هذا التحول.
وقد
أعجب أوغسطين بشخصية أمبروزيوس وبلاغته وتأثر من موعظاته فقرر ترك المانوية إلا
أنه لم يعتنق المسيحية فورا بل جرّب عدة مذاهب وأصبح متحمسا للأفلاطونية المحدثة.
وفي
صيف 386، بعد قراءته سيرة القديس أنطونيوس الكبير وتأثره بها قرر اعتناق المسيحية،
وترك علم البيان ومنصبه في جامعة ميلانو والدخول في سلك الكهنوت، فقام أمبروزيوس
بتعميده وتعميد ابنه في عام 387 في ميلانو. وفي عام 388 عاد إلى إفريقيا وقد توفيت
أمه وابنه في طريق العودة تاركين اياه دون عائلة.
بعيد
عودته إلى تغسات قام بتأسيس دير.. وفي عام 391 تمت تسميته كاهنا في إقليم هيبو
(اليوم عنابة في الجزائر)، وأصبح واعظا شهيرا (وقد تم حفظ أكثر من 350 موعظة تنسب
إليه يعتقد أنها أصيلة)، وقد عُرِف عنه محاربته المانوية التي كان قد اعتنقها في
الماضي.
وفي
عام 396 تم تعيينه أسقفا مساعدا في هيبو وبقي أسقف خيبو حتى وفاته عام 430 رغم
تركه الدير إلا أنه تابع حياته الزاهدة في بيت الأسقفية الأنظمة الرهبانية التي
حددها في ديره أهلته أن يكون شفيع الكهنة.
توفي
أوغسطين وعمره 75 بينما كان الفاندال يحاصرون هيبو، ويُزعم أنه شجع أهل المدينة
على مقاومة الفاندال وذلك لاعتناقهم الاريوسية.. ويُقال أيضا أن توفي في اللحظات
التي كان الوندال يقتحمون أسوار المدينة.
وقد
تحدثنا عنه وعن فلسفته وعلاقتها بالمسيحية في رسالة (أسرار الإنسان) من هذه
السلسلة.
[112] ما نذكره هنا ليس بالضرورة
آراء أوغسطين وحده.. بل نشير من خلاله إلى المسيحية المتأثرة بالفسلفات والمذاهب
المختلفة.
[113] رأينا الأدلة الكثيرة المثبتة
لهذا في رسالة (الباحثون عن الله) من هذه السلسلة.
[114] نسبة إلى تنظيم ديني روماني
كاثوليكي أسسه القديس الأسباني (دومينيك) في أواخر القرن الثالث عشر الميلادي..
وقد اشتهر الدومينيكانيون بأنهم وعاظ ومدرسون ومنصرون.. وكان تنظيم الدومينيكانيين
أول تنظيم يؤكد العمل الذهني، إذ أن الأنظمة السابقة قد ركزت على الأعمال اليدوية،
وخلال جيل من قيام التنظيم، ترأس الدومينيكانيون الأقسام اللاهوتية في كثير من
الجامعات الكبيرة، ومن بين الأعضاء ذوي الشهرة في التنظيم القديس ألبرتوس ماجنوس
والقديسة كاثرين السيناوية، والقديس توما الأكويني.
[115] هو القديس توما الأكويني
(1225؟ - 1274م).. كان أحد أشهر الفلاسفة وعلماء اللاهوت الذين عرفتهم العصور
الوسطى في الغرب بتأثيره البالغ على الفكر النصراني، وبصفة خاصة على مذهب الروم
الكاثوليك.
نشأ
ببلدة روكاسيكا قرب كاسينو بإيطاليا، وتلقى تعليمه بجامعة نابولي، وانضم إلى سلك
الرهبنة الدومينيكاني. عين قسيسًا على يد القديس ألبرت الكبير عالم اللاهوت
الألماني، ثم صار توما أستاذًا للاهوت في جامعة باريس، حيث اشتهر بتميزه في الجمع
بين ورعه الديني، وذاكرته الموسوعية وفرط تركيزه.
وفي
عام 1258م بدأ في تأليف كتابه (الدعوة إلى دحض المنكرين للعقيدة)، يدافع فيه عن
عقلانية العقيدة المسيحية، موجهًا خطابه إلي غير المسيحيين. وفي الفترة مابين
الأعوام 1259 و 1268م خصَّص كتاباته للتعليق على كتابات الفيلسوف اليوناني أرسطو.
وفي عام 1265م بدأ في تأليف أشهر أعماله المسمى بحث لاهوتي شامل. وقد اهتم فيه
بشرح العقيدة النصرانية بتصنيف وترتيب متقن. ولكنه مالبث أن توقف عن التأليف، إذ
أعلن عن دخوله في تجربة وجدانية تركته يوقن أن مجمل ما فعله حتى ذلك الحين لايرقى
إلى ماتبدَّى له إثر ذلك الفيض الروحاني. وقد قام البابا يوحنا الثاني والعشرون
بإعلانه قديسًا في العام 1323م. ويُحتفل بعيده في السابع من مارس من كل عام..
[116]سادت هذه المنظومة الفكرية بين
القرن الثاني عشر والقرن الخامس عشر الميلاديين، وهي تُشير إلى منهج فلسفي
للاستقصاء، استعمله أساتذة الفلسفة واللاهوت في الجامعات الأولى التي ظهرت في
أوروبا الغربية. وكانوا يُسمّون المدرسيين.
ويعتمد
المنهج المدرسي على التحليل الدقيق للمفاهيم، مع التمييز البارع بين المدلولات
المختلفة لتلك المفاهيم. وقد استعمل المدرسيون المحاكمة الاستنتاجية انطلاقًا من
المبادئ التي وضعوها بمنهجهم، بقصد إيجاد الحلول للمشكلات العارضة.
نشأت
المدرسية نتيجة لترجمة أعمال أرسطو إلى اللاتينية التي هي لغة الكنيسة النصرانية
في العصر الوسيط. فهذه الأعمال حثت المفكرين آنذاك على التوفيق بين
قدّم
المدرسيون مساهمات قيمة في تطور الفلسفة، منها ما قدّموه من أعمال في مجال فلسفة
اللغة. حيث بينوا كيف يمكن لخصائص اللغة أن تؤثر في تصورنا للعالم. كما أنهم ركزوا
على أهمية المنطق في البحوث الفلسفية.
[117] ما نذكره هنا ذكره القديس
توما في كتابه ((ص)) (الجزء 3 / المسألة 3، الفقرات 5 ـ 8 والمسألة 4، الفقرات 4ـ 6)
[118] قصة النزاع بين الدين
والفلسفة، توفيق الطويل: 83.
[120] هو (فرانسيس بيكون) B(ص)con،
(ص) (1561 ـ 1626م)، وهو فيلسوف ورجل دولة إنجليزي، كان من المؤيدين
الأوائل الأساسييّن والأكثر نفوذًا للمذهب التجريبي ومن المؤيدين لاستعمال الطرق
العلمية لحل المشكلات.
من
أهم كتبه الفلسفية: التقدم في التعليم (1605م)؛ الأورغانون الجديد (1620م) وهما
الكتابان الوحيدان اللذان أتم كتابتهما ضمن مشروع في ستة أجزاء يُسمَّى التجديد
الكبير. وهو في طرق بحث ونظريات وإنجازات العلوم التجريبية. وكتب بيكون أيضًا
مقالات ذات طابع هزلي ومقالات مبتكرة.
[121] روجر بيكون (1214؟ - 1292م؟).
كان فيلسوفًا وعالمًا إنجليزيًا. وهو يعد واحدًا من الشخصيات الرائدة في تطوير
العلوم في القرون الوسطى.. عُرف بصفته مؤسسًا للعلوم التجريبية وأحد الباحثين
الأوائل في دراسة علم البصريات، وقد ساعد على إرساء القواعد للثورة العلمية التي
ظهرت في أوروبا في القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلاديين.
وُلدَ
في سومرست في إنجلترا ودرس الفنون الحرة والفلسفة في جامعة أكسفورد، ثم ترك
أكسفورد في ثلاثينيات القرن الثالث عشر الميلادي وبدأ يدَرِّس في جامعة باريس..
عاد إلى أكسفورد وأمضى السنوات العشر التالية من حياته في دراسة مكثفة للرياضيات،
والتقنية وخصوصًا علم البصريات.. انضم بعدها إلى جماعة الفرنسيسكان الدينية وعاد
إلى باريس ليحث على الإصلاح الثقافي داخل الكنيسة وليكرس نفسه لاكتشاف ونشر نظام
لكل المعرفة.
وفي
هذا الوقت، قام نزاع في داخل الجماعة الفرنسيسكانية، ونتج عنه وضع رقابة على
الكتب. وسمح رؤساء بيكون له بالاستمرار في الكتابة ولكنهم منعوه من نشر أعماله.
وتنفيذًا
لرغبة طلب البابا كليمنت الرابع، جمع بيكون ملخصًا لنظام المعرفة وأرسل الملخص
المسمى أبوس مايوس (العمل الأطول)، إلى البابا في عام 1267م، وأصبح هذا الملخص من
أبرز وأهم أعمال بيكون.
خلال
السبعينيات من القرن الثالث عشر الميلادي، كتب بيكون في علم الفلك والرياضيات وعلم
الفيزياء. وفي عام 1278م انتقدت الكنيسة بعض مؤلفاته وسجن في باريس في دير
الراهبات حتى عام 1292م. وقبل فترة وجيزة من وفاته، أتم بيكون كتابه: ملخص لدراسات
علم اللاهوت، وفيه أعلن ماكان يعتبره من شرور العالم النصراني.
كانت
أهم الأعمال التي كتبها بيكون في العلوم ولكنه كتب أيضًا في الفلسفة وعلم اللاهوت.
وتوضح هذه الأعمال تأثر بيكون بالفيلسوف الإغريقي أرسطو، وعالم اللاهوت النصراني
القديس أوغسطين وابن سينا.
[122] ما ذكرناه هنا هو في الأصل
لفرنسيس بيكون لا لروجر بيكون.. مع التنبيه إلى أنهما لم يعيشا في عصر واحد كما
ذكرنا في ترجمتهما.
[123] رينيه ديكارْتْ (1596 -
1650م)، ويعرف أيضا بكارتيسيوس (ص) فيلسوف فرنسي ورياضياتي وعالم يعتبر من مؤسسي الفلسفة الحديثة
ومؤسس الرياضيات الحديثة.. والكثير من الأفكار والفلسفات الغربية اللاحقة هي نتاج
وتفاعل مع كتاباته التي لا تزال تدرّس إلى اليوم..
ولد
في لاهاييه قرب شاتيليرو. وتعلَّم في إِحدى الكُلِّيَّات اليسوعيَّة، وخدم في جيوش
بَلَدَيْن، كما سافر كثيرًا، وقد مكَّنته الأَموال التي ورثها والتي جاءته ممن
تولوه بالرِّعاية من تكريس معظم وقته للدِّراسة.. وفي الفترة بين 1628 و1649م، عاش
ديكارت حياة علميَّة هادئة في هولندا، وأنتج معظم مؤلفاته الفلسفيَّة.. وفي أواخر
عام 1649م، قَبِلَ دعوة من الملكة كريستينا لزيارة السّويد حيث أُصيب بمرض عُضال
وتوفي هناك.
له
ثلاثة مؤلَّفات رئيسية هي: رسالة في منهج التَّصرُّف العقلي السليم للمرء والبحث
عن الحقيقة في العلوم (عام 1637م) ويُعرف هذا الكتاب باسم شائع وهو رسالة في
المَنْهَج.. أَمَّا الكتابان الآخران فهما: تأمُّلات في الفلسفة الأُولى (عام
1641م) ولعلَّه أَهمّ عمل لديكارت، ومبادئ الفلسفة (عام 1644م). وأَصبحت فلسفته
تُعْرَفُ بالديكارْتيَّة.
[124]هو باروك سبينوزا
(1632-1677م)، فيلسوف عقلاني مادي، من أهم فلاسفة الحضارة الغربية الحديثة، بل هو
ـ مع نيتشه ودريدا ـ فيلسوف العلمانية الأكبر.. عاش في هولندا، ولكنه من أصل
ماراني. أفصح أبوه وجده عن انتمائهما اليهودي بعد وصولهما إلى أمستردام حيث أصبحا
من قادة الجماعة اليهودية ومن كبار التجار فيها، وكانا يعملان بالاستيراد أساساً.
ولد
في أمستردام لأبوين يهوديين. اكتسب في بدء حياته سمعة المفكر الحر، ولذلك طرد من
المجتمع اليهودي في عام 1656م. ثم عاش في عدة مدن في هولندا صانعًا للعدسات.
كان
سبينوزا طوال حياته داعيًا للتحرر الديني والسياسي.. وكان يعتز باستقلاله، ورفض
عروضًا لمعاش من الملك لويس الرابع عشر ملك فرنسا، وأستاذية جامعية في ألمانيا.
وبالرغم من أن سبينوزا وجد الاحترام من الجميع فإنه كان مثيرًا للجدل بسبب آرائه
الشاطحة في الدين والفلسفة والسياسة.
تأثرت
فلسفة سبينوزا بالفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت، وتبنى آراء ديكارت في أن الفكر
والمادة هما النظامان الأساسيان للواقع، وأن العالم المادي ليس سوى أجزاء من
المادة تتحرك وتتفاعل وفق قوانين سببية. إلا أنه في كتابه الأخلاق (نُشر بعد موته
بقليل)، طور أفكار ديكارت بطرق غير تقليدية تمامًا. ادعى سبينوزا بأن الإله أو
الطبيعة هي المادة الحقيقية، وزعم أنّ الفكر والمادة هما من الصفات المتناهية
للإله، وأن كل الأشياء الفانية (مثل عقول البشر وأجسامهم) مجرد أشكال أو حالات من
صفات الإله.. لم يترك سبينوزا مجالاً لأي استثناءات للسببية، منكرًا الإرادة الحرة
للبشرية والإله.. إلا أنه رأى، أن حرية العقل يمكن أن تحقق بالفهم العقلاني
لمكاننا في الطبيعة وخضوعنا لقوانينها خاصة قانون الانفعالات.
وقد
تعددت روافد فلسفة سبينوزا فكانت من بينها روافد يهودية، ولكنه كان يرفض صحة القول
بدقة أسفار العهد القديم ـ وقد ذكرنا رأيه في هذا في الأجزاء السابقة من هذه
السلسلة ـ وهو يرفض دعوى اليهود أنهم شعب الله المختار.. وقد تأثر كثيرًا بفلاسفة
العصور الوسطى من اليهود مثل موسى بن ميمون وابن جبرول وهذان كانا متأثرين بالفلاسفة
الإسلاميين الذين جمعوا في تصوراتهم، لله والخلق والكون، بين الإسلام والمشائية
والأفلاطونية المحدثة.
[125] أنشأ سبينوزا منظومة فلسفية
على منوال الهندسة، إذ حاول أن يستخلص الاستنتاجات الفلسفية من عدد محدود من
البديهيات المركزية؛ أي التي تفترض أنها من الحقائق المسلم بها، وكذلك من
التعاريف.. وهو يُعد من دعاة الفلسفة الآلية لأنه يرى أن كل شيء في الكون مقدر
حتمًا، وكان هدفه الأساسي ذا طابع أخلاقي، حيث أراد أن يشرح كيف يمكن للإنسان أن
يكون حرًا عاقلاً راضيًا مرضيًا في هذا العالم الذي تسيِّره الحتمية.
[126]ذكر المسيري أن إسبينوزا
استخدم للتفرقة بين تصوري الإله والطبيعة تعبيرين لاتينيين (ناتورا ناتورانز (ص)(ص) (ص)(ص))، أي (الطبيعة الطابعة)، و(ناتورا ناتوراتا (ص)(ص) (ص)(ص)(ص))، أي
(الطبيعة المطبوعة)، والطبيعة الطابعة هي النظام الشامل للأشياء من حيث هو ذو وجود
ضروري، ولا يمكن أن يتم تصوُّره بغيره لأن شيئاً لا يخرج عنه، كما أن العلة كامنة
فيه باطنة، أي لا يتحكم فيه شيء خارج عنه. أما الطبيعة المطبوعة، فهي الأوجه
الجزئية أو المكوِّنات الموجودة في العالم من حيث هي تعبير جزئي عن صفات الجوهر
الشاملة. ويمكن القول بأن (الطبيعة الطابعة) هي الإله/الطبيعة في حالة اكتمال، أما
الطبيعة/المطبوعة فهي الإله/الطبيعة في حالة صيرورة آخذاً في التحقق في المادة
(وهذا يقابل العقل المطلق عند هيجل ثم تحقُّقه من خلال الجدل داخل الطبيعة إلى أن
يكتمل في نهاية التاريخ) (انظر: الموسوعة اليهودية)
وبهذا،
ردَّ إسبينوزا العالم بأسره، في ثباته وحركته، إلى مبدأ واحد، وهذا المبدأ هو
القوة الدافعة للمادة والسارية في الأجسام، الكامنة فيها، والتي تتخلل ثناياها
وتضبط وجودها، قوة لا تتجزأ ولا يتجاوزها شيء ولا يعلو عليها أحد، وهي النظام
الضروري والكلي للأشياء، نظام ليس فوق الطبيعة وحسب ولكنه فوق الإنسان أيضاً.
ويُسمي دعاة وحدة الوجود الروحية هذا المبدأ (الإله) ويسميه دعاة وحدة الوجود
المادية (الطبيعة)، ويكتشف إسبينوزا التقابل بين شكلي وحدة الوجود ويؤكد هذه
الحقيقة الأساسية بالنسبة لمنظومته الفلسفية في عبارته اللاتينية الشهيرة (ديوس
سيفي ناتورا
(ص)(ص)) وهي عبارة تعني (الإله أي الطبيعة)
والطبيعة هي النظام الكلي للأشياء، ومن ثم فإن الإله هو النظام الكلي للأشياء..
(انظر: الموسوعة اليهودية، للمسيري)
[127] من الملاحظات التي وجهها
المدرسي لمنهج اسبينوزا:
1- أنه
قسّم طرق العلم بالحقيقة إلى أربعة وجعل منها الوجدان كما جعل منها أقول الناس..
ومن حقنا أن نتساءل عن معنى العلم؟ أليس هو وجدان الأشياء وكشفها الوصول مباشرة
إليها، كما يقول اسبينوزا ذاته.. فإذا كان كذلك، وهو كذلك، فلا فرق بين أن يأتي
هذا الوجدان عن طريق التفكير أو الإحساس أو العلم بالعلة والمعلول، بل إنما يأتي
الوجدان بعد هذه الطرق أو بعد غيرها مما يسبب حالة العلم في النفس، إذ الوجدان هو
العلم ذاته.. إذا فليس من الصحيح جعل النتيجة من أقسام الطرق المؤدية إليها وجعلها
أفضل منها.
2-
بالرغم من أنه تفطن إلى أن حقيقة العلم نور وكشف وظهور إلا أنه لم يتفطن، أو لم
يذكر، كيف نستطيع الوصول إلى منهج صحيح بعد العلم بحقيقة واضحة.
[128] هو جون لوك (1632م - 1704م)،
وهو فيلسوف إنجليزي أثَّرت كتاباته في علم السياسة والفسلفة، كان لكتابه رسالتان
للحكومة (1690م) تأثير قويّ على توماس جيفرسون وهو يكتب إعلان استقلال أمريكا.
وُلد
في رينجتون بمقاطعة سومرست بإنجلترا، ودَرَس بجامعة أكسفورد.. وفي عام 1666م التقى
بأنطوني أشلي كُوبر الذي صار فيما بعد أول إيرل لشافتسبري، وربطت بين الرجلين
صداقة حميمة.. وفي عام 1679م تورط الإيرل في مؤامرات ضد الملك، وثارت الشكوك حول
لوك أيضاً، فقرر أن يرحل عن إنجلترا، وانتقل إلى هولندا عام 1683م، حيث التقى
بالأمير وليم والأميرة ماري، أميرة أورانج.. وفي عام 1689، صار وليم وماري حاكمي
إنجلترا، فعاد لوك إليها بوصفه أحد المقربين إلى البلاط الملكي.. وقد ظل لوك حتى وفاته
يكتب بقدرٍ كبير من الحرية في موضوعات مثل الإصلاح التعليمي، وحرية الصحافة،
والتسامح الديني.
[129] سنرى تفاصيل هذا في المبحث
الثاني من هذا الفصل عند حديثنا عن النظرية الإسلامية الشاملة.
[130]ومن هنا قال جون ديوي عن لوك:(
إن كلمة (خبرة) حين استعملت عند بدء ظهورها استعمالا يضفي عليها الوقار بولغ ـ
بغير شك ـ في جانبها المتصل بالملاحظة، كما نرى مثلا عند (بيكن ولوك) ونستطيع أن
نلتمس لهذه المبالغة تعليلا سريعا في كونها حدثت في الظروف التاريخية التي حدثت
فيها (أي إنها كانت من وحي الظروف الخارجية) ذلك لأن الفكر الفلسفي كان قد تدهور
حتى بلغ صورة استبيح معها الظن بأن اعتقاداتنا عن أمور الواقع يمكن، بل ينبغي أن
نحصلها بالتدليل العقلي وحده الا إذا كانت مستندة إلى أقوال النقاد، فتولدت عن
معارضة هذه النظرة المتطرفة نظرة أخرى تساويها في قصر نفسها على جانب واحد، وهي إن
الإدراك الحسي وحده يمكن أن يقرر لنا على نحو مرض ما عسانا نريد أن نعتقده عن أمور
الواقع، فأدت هذه الفكرة عند (بيكن) وبعد ذلك عند (لوك) إلى اهمال الدور الذي
تؤديه الرياضة في البحث العلمي كما أدت عند لوك إلى تقسيم يوشك أن يكون فاصلا بين
معرفتنا لأمور الواقع ومعرفتنا لما يقوم بين أفكارنا من علاقات، على أن هذه
المعرفة الأخيرة ـ بناءاً على مذهبه ـ تعود فترتكز في نهاية الأمر على الملاحظة
الخالصة سواء كانت تلك الملاحظة داخلية أم خارجية نتج عن ذلك مذهب يرد الخبرة إلى
إحساسات هي المقومات التي تتألف منها كل ملاحظة كما يرد الفكر إلى روابط خارجية
تصل هذه المقومات على أن المفروض في الاحساسات وفي روابطها معا أن تكون عقلية فقط
أي أن تكون نفسية خالصة) (المنطق نظرية البحث).
[131]هو جورج بارْكلي (1685 -
1753م) هو مطران إنجليكاني وفيلسوف، وُلد فى أيرلندا.. وقد حاول ربط العلم السائد
في عصره بالمسيحية.
[132] سنرى الأدلة المثبتة لهذا عند
عرضنا للنظرية الإسلامية.
[133] هو ديفيد هيوم (1711 - 1776م)
فيلسوف أسكتلندي.. وُلد في أدنبره وقضى غالبية سني حياته في الكتابة، ومن وقت
لآخر، كان يقدّم خدماته في بعثات دبلوماسية في فرنسا وأقطار أخرى. وأعظم أعماله:
رسالة في الطبيعة البشرية في الفترة بين 1739، 1740م، ولم تجذب إليها إلا اهتمامًا
ضئيلاً، عندما نُشرت. ولكن شهرة هيوم طبقت الآفاق وبخاصة في فرنسا، بعد أن نشر
عددًا أكبر من أعماله في الفلسفة، والدين والتاريخ. وكانت هذه الأعمال تضم بين
دفتيها: موضوعات فلسفية عن الفهم الإنساني (1748م). وبحث فيما يتعلق بمبادئ السلوك
الأخلاقي (1751م)، وكتاب هيوم عن تاريخ بريطانيا (1754، 1756م)؛ تاريخ إنجلترا
(1759، 1762م)
[134]حوى كتاب ( نقد العقل الخالص)
خلاصة تجربة إيمانويل كانط الفلسفية.. بل أدى إلى تغيير خارطة أوروبا الفكرية
والفلسفية.
وقد
أدى هذا الكتاب بفلاسفة مشهورين كانوا قد سلموا بمطلقية العقل النظري وسيادة
أحكامه إلى تغيير آرائهم بصورة تامة بعد قراءته، إذ سلم نيتشه بكل ما في ثنايا
الكتاب واعتبرما جاء به من ثورة عقلية قضية مسلماً بها، أما شوبنهور فقد اعتبر
الكتاب على أنه أعظم ما أنتجه الأدب الألماني وأكثره شهرة، وكان له رأي مشهور
مفاده أن الإنسان يبقى طفلاً في معرفته حتى يقرأ كانط ويفهمه، وأتى هيجل بعدهم
ليربط الفلسفة كلها بمعرفة كانط إذ قال (لكي يكون المرء فيلسوفاً فلا بد من أن
يدرس كانط)
[135] هو إيمانويل كَانْط (1724-1804م)،
فيلسوف ألماني، وُلد وعاش في كونجزبيرج في بروسيا الشرقية (تُعرف الآن
بكالينينغراد في روسيا).. وقد عمل بالتدريس بالقرب من كونجزبيرج من عام 1746م حتى
عام 1755م، وبعد ذلك عمل بالتدريس في جامعة كونجزبيرج نحو 50 عامًا حتي وفاته..
وقد كان عمله فاتحة لعهد جديد، لأنه أنشأ الخطوط الأساسية للتطورات الفلسفية منذ
ذلك الحين.
إضافة
لعمله نقد العقل الخالص، كتب في علم الجمال وعلم الأخلاق. وفي علم الأخلاق، حاول
إيضاح: 1- أن أداء الفرد لواجبه أكثر أهمية من إسعاد نفسه أو الآخرين. 2- إذا
افترضنا أن بوسع العلماء التنبؤ بما سنفعله، فإن التنبؤات لا تتعارض مع ميلنا نحو
حرية الإرادة. لذا فإن تنبؤات العلماء ليس لها أي تأثير على وجوب أن نعيش متحلّين
بالأخلاق.
كان
عمله الرئيسي في مجال الأخلاق هو كتابه نقد العقل العملي (1788م). ثم نشر تعليقات
إضافية حول عَمَلَيْه الرئيسيين تحت عنوان نقد الحكم (1790م)
[136]بالإضافة إلى هذا هناك
اعتراضان وجها إلى منطق كانط، أحدهما من زاوية علم (اجتماع المعرفة) والثاني من
زاوية علم (نفس المعرفة).. وبالرغم من عدم صحة هذين الاعتراضين بصفة تامة، فإن
فيهما قيمة اعتراضية نسبية.
1-
أنها ليست الا قائمة لمقولات الفكر الأوروبي التي تمخض عنها العصر الكانتي.. وأنه
لم يكن واقعيا في نظرته إلى المعرفة إذ أحال المعرفة إلى (تصورية تركيبية) ونظر
إلى العقل على أنه (عقل خالص)، والى الإنسان على أنه (كائن مجرد) ـ بلا تاريخ..
على حين أننا لا نجد إنسانا مجردا على الإطلاق كما يستحيل علينا أن نجد عقلا
خالصا.. فلا يوجد في الواقع الا الإنسان المتحضر، أو التاريخ الذي نشاهده وندرسه
من خلال احتكاكه بالآخرين، والذي يتأثر عقله بمختلف المعايير الاجتماعية وتصاغ
شخصيته في قالب ثقافي، أو في صورة اجتماعية.
2-
لقد ثبت في الفيزياء الحديثة أن في وسعنا اكتساب معرفة خارج إطار المبادئ
الكانطية، وأن الذهن البشري ليس قائمة منحصرة من المقولات يكدس العقل في داخلها كل
التجارب، بل إن مبادئ المعرفة تتغير بتغير مضمونها ويمكن تكييفها مع عالم أعقد
بكثير من عالم ميكانيكا نيوتن. (انظر: المنطق الإسلامي: أصوله ومناهجه، للمدرسي)
[137] هو جورج ويلهلم فريدريك هيغل
(1770 - 1831م) ولد في عائلة بروسية تنتمي إلى البورجوازية الصغيرة، كان والده
موظفاً في الدولة البروسية.. بعد أن أنهى دراساته الثانوية في مدينته الأصلية
شتوتغارت دخل إلى كلية اللاهوت الشهيرة في مدينة توبنغين. وهناك درس التاريخ وفقه
اللغة الألمانية والرياضيات بصحبة صديقه هولدرلين الذي سيصبح شاعراً كبيراً فيما
بعد، وقد نشأت بينهما صداقة حميمة وعميقة.
أتم
تعليمَه في توبينغر شتيفت (كلية الكنيسة البروتستانتية في فورتيمبيرغ)، حيث ربطته
صداقة مَع فلاسفة المستقبل فريدريك شيلنغ وفريدريك هولدرلين. بعد ذلك جذبته وسحرته
أعمالِ سبينوزا، كانت، و روسو، و الثورة الفرنسية.
وبدأ
سلك التدريس الجامعي عام 1801م، في جينا. وقد عمل أستاذًا للفلسفة في جامعة برلين
منذ عام 1818م حتى وفاته.
تناول
في أول كتاب نشر له، ظواهر الروح (1807م) مع تطور صيغ الوعي، وتشمل صِيَغُ الوعي
هذه اختلافات ثرية ومحيرة لحالات العقل، ومناظرَ للعالم، ومواقف أخلاقية، ونظراتٍ
دينية نصرانية، وأنواعًا للنشاط الطبيعي، وصيغًا لتنظيمات اجتماعية.
وقد
حاول أن يوضح كيف تم التقدم فيما اعتبره تسلسلاً ضروريًا وتاريخيًا تحرك خلال
تناقض وحل لمستويات نضج أكبر.
وحاول
في كتابه الثاني، علم المنطق (1812 - 1816م)، أن يبين نوع الجدل نفسه في تطوير
النظريات الفلسفية عن الحقيقة. واحتوت موسوعة العلوم الفلسفية (1817م)، نظامه
الفلسفي في صورة مكثفة. وتشتمل على ثلاثة أقسام: صيغة قصيرة للكتابة عن المنطق،
وفلسفة الطبيعة وفلسفة الروح. وحلل كتابه الأخير فلسفة الحق (1821م)، التطور
الجدلي للنظم الاجتماعية، والأخلاقية، والقانونية. وبعد وفاة هيجل، نشر تلاميذه
محاضراته عن فلسفة التاريخ، والدين، والفن، وعن تاريخ الفلسفة. وقد أعادوا كتابة
المحاضرات بصورة أساسية، من مذكراتهم.
[138] كلمة (ديالكتيك) مأخوذة من
الكلمة اليونانية (دياليغو) ومعناها المحادثة، أو المجادلة والمناظرة.
ثم
صارت مصطلحاً علمياً عند فلاسفة الإغريق، يدلّ على حركة التغير والتطور الملاحظة
في أشياء هذا الكون، سواءٌ منهم من أخضع ذلك لعلل وقوى خارجة عن الكون، أو تصور
أنها ناتجة عن دوافع ذاتية كامنة في ضمن هذه الأشياء، كأن عناصر الكون تتجادل فيما
بينها في حركة دائمة.
والديالكتيك
عند سقراط هو الأسلوب الجدلي بين فريقين متعارضين متناظرين في موضوع ما.
واستغله
أفلاطونأسلوباً للوصول إلى الحقيقة، من خلال بيانين متعارضين، يكشف كلٌّ منهما ما
يراه في الآخر محلاً لتوجيه النقد إليه، أو الاعتراض عليه.
وارتقت
المجادلة أو المناظرة عند المسلمين فصارت لها أصول وقواعد وآداب، واقتصرت على ما
يكون بين فريقين يتجادلان ويتناظران حول موضوع ما.
ثم
جاء الفيلسوف الألماني (هيجل) فأخذ كلمة (ديالكتيك) وفق مصطلح فلاسفة الإغريق
الدالة فيه على حركة التغير والتطور الملاحظة في أشياء هذا الكون، وقام في ذهنه
تصور خاص لهذه الحركة الدائمة في الكون، حتى ظن هذا التصور قانوناً ثابتاً، تخضع
له العمليات المنطقية الفكرية، وعلميات الكون، وحركة التاريخ الإنساني، لكنه اعتبر
هذا القانون نظاماً للقوة الغيبية غير المادية، المهيمنة على الكون والمتصرفة فيه.
[139] قد تختلف الألفاظ المعبرة عن
هذه المراحل عن المعرفين بجدلية (هيجل) مثل التعبير التالي : (الوضع، ونفيه،
ومؤتلف الوضع ونفيه)
[140] من الأصول العقلية البدهية
المقررة لدى الفلاسفة والمناطقة وسائر العقلاء والمفكرين أن النقيضين كالوجود
والعدم، وكإيجاب الشيء وسلبه، لا يجتمعان في شيء واحد ووقت واحد، واجتماعهما
مستحيل عقلاً. ولا يرتفعان معاً من شيء واحد في وقت واحد، وارتفاعهما معاً مستحيل
عقلاً.. فلا يكون الشيء الواحد في الوقت الواحد موجوداً ومعدوماً معاً، ولا موجباً
وسالباً معاً من الجهة التي يكون فيها موجباً.. ولا يكون الشيء الواحد في الوقت
الواحد غير موجود وغير معدوم معاً، أو غير موجب وغير سالب معاً.
أما
الضدان كالأبيض والأسود، فلا يجتمعان معاً في شيء واحد ووقت واحد، واجتماعهما معاً
مستحيل عقلاً. فلا يكون الشيء الواحد بالذات أبيض وأسود معاً من الجهة نفسها في
وقت واحد.. لكن الضدين قد يرتفعان معاً في وقت واحد، فيكون الجسم لا أبيض ولا أسود
معاً في وقت واحد،إذ قد يكون أحمر أو أصفر أو غير ذلك من ألوان.
ومن الملاحظ
أن الجدلية قد نسفت هذا الأصل العقلي المنطقي نسفاً كلياً، فأقامت الوجود كله على
فكرة اجتماع الأضداد أو المتناقضات واتحادها.
وفي
ادعاء اتحاد الأضداد والمتناقضات استهانة بالغة بالعقل البشري، وإقامة مذهب كامل
لبني الإنسان، على أمر باطل واضح البطلان.
إن
اللحظة التي يكون فيها الشيء متحركاً، لا يمكن أن يكون فيها ساكنا، واللحظة التي
يكون فيها ساكناً لا يمكن أن يكون فيها متحركاً.
ولكن
الشيء الواحد قد تتداول عليه الحركة والسكون بلحظات متتابعات مهما صغرت ودقت هذه
اللحظات، وقد ينخدع بذلك بعض أهل الفلسفة، فيظن أن السكون كامن في الحركة، فيعتبر
ذلك من اجتماع النقيضين، وليس الأمر كذلك.
وقد
يمثل مدعو اجتماع الضدين أو النقيضين بتماس السالب والموجب في الكهرباء، الذي ينجم
عنه الظواهر الضوئية والحركية، لكن التمثيل بهذا تمثيل باطل، فالسالب والموجب في
الكهرباء ليسا ضدين ولا نقيضين منطقيين.
إن
السالب المنطقي للكهرباء هو لا كهرباء، ويصدق ذلك بأي شيء غير كهرباء في الوجود،
فالخشب والحجر والتراب والثلج والملح والحلاوة والملاسة والخشونة وغير ذلك كلها
ليست بكهرباء.
أما
السلك السالب في الكهرباء، فليس هو السالب المنطقي للكهرباء، إنما هو مشتمل على
قوة أخرى منافرة للقوة الكهربائية.
فالموجب
والسالب في الكهرباء قوتان متنافرتان متقابلتان، إذا تماسا تفاعلا، فأنتجا بحسب
قوانين إنتاجهما ظواهر ضوئية أو حركية، كالذكر والأنثى، وما ينتج عنهما.
إن
القوى المتنافرة والمتآلفة والمتفاوتة كلها إذا تلاقت أو تماست أو اجتمعت كانت ذات
آثارٍ ما، وآثارها تخضع لقوانين خاصة بكل منها. (انظر: كواشف زيوف، لحبنكة)
[141] استشهد (برنال) بنظرية
الرغبات المكبوتة لفرويد في رد هذا الديالكتيك، فقال : إننا نجد الدول
الديالكتيكية أبعد ما تكون عن الحتمية فيها، فالغريزة هي الطريحة والكبت هو
النقيضة والتسامي هو الجميعة، ثم يقول برنال : هذا جميل، ولكن افرض أن المريض أصيب
بالجنون بدلاً عن كونه قد استطاع أن يتسامى. افرض أنه قتل نفسه، أين تكون إذن هذه
المواءمة بين الأضداد بين الجميعة؟! أين يكون التقدم من الأدنى إلى الأعلى في هذه
الحالة ؟! (انظر: كواشف زيوف، لحبنكة)
[142] سبق التعريف به.. وقد ذكرنا بتفصيل
الرد على جدليته في رسالة (الباحثون عن الله) من هذه السلسلة.
[143] ذكرنا هنا بعض الآيات
القرآنية التي تتحدث عن العقل.. والتي سنحاول استنباط المعاني الواردة فيها في هذا
البحث.. ولا يخفى وجه الرمزية فيما نذكره هنا.
[144] أشير به إلى العلامة الجليل
آية الله محمد تقي الدين المدرسي، والذي استفدنا من كتبه المتخصصة في هذا المجال
كثيرا في هذا الفصل.
[145] ذكر المدرسي أن بعض الشباب في
أحد المؤتمرات ببريطانيا ذكر أن رجلاً زعم أن في الإسلام ما يخالف الحقائق العلمية
وضرب لذلك مثلاً بافتراضنا أن الشمس تتحرك والأرض ثابتة؛ لأننا نقول مثلاً: إن وقت
الظهر يحين عندما تصير الشمس في كبد السماء، قال: فقلت له: ألستَ تجد في جرائدكم
اليومية مواقيت طلوع الشمس وغروبها؟ فلو أن الناس التزموا بالحقائق الفلكية وحدها
لما جاز لهم الحديث عن شروق وغروب؟ لأنه إذا كانت الشمس ثابتة بالنسبة للأرض؟ فكيف
يقال إنها شرقت أو غربت؟ فالعلماء أنفسهم يسمون هذا بالحركة الظاهرية للشمس، وهي
الحركة التي نعتمدها في حياتنا اليومية.
[146] انظر الرد المفصل على هذه
الشبهة في رسالة (الباحثون عن الله) من هذه السلسلة.
[147] ما نذكره هنا مستفاد بتصرف من
رسالة (مشكاة الأنوار) لأبي حامد الغزالي.
[148]انظر في هذا مقالا بعنوان
(معايير العقلاء)، أ.د. جعفر شيخ إدريس رئيس الجامعة الأمريكية المفتوحة.
[149] هذه مقدمة (التقريب لحد
المنطق والمدخل إليه بالألفاظ العامية والأمثلة الفقهية) لابن حزم، تحقيق: إحسان
عباس (بتصرف).. وقد ذكرناها لما فيها من الأدلة على شرعية تعلم هذا العلم ووجه
الحاجة إليه.
[150] ما نذكره هنا من التعليلات
للمدرسي، وليس لابن حزم كما هو ظاهر.
[151] انظر رسالة (أسرار الأقدار)
من (رسائل السلام) عند الكلام عن الحسن والقبح.
[154] هذه الموازين الثلاثة المشكلة
لميزان التعادل تشبه ما يعبر عنه في المنطق بأشكال قياس أرسطو الاقتراني
الثلاثة.
[155] وهذا الميزان هو المسمى في
المنطق بالقياس الشرطي المتصل.
[156]استفدنا من بعض المادة العلمية
هنا من مقال بعنوان (شبهة سبق الغرب للمسلمين في وضع مناهج البحث العلمي)، للأستاذ
عبد الرحيم الشريف، من موقع (موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة)
[157]المنطق الحديث ومناهج البحث د.
محمود قاسم ص 38.
[158] (شمس الله تسطع على الغرب) ص
401 – ترجمة فاروق بيضون – دار الجيل – بيروت –
[159]وإن كان هذا الإنصاف منه مقدمة
لما يريد أن يصل إليه من إقناعٍ للقارئ بتفوق الجنس الآراي واليوناني على غيره.
[160]مناهج العلماء المسلمين في
البحث العلمي فرانتز روزنتال ص 15.
[161] أشير به إلى محمد بن الحسن بن
الهيثم، وهو مهندس من أهل البصرة ولد عام 354 هـ سكن في مصر واستوطن فيها على باب
الجامع الأزهر فانقطع للتصنيف والإفادة إلى أن توفي عام 430 هـ له تصانيف في
الهندسة وترجمت بعض مصنفاته إلى الألمانية مثل كيفية الإظلال والمرايا المحرقة..
انظر الأعلام 3/ 83، 84.
[162] انظر: مناهج البحث في العلوم
الإسلامية مصطفى حلمي ص 76.
[163] انظر الرد المفصل على هذه
الشبهة في رسالة (الباحثون عن الله) من هذه السلسلة.
[164] هذا بحسب ما وصل إلينا لا
بحسب حقيقة الحال، لأن ما وصل إلينا من تراث المدارس القديمة لا يمكن الجزم
بصحته.. فقد يكون التحريف أو الدس قد دخله.
[165]رواه الطبري والقضاعي في مسند
الشهاب والطبراني في المعجم الأوسط، وقال الهيثمي في المجمع (10/268): إسناده حسن.
[166] ما نذكره من حقيقة العلم
اللدني والاستدلال له مستفاد من مراجع مختلفة للغزالي منها (الإحياء)، و(كيمياء
السعادة)، و(معارج القدس في معرفة النفس)
[167] أشير به إلى (جان بول سار تر)
ولد عام (1905م) ومارس التدريس في (الهافر) ثم في المعهد الفرنسي بـ (برلين)،
واعتقل عام (1940) ولبث سنة كاملة في السجن، ثم تخلى عن مهنة التدريس وقد تأثر في
فلسفته بمؤلفات (هوسرل) و(هيجدر)… وقد كان شيوعياً في
ابتداء أمره، ثم عدل عن ذلك إلى (الوجودية) التي تزعمها، وصار على طرفي نقيض مع الشيوعية،
ولذا كل من الفريقين يحارب الآخر ويهاجمه أشد مهاجمة، لكنه كان يعتقد بأن المستقبل
للاشتراكية، لأن ظروفها باقية، ولسارتر مكان خاص في (باريس) يرتاده مريدوه، ولهم
أشكال غريبة وهيئات خاصة من حيث الملبس وغيره، ولسارتر آراء خاصة حول (الكون)
و(الإنسان) و(النظام) و(الأخلاق) وغيرها، وكثيراً ما يميل إلى صب آرائه في القوالب
القصصية، مما يجعل فهم آرائه أصعب، والوجودية ليست مبدءاً اخترعه هو بل كانت من ذي
قبل وإنما نفخ فيها وجعل لها قوالب جديدة. (انظر: الموسوعة العربية العالمية.. وغيرها)
[168]الوجودية: حركة فلسفية ظهرت في
أوروبا أثناء القرنين التاسع عشر والعشرين الميلاديين. وسميت الوجودية لأن معظم
أعضائها اهتموا مبدئيًا بطبيعة الوجود أو الكينونة، فقصدوا بمصطلح الوجود الوجود
البشري.
وقد
نشأت الوجودية من جهود اثنين من مفكري القرن التاسع عشر هما سُورِين كيركيجارد،
الفيلسوف الدنماركي اللاهوتي البروتستانتي الذي يُعدّ مؤسس الحركة، وفريدريك
نيتشه، الفيلسوف الألماني. (انظر: الموسوعة العربية العالمية.. وغيرها)
[169] أشير به إلى المحاسبي، وهي
الشخصية التي جعلناها مقابلة لسارتر في هذا الفصل، وسنترجم لها عند الحديث عنها.
[170] تنقسم الوجودية من حيث موقفها
من الدين إلى قسمين: (وجودية) ملحدة، و(وجودية مسيحية).. واللاهوتيون من الوجوديين
لا يحاولون أن يؤسسوا الدين على الأدلة العقلية. فالمعتقد الديني في رأيهم ليس
مشكلة تتطلب إثباتًا أو رفضًا، ولكن تتطلب قرارًا، مثل جميع القرارات البشرية
الأخرى، يجب أن تتخذ بحرية كاملة بوساطة كل فرد في غياب الدليل المقنع. وينبع
اهتمام الوجودي بالدين من اهتمام مبدئي بالتجربة البشرية الدينية. (انظر: الموسوعة
العربية العالمية.. وغيرها)
[171]انظر : مشاهداتي في بريطانيا:
د. عبد الله الخاطر، ص 10.
[172] استفدنا من الدراسات
والإحصائيات الواردة في هذه الفقرة من مقال طويل بعنوان (ظلم المرأة في ظل الحضارة
الغربية)، موقع إسلاميات.
[177] ذكرنا في الرسائل السابقة
الكثيرة من الأدلة على هذا، ولذلك لم نحتج إلى إعادته هنا.
[178] انظر: (القتل الرحيم: هل هو
رغبة إنسانية أم دعوة شيطانية؟؟)، الدكتور محمد السقا عيد، موسوعة الإعجاز العلمي
في القرآن والسنة، وانظر: مجلة (زهرة الخليج) في عددها رقم 694 يوليو 1992 السنة
الرابعة عشرة.
وقد
ذكرنا المسألة بتفصيل في رسالة ( أدوية من الأرض) من سلسلة (ابتسامة الأنين)
[180] ذكرنا في هذا المبحث الأسس
التي تقوم عليها النظرة الإسلامية للتعامل مع النفس.. وهي خير رد على المذاهب
الوجودية.. أما التفاصيل المرتبطة بهذا، فقد أفردنا لها فصولا في رسالتي (أسرار
الإنسان) و(أسرار الحياة)
[181]أشير به إلى أبي عبد الله
الحارث بن أسد المحاسبي البصري، أحد علماء السلوك الكبار، سمي المحاسبي لأنه كان
يحاسب نفسه. و هو أستاُذ أكثرِ البغداديين؛ و هو من أَهل البصرة. مات ببغداد سنة
243هـ.
روي من
ورعه أنه كان إذا مد يده إلي الطعام فيه شبهة تحرك إصبعه عرق، فكان يمتنع منه..
وقال الجنيد: مربي يوماً، فرأيت فيه أثر الجوع، فقلت: (يا عم، ندخل الدار وتتناول
شيئاً)، فقال: نعم، فدخلت الدار، وحملت إليه طعاماً، من عرس قوم؛ فأخذ لقمة
وأدارها في فيه مراراً، ثم قام وألقاها في الدهليز وفر، فلما رأيته بعد أيام، قلن
له في ذلك، فقال: إني كنت جائعاً أن أسرك بأكلي وأحفظ قلبك، ولكن بيني وبين الله
علامة: ألا يسوغني طعاما فيه شبهة، فلم يمكنني ابتلاعه، فمن أين كان ذلك الطعام؟
فقلت: إنه حمل من دار قريب لي من العرس، ثم قلت له: تدخل اليوم، فقال: نعم، فقدمت
اليه كسراً كانت لنا فأكل، وقال: إذا قدمت إلي فقير شيئاً فقدم مثل هذا.
من
مؤلفاته: (الرعايةِ لحقوق الله)، و(مائية العقل وحقيقة معناه)، وغيرها.
[183] نشير به إلى الشيخ عبد الوهاب
الشعراني (898 - 973 هـ = 1493 - 1565 م)، ولد في قلقشندة (بمصر) ونشأ بساقية أبي
شعرة (من قرى المنوفية) وإليها نسبته: (الشعراني، ويقال الشعراوي) وتوفي في
القاهرة.
له
تصانيف، منها (الاجوبة المرضية عن أئمة الفقهاء والصوفية) و(أدب القضاة) و(إرشاد
الطالبين إلى مراتب العلماء العالمين) و(الانوار القدسية في معرفة آداب العبودية
)، و(البحر المورود في المواثيق والعهود)، و(بهجة النفوس والاسماع والاحداق فيما
تميز به القوم من الآداب والاخلاق)، و(العهود المحمدية) الذي رجعنا إليه في هذا المحل،
وغيرها.
وننبه
هنا إلى أن بعض الخرافات دست في كتبه، وقد نبه هو إلى ذلك، وأشار إليه المؤرخ عبد
الحي بن العماد الحنبلي في كتابه (شذرات الذهب في أخبار من ذهب) عند ترجمته، فقال:
(وحسده طوائف فدسوا عليه كلمات يخالف ظاهرها الشرع، وعقائد زائغة، ومسائل تخالف الإِجماع،
وأقاموا عليه القيامة، وشنَّعوا وسبُّوا، ورموه بكل عظيمة، فخذلهم الله، وأظهره
الله عليهم وكان مواظباً على السنة، ومبالغاً في الورع، مُؤثِراً ذوي الفاقة على
نفسه حتى بملبوسه، متحملاً للأذى، موزعاً أوقاته على العبادة؛ ما بين تصنيفٍ
وتسليكٍ وإِفادة.. وكان يُسمَعُ لزاويته دوي كدوي النحل ليلاً ونهاراً، وكان يحيي
ليلة الجمعة بالصلاة على المصطفى (ص)، ولم يزل مقيماً على ذلك،
معظَّماً في صدور الصدور، إِلى أن نقله الله تعالى إِلى دار كرامته) (شذرات الذهب
في أخبار من ذهب:8/374)
[184] رواه أبو داود والترمذي وابن
حبان في صحيحه مرفوعا.
[187] هذه النصوص منقولة بتصرف من
كتاب (العهود المحمدية) لعبد الوهاب الشعراني.
[188] أشير به إلى أبي بكر
عبدالله بن محمد بن عُبيد بن سفيان بن قيس المعروف بابن أبي الدنيا، البغدادي (208
- 281هـ، 823 - 894م)، وهو الحافظ، المحدث، صاحب التصانيف المشهورة المفيدة، كان
من الوعاظ العارفين بأساليب الكلام وما يلائم طبائع الناس، إن شاء أضحك جليسه، وإن
شاء أبكاه.. وثقه أبوحاتم وغيره.. صنّف الكثير حتى بلغت مصنفاته 164 مصنفاً منها:
العظمة؛ الصمت؛ اليقين؛ ذم الدنيا؛ الشكر؛ الفرج بعد الشدة وغيرها. (الموسوعة
العربية العالمية)
ولا
يخفى سر اختيارنا له هنا، فهو من المؤلفين المكثرين في الأحاديث المرتبطة
بالأخلاق.
[200] الحديث متواتر، وقد ورد
بصيغ كثيرة رواه أحمد ومسلم والترمذي وغيرهم، وقد نص الألباني على صحته انظر حديث
رقم : 2458 في صحيح الجامع.
[201] الحديث ورد بصيغ كثيرة وهو
متواتر ومروي في كثير من كتب السنة.
[202] ذكرت الخطبة بطولها
لأهميتها، ولاستمدادها التام من القرآن الكريم، ولتصويرها لشخصية الإنسان المسلم
بأرقى صورها.
[203] سنذكر هنا ـ من خلال ما ورد
في كتب السلوك الإسلامية ـ ما بنى عليه الإسلام تعامله مع النفس، وهو مما اشتركت
في ذكره مدارس السلوك الإسلامية باختلاف توجهاتها.
[204]استفدنا الكثير من مادة هذا
المبحث من كتاب (ميزان العمل) للإمام أبي حامد الغزالي، مع التصرف الذي يقتضيه
المقام.
وقد
قال الغزالي في مقدمة هذا الكتاب :( لما كانت السعادة التي هي مطلوب الأولين
والآخرين لا تنال إلا بالعلم والعمل، وافتقر كل واحد منهما إلى الإحاطة بحقيقته
ومقداره، ووجب معرفة العلم والتمييز بينه وبين غيره بمعيار، وفرغنا منه، وجب معرفة
العمل المسعد، والتمييز بينه وبين العمل المشقي، فافتقر ذلك أيضاً إلى ميزان،
فأردنا أن نخوض فيه ونبين أن الفتور عن طلب السعادة حماقة، ثم نبيّن العلم وطريق
تحصيله، ثم نبيّن العمل المسعد وطريقه. وكل ذلك بطريقة تترقى عن حد طريق التقليد
إلى حد الوضوح، لو استقصى بحقيقته وطوّل الكلم فيه ارتقى إلى حد البرهان على
الشروط التي ذكرناها في (معيار العلم)، وإن كنا لسنا نطوّل الكلام به، ولكن نرشد
إلى أصوله وقوانينه)
والكتاب
في جملته خير ما يبين النظرة الإسلامية للتعامل مع النفس، وهو في نفس الوقت يرد
على المقولات المختلفة التي تبرر للنفس سلوكاتها العشوائية غير المنضبطة.
واستفدنا
كذلك من كتاب (تفصيل النشأتين وتحصيل السعادتين) للراغب الأصفهاني.
[205] ورد هذا الوصف للجنة في
أحاديث كثيرة منها ما روي عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ عن النبي (ص) قال
:( لما خلق الله جنة عدن خلق فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب
بشر، ثم قال لها: تكلمي فقالت:﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) (المؤمنون:1)، وفي
رواية :(خلق الله جنة عدن بيده ودلى فيها ثمارها وشق فيها أنهارها ثم نظر فيها
فقال لها: تكلمي فقالت :﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) (المؤمنون:1)،
فقال:(وعزتي لا يجاورني فيك بخيل) رواه الطبراني في الأوسط والكبير وأحد إسنادي
الطبراني في الأوسط جيد.
[206] وفرق هؤلاء بين طريق التخيل
في حالة النوم وبين هذا التخييل بأن النوم يتكدر بالتنبه، وذلك لا تكدر له، بل هو
على التأبيد، وذكروا أن هذا قاصر على طائفة من المشغوفين بالمحسوسات، والذين
التفات نفوسهم مقصور عليها، ولا يسمون إلى اللذات العقلية، وذكروا أن هذا لا يفضي
إلى أمر يوجب فتوراً في الطلب، فإن الالتذاذ إنما يقع بما يحصل في نفس الإنسان من
التأثر بالملموس والمنظور والمطعوم وغيره، والشيء الخارج سبب في حصول الأثر، وليست
اللذة من الأثر الخارج بل من الأثر الحاصل عند حضور الخارج. فإذا أمكن حصول الأثر
في النفس دون الشيء الخارج، كما في حالة النوم، فلا أرب في الشيء الخارج.. (انظر:
ميزان العمل)
[207] سنرى التفاصيل الكثيرة
المرتبطة بهذا في رسالة (أسرار الحياة) من هذه السلسلة.
[208] هذا الدليل منقول بتصرف من
(الجواب الكافي) لابن القيم ص22.
[210] هذا اسم الكتاب الذي
استفدنا منه المعاني التي سنذكرها، وهو لأبي عبد الرحمن السلمي.
[211] أشير به إلى الإمام الجليل
محمد بن الحسين بن محمد بن موسى الازدي السلمي النيسابوري، المعروف بأبي عبد
الرحمن السلمي (325 - 412 هـ)
صرف
أبو عبد الرحمن همه إلى الدراسة الحديث والتصوف، ولقي شيوخ عصره فيهما. فرحل في
الطلب إلى: العراق، والري، وهمدان، ومرو، والحجاز، وغيرها لكتب الحديث، ولقاء
الشيوخ، كما جرت بذلك عادة عصره، فوق تتلمذه لشيوخ نيسابور.. ونيسابور يومئذ من
أمهات المدن الإسلامية، التي بلغت قمت الاكتمال في العمران والفكر.
بلغت
تصانيفه مئة أو أكثر، منها (حقائق التفسير) و(طبقات الصوفية) و(مقدمة في التصوف)
رسالة، و(مناهج العارفين) و(رسالة في غلطات الصوفية) و(رسالة الملامتية) و(آداب
الفقر وشرائطه) و(بيان زلل الفقراء ومناقب آدابهم) و(الفتوة) و(آداب الصحبة)..
و(عيوب النفس ومداواتها)، ومنه استفدنا ما سنذكره في هذا المحل من الأدوية
الروحانية.
[212] رواه أحمد والترمذي
والنسائي وابن ماجه كلهم من رواية أبي وائل عن معاذ وقال الترمذي حديث حسن صحيح.
[213] رواه الترمذي والبيهقي،
وقال الترمذي حديث حسن غريب.
[214] هذا اسم الكتاب الذي
استفدنا منه المعاني التي سنذكرها، وهو لابن مسكويه.
[215] أشير به إلى أبي علي أحمد
بن محمد بن يعقوب مسكويه (ت421 هـ)، وهو مؤرخ بحاثة، أصله من الري وسكن أصفهان
وتوفي بها.. اشتغل بالفلسفة والكيمياء والمنطق مدة، ثم أولع بالتاريخ والادب
والانشاء.. وكان قيما على خزانة كتب ابن العميد، ثم كتب عضد الدولة بن بويه، فلقب
بالخازن، ثم اختص ببهاء الدولة البويهي وعظم شأنه عنده.
وقال
أبو حيان في جملة وصفه: (لطيف الالفاظ، سهل المأخذ، مشهور المعاني شديد التوقي،
ضعيف الترقي، يتطاول جهده ثم يقصر)
من
كتبه (تجارب الامم وتعاقب الهمم) في التاريخ، انتهى به إلى السنة التي مات فيها
عضد الدولة (372 ه)، وله (تهذيب الاخلاق وتطهير الاعراق)، ومنه استفدنا في هذا
المطلب، و(طهارة النفس) و(آداب العرب والفرس) و(الفوز الاصغر) في علم النفس،
و(ترتيب السعادات) في الاخلاق، و(رسالة في ماهية العدل) و (نديم الاحباب وجليس
الاصحاب) و(الحكمة الخالدة)، و (الادوية المفردة) و(الاشربة) وغير ذلك.. عاش عمرا
طويلا.. (انظر: الأعلام للزركلي)
[217] أشير به إلى الإمام بديع
الزمان النورسي.. وقد تحدثنا عنه مرات كثيرة في هذه السلسلة.
[218] انظر الشواهد الكثيرة المثبتة
لهذا في رسالتي (أسرار الإنسان) و(أسرار الحياة) من هذه السلسلة.
[219]أشير به إلى توماس روبرت
مالتوس (1766 - 1834م)، وهو اقتصادي بريطاني، اشتهر بمقالته عن مبادئ علم السكان
سنة 1798م.. وتقوم فكرته الأساسية في هذا الكتاب على أن أعداد السكان في العالم
تميل إلى الزيادة، بينما كميات الطعام تقل، كما كان يعتقد أن الحروب والأمراض
ستفتك بالأعداد الزائدة من البشر، ما لم يتم تحديد النسل.
وأوحت
مقالة مالتوس المذكورة إلى تشارلز داروين فكرة العلاقة بين التطوّر والبقاء
للأصلح.. وفشلت تنبؤات مالتوس في التحقق خلال القرن التاسع عشر، حيث أمكن عن طريق
وسائل الزراعة المتقدمة إنتاج الطعام الكافي لمعظم الناس.
وُلدَ
مالتوس في مدينة سري ببريطانيا، وكان يرغب في أن يكون رجل دين، إلا أنه بعد تخرجه
في جامعة كمبردج عمل أستاذًا للتاريخ والاقتصاد السياسي في كلية شركة الهند
الشرقية عام 1805م وبقي في هذه الوظيفة إلى أن توفي.
[220] ثبت بطلان هذه النظرية وما
دعا إليه أصحابها، بل ثبت خلاف ما تدعو إليه هذه النظرية، فقد تضاعف سكان أوربا
منذ أن أقدم (مالتوس) على نظريته عدة مرات، ومع ذلك لم تصب إنكلترا، ولا أوربا،
ولا الولايات المتحدة بالمجاعات التي كان ينذر بها (مالتوس). بل على العكس من ذلك
زاد الإنتاج زيادة رهيبة، حتى إن الفائض من الطعام في أوربا والولايات المتحدة بلغ
جبالاً من القمح والجبن واللحم، وأنهاراً من اللبن والزبد. ومن أجل ذلك، قامت
حكومات هذه الدول بحرق الفائض أو رميه في البحر؛ حتى لا ينخفض السعر في السوق
العالمي!!!.
ولأجل
ما سبق، أصبحت كثير من الدول تدعو إلى زيادة النسل والإنجاب وتحث عليه، وتزيل
الأسباب التي تعوق ذلك.
فهذه
إيطاليا تصدر قانوناً ضد منع الحمل المراقب، فقد صدرت رسالة بابوية عام (1968م)
تمنع ذلك. وهذه إسبانيا تحظر بيع وسائل منع الحمل. وهذه ألمانيا تحذر من انقراض
الألمان في القرن القادم - أي القرن الحالي-، إن لم يحصل توازن بزيادة عدد
المواليد.
وهذا
الرئيس اليوناني يحض على إنجاب المزيد من الأبناء؛ لإقامة قوات مسلحة ضخمة لمواجهة
القوات التركية وتهديداتها، وهذه زوجة رئيس فرنسا اختارت الأمهات المثاليات - على
مستوى الدولة - من اللواتي أنجبن نحو ثلاثة عشر مولوداً.
[221] انظر في هذا كتابا رائعا
لهارون يحي عنوانه (التضحية عند الكائنات الحية)
[222] ظل الطلاق محرماً في ظل
الكنيسة زمناً طويلاً حتى حدث الانفصام بين الكنيسة والدولة فأباحت التشريعات
الوضعية الطلاق ثم تبعتها بعض الطوائف المسيحية، أما تعدد النساء فإنه مازال
محرماً وإن نظرت إليه بعض الطوائف على أنه مباح وما زالوا يمارسونه بشكل سري في
بعض الولايات الأمريكية.
[223] ذكرنا تفاصيل موقف الكنيسة
والمسيحية من التعدد بتفصيل في رسالة (النبي المعصوم) من هذه السلسلة.
[225] ذكر المسيري في موسوعته عن
اليهودية بأن الطلاق يتم حسب الشريعة اليهودية في محكمة حاخامية.. وتنتهي
الإجراءات بأن يعطي الرجل زوجته قسيمة طلاق تُسمَّى في التوراة «سفير كيرتوت» أي
كتاب الطلاق (تثنية 24/3)، وتُسمَّى في التلمود «جيط»، ويكون في حضور شهود أو أمام
محكمة شرعية (بيت دين). وتتلخص وظيفة المحكمة في التأكد من أن الإجراءات تتفق مع
القانون الديني، ولا تتنافى معه، ثم يسجل كاتب المحكمة الطلاق، ويعطي نسخة من
القسيمة لكل من الزوجين.. والطلاق، حسب الشريعة اليهودية، من حق الرجل، يمارسه متى
أراد. (انظر: الموسوعة اليهودية)
[226] المعلومات التي نذكرها هنا
منقولة من مقال بعنوان (الانهيارُ الاجتماعي يعصف بالمجتمع الغربي) في موقع
الألوكة.
[227] أشير به إلى (سيمون دي
بوفوار)، ولدت عام 1908 في باريس لعائلة برجوازية، والدها كان محاميا خسر أملاكه
في الحرب العالمية الأولى.. أما أمها فعملت على تلقينها هي وأختها الصغرى مبادئ
الكاثوليكية، والتي ما لبثت دي بوفوار أن أعلنت كفرها بها.
درست
الفلسفة في جامعة (أكول نورمال سوبراير) وكانت جامعة تضم الذكور فقط حينها، وفي
عام 1929 تعرفت على جان بول سارتر الذي كان وقتها طالب في قسم الفلسفة، ونشأت قصة
حب بينهما استمرت حتى وفاة سارتر عام 1980، لكن بدون أن يلتزما بالزواج.
في
الأعوام 1931- 1943 درست بوفوار الفلسفة في ثانويات مختلفة في إرجاء فرنسا. في
الأعوام 1941- 1943 عملت كبروفيسور (أستاذه جامعيه) في السوربون. عام 1943 نشرت
روايتها الأولى (المدعوة)،. هذه الأعوام كانت مهمة في صقل شخصيتها كفيلسوفة
ومفكرة، لاسيما في المجال النسوي. في عام 1981 كتبت (مباركة الانفصال عن سارتر)،
وبه وصف صعب للسنوات الأخيرة التي عاشها سارتر. تعتبر دي بوفوار أماً للتيار
النسوي ما قبل عام 1968، وقد اشتهرت بصورة خاصة بفضل كتابها (الجنس الآخر) الذي
نشرته عام 1949. توفيت بوفوار في باريس عام 1986 ودفنت إلى جانب جان بول سارتر.
[228]استدفنا المعلومات عن الفنانات
الواردة هنا من كتاب (التوبة وظيفة العمر) للشيخ محمد الحمد.
[229] انظر مقالا بعنوان: المسنون
في ديننا وحضارتهم، لخالد ابن ناجم الشريف، مجلة الأسرة، العدد (105)
[230]نشرت هذه الإحصائية صحيفة
الشرق الأوسط التي تصدر في لندن في عددها الصادر 15/7/1400 هـ الموافق 29/5/1980
م.
[231]انظر: صحيفة الشرق الأوسط في
عددها الصادر 12/7/1400 الموافق 26/5/1980.
[232] وهي طائفة تتواجد في كندا
وأوروبا وخاصة فرنسا وسويسرا.. وأصحابها يعتقدون أن الانتحار الجماعي في طقوس
معينة يمكَّن الواحد منهم أن يولد من جديد في كوكب الشعرى اليماني.
وقد
وجد (48) شخصاً من أعضاء هذه الطائفة قتلى منتحرين في أحد الشاليهات في سويسرا..
وفي جبال الألب بفرنسا انتحر 16 شخصاً من أتباعها في ديسمبر 1995م.. وفي كويبك
بكندا عثر على جثث لخمسة منتحرين في مارس 1997.. وكان قد سبق ذلك العثور على خمسة
أطفال آخرين في مدينة مونتريال بكندا أيضاً.. انظر مقالا بعنوان (ظاهرة الانتحار)
لأوزجان يشار، منشور في موقع عشتار / التاريخ: 1423هـ.
[233] أشير به إلى المفسر الفقيه
المحدث أمين الدين أو أمين الإسلام الشيخ أبو علي الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي
الطوسي السبزواري الرضوي المقلب بـ(المشهدي)..
قال
صاحب (رياض العلماء) بعد الترجمة له: كان قدس سره وولده رضي الدين أبو نصر حسين بن
الفضل، صاحب (مكارم الأخلاق) وسبطه: أبو الفضل علي بن الحسن صاحب (مشكواة الانوار)
وسائر سلسلته وأقربائه من أكابر العلماء ويروي عنه جماعة من أفاضل العلماء، منهم
ولده المذكور، وابن شهر آشوب والشيخ منتجب الدين، والقطب الراوندي)
وسبب
اختيارنا له هنا هو ما اشتهر عنه من اهتمامه بأسرته، حتى تخرج منها الكثير من
العلماء الأفاضل.
[234] ننبه هنا إلى أنا اقتصرنا في
هذا الفصل على بعض ما شرعه الإسلام في هذا الباب، أما التفاصيل، فقد أفردناها ـ
أولا ـ بسلسلة فقهية مفصلة هي (سلسلة فقه الأسرة برؤية مقاصدية) والتي طبعت
أجزاؤها تحت عنوان (مكتبة الأسرة المسلمة)
والثاني
أن الكثير من التفاصيل المرتبطة بالموضوع في هذه السلسة طرقناه في رسالة (رحمة
للعالمين)
[255] رواه الأصبهاني، ويؤيد هذا ما
رواه الطبراني بسند صحيح عن الأعمش قال: كان ابن مسعود جالسا بعد الصبح في حلقة
فقال : أنشد الله قاطع رحم لما قام عنه فإنا نريد أن ندعو ربنا وإن أبواب السماء
مرتجة مغلقة دون قاطع رحم)
[290] وفي ذلك يقول ابن عباس : ثلاث
آيات نزلت مقرونة بثلاث لم تقبل منها واحدة بغير قرينتها: إحداها : قوله تعالى :﴿
وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ﴾ (المائدة: من الآية92)، فمن أطاع
الله ولم يطع رسوله لم يقبل منه.. والثانية قوله تعالى :﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ
وَآتُوا الزَّكَاةَ ﴾ (البقرة: من الآية43)، فمن صلى ولم يزك لم يقبل منه..
الثالثة قوله تعالى :﴿ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ ﴾ (لقمان: من الآية14)،
فمن شكر الله ولم يشكر والديه لم يقبل منه.
[328] رواه البخاري ومسلم.. وتتمة
الحديث:( قال الآخر : اللهم كانت لي ابنة عم كانت أحب الناس إلي فأردتها على نفسها
فامتنعت مني حتى ألمت بها سنة من السنين فجاءتني فأعطيتها عشرين ومائة دينار على
أن تخلي بيني وبين نفسها ففعلت، حتى إذا قدرت عليها قالت لا أحل لك أن تفض الخاتم
إلا بحقه، فتحرجت من الوقوع عليها، فانصرفت عنها وهي أحب الناس إلي وتركت الذهب
الذي أعطيتها.. اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت
الصخرة غير أنهم لا يستطيعون الخروج منها.
وقال
الثالث : اللهم إني استأجرت أجراء وأعطيتهم أجرهم غير رجل واحد ترك الذي له وذهب،
فثمرت أجره حتى كثرت منه الأموال، فجاءني بعد حين فقال يا عبد الله أد إلي أجري،
فقلت كل ما ترى من أجرك من الإبل والبقر والغنم والرقيق، فقال يا عبد الله لا
تستهزئ بي، فقلت إني لا أستهزئ بك، فأخذه كله فاستاقه فلم يترك منه شيئا.. اللهم
إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة فخرجوا يمشون)
[369]نسبة للثيوقراطية، وتعني حكومة
الكهنة أو الحكومة الدينية.. وتتكون كلمة ثيوقراطية من كلمتين مدمجتين هما (ثيو)
وتعني الدين و(قراطية) وتعني الحكم.. وعليه فإن الثيوقراطية هي نظام حكم يستمد
الحاكم فيه سلطته أو بالأحرى شرعيته مباشرة من الإله.. حيث تكون الطبقة الحاكمة من
الكهنة أو رجال الدين.
[370] استفدنا الكثير من المعلومات
التاريخية الواردة هنا من كتاب (العلمانية) لمحمد قطب.
[371]
نسبة لمكيافيلي (ò (ص)(ص))، ولد في
فلورنسا 3 مايو 1469، وتُوفي في فلورنسا في 21 يونيو 1527، فيلسوف سياسي إيطالي
إبان عصر النهضة.. وقد أصبح مكيافيلي الشخصية الرئيسية والمؤسس للتنظير السياسي
الواقعي، والذي أصبحت فيما بعد عَصّبَ دراسات العلم السياسي. أشهر كتبه على
الإطلاق، كتاب الأمير، والذي كان عملاً هدف مكيافيلي منه أن كتيب تعليمات للحكام،
نُشرَ الكتاب بعد موته، وأيد فيه فكرة أن ماهو مفيدٌ فهو ضروري، والتي كان عبارة
عن صورة مبكرة للنفعية والواقعية السياسية.
وألف مكيافيلي العديد من (المطارحات)
حول الحياة السياسية في الجمهورية الرومانية، فلورنسا، وعدة ولايات، والتي من
خلالها برع في شرح وجهات نظر أخرى.
[373] مصطلح الديمقراطية يونانى
الأصل، ويتكون من شقين : الشق الأول ((ص)(ص)) وتعنى بالعربية: (الشعب)، والشعب فى
لسان العرب : القبيلة العظيمة، والجمع شعوب.. أما الشق الثانى من الديمقراطية ((ص)(ص)): فيعنى حكم أو سلطة بمعنى التحكم فى المصير الشخصى، وأحيانا تعنى
مصير الغير.
ومجموع
الشقين يعنى : حكم الشعب، أو سلطة الشعب.
ويلاحظ
أن الكلمة فى النطق العربى لها أقرب إلى أصلها اليونانى مما هو عليه فى اللغات
الأوربية الحية.
ويرى
منتسكيو - وهو من أبرز مفكرى عصر النهضة وممن ساهموا فى إرساء نظرية الديمقراطية-
أن الديمقراطية هى حكم الشعب، أو من يمثلونه وفق قواعد نيابية خاصة، فإذا كان
الحكم فى أيدى فئة من أغنياء الشعب، فتلك هى الأرستقراطية.
ففى
الديمقراطية يستطيع كل شخص وفق قواعد خاصة تمثيل الشعب، أو حكم الشعب باسم الشعب،
أما فى حالة الأرستقراطية فإن الحكم محصور فى طبقة معينة أو عدة طبقات لا
يتعداها.. وأحسن شكل للحكم الأرستقراطى هو ذلك الحكم الذى يقترب من الحكم
الديمقراطى.
أما
الحكم الملكى - فى رأى مونتسكيو- فهو الذى يقوم على هيئات تتوسط بين الملك والشعب،
وتكون لها اختصاصات محدودة تحديدا دقيقا يحد من سلطان الملك.
(انظر:
د حسن سعفان، روح القوانين لمونتسيكو، ص 28، وما بعدها، الهيئة المصرية العامة
للكتاب، تراث الإنسانية، 1995م)
[374] استفدنا هنا من كتاب بعنوان
(الديمقراطية) للدكتور صالح الرقيب.
[375]انظر الديمقراطية الأثينية
أ.هـ.م. جونز، ترجمة د. عبد المحسن الخشاب، الهيئة المصرية العامة 1976م ص 121.
[376] يطلق مصطلح (فاشية) لكل نظام
حكم، أو مفهوم سياسي، يشبه حكم بنيتو موسوليني، وأدولف هتلر وسياساتهما.. فقد قامت
حكومتان فاشيتان في كل من إيطاليا، بقيادة موسوليني من سنة 1922م إلى سنة 1943م،
وفي ألمانيا بقيادة هتلر من سنة 1933م إلى سنة 1945م.
[377] للأسف الشديد لم يسمح الطغاة
والمستبدون والظلمة الذين حكموا الأمة الإسلامية لفترات طويلة بقيام مثل هذه
الحكومة الإلهية التي يعم نورها وعدلها الأرض جميعا، ولكن ذلك لا يعني عدم قيامها،
فالله وعد بذلك.. والأسف الأخطر من هذا هو على من يشوه هذه الحكومة العادلة بنسبة
تطبيقها في الواقع التاريخي الإسلامي حرصا على التاريخ وعلى الحكام الظلمة الذين
حالوا بين الأمة وبين الدولة التي أرادها الله لهم.
[378] تحدثنا عن هذا وما يرتبط به
من تفاصيل في رسالة (عدالة للعالمين).. ولذلك اكتفينا هنا ببعض الأسس التي تقوم
عليها النظام السياسي في الإسلام، وقد لخصناه بتصرف من الرسالة المذكورة.
[379] تحدثنا عن هذه المسؤوليات
بتفصيل في رسالة (عدالة للعالمين) من هذه السلسلة.
[381]كلمة آريان(ص)ry(ص)n،
أي (آري)، مشتقة من اللغة السنسكريتية ومعناها (سيِّد)، وقد استُخدم المصطلح في
بداية الأمر للإشارة إلى مجموعة من اللغات الإيرانية ثم الهندية الأوربية، إذ طرح
العالم الألماني ماكس مولر (1823 ـ 1900 ) نظرية مفادها أن هناك جنساً يُسمَّى
(آرياس) كان يتحدث اللغة الهندية الأوربية التي تفرعت عنها اللغات الهندية
الأوربية الأخرى جميعاً ابتداءً بالهندوستانية وانتهاء بالإنجليزية.
كما استُخدم
المصطلح للإشارة إلى الشعوب الهندية الأوربية التي انتشرت في جنوب آسيا وشمال
الهند في العصور القديمة. وكان جوزيف جوبينو (1816 ـ1882) من أهم المفكرين الذين
أشاعوا هذه الفكرة، فكان عادةً ما يضع الآريين مقابل الساميين، وكان ثمة تَرادُف
مُفترَض بين الآرية والهيلينية مقابل السامية.
وقام
المفكرون العرْقيون الغربيون بتطوير المفهوم فذهبوا إلى أن هذا الجنس الآري انتشر
من شمال الهند وإيران عبر الإستبس، إلى أوربا، وهو جنس يتسم ـ حسب نظريتهم ـ
بالجمال والذكاء والشجاعة وعمق التفكير والمقدرة على التنظيم السياسي، وبأنه
المؤسس الحقيقي للحضارة وبتفوقه على الساميين والصفر والسود. ونبه هيوستون
سـتيوارت تشـامبرلين (1855 ـ 1927) إلى أن النورديين هم أرقى الآريين، فهم الجنس
السيد، أما اليهود والسود والعرب فيشغلون أدنى درجات السلم العرْقي. انظر
(الموسوعة اليهودية) للمسيري.
[382] انظر بتفصيل الموقف الإسلامي
من الرق، والمعاملات الرحيمة التي شرعها تجاه الرقيق في رسالة (رحمة للعالمين) من
هذه السلسلة.. ونحب أن نذكر هنا فقط بأن ما حصل في التاريخ الإسلامي من مآس حول
الرقيق لا يتحمله الإسلام الإلهي، وإنما هو نتاج للإسلام البشري الذي اجتمع على
تأسيسه الحكام الظلمة وعلماء السوء.
[383]صفحات من تاريخ مكّة، سنوك هو
رخونية، وترجمة د. على الشيوخ، طبع دارة الملك عبد العزيز: (1419هـ):2/323، 326،
330
[386] انظر: الموسوعة العربية
العالمية، وكتاب (الاستعمار و التنصير في إفريقيا السوداء)، لعبد العزيز الكحلوت.
[387] يذكر المؤرخون أنه في عام
1763 أمر القائد الأمريكي (البريطاني الأصل) جفري أهرست برمي بطانيات كانت تستخدم
في مصحات علاج الجدري إلى الهنود الحمر بهدف نشر المرض بينهم مما أدى إلى انتشار الوباء
الذي نتج عنه موت الملايين من الهنود، ونتج عن ذلك شبه إفناء للسكان الأصليين في
القارة الأمريكية.
وقد
كانت هذه الحادثة أول وأكبر استخدام لأسلحة الدمار الشامل بشكلها الشامل ضد الهنود
الحمر، حتى أن القنابل النووية التي أطلقت بعد ذلك بما يزيد عن قرن ونيف على
هيروشيما وناكازاكي لم تكن اكثر فتكا من جرثومة الجدري المستخدمة ضد الهنود، حيث
قتل من اليابانيين 5% من عدد ضحايا الهنود في تلك المجزرة.
[388]يُقدر البعض أن العدد الفعلي
الذي تم إبادته منذ القرن السادس عشر حتى بداية القرن العشرين قد يصل إلى عشرات
الملايين.
[389]كلمة «نازي» مأخوذة بالاختصار
والتصرف (بهدف التهكم) من العبارة الألمانية «ناشيونال سوشياليستيش دويتش
أربايتربارتي (ص)(ص) (ص)
(ص)(ص)» ((ص))،
أي «الاشتراكية القومية»، وهي حركة عرْقية داروينية شمولية، قادها هتلر وهيْمنت
على مقاليد الحكم في ألمانيا، وعلى المجتمـع الألماني بأسـره. والحركة النازية هي
حركة سياسية وفكرية، ضمن حركات سياسية فكرية أخرى تحمل نفس السمات، ظهرت داخل
التشكيل الحضاري الغربي بعد الحرب العالمية الأولى. كانت النواة الأساسية للحركة
النازية هي حزب صغير يُسمَّى «حزب العمال الألمان» أُسِّس في جو البطالة والثورة
الاجتماعية عام 1918 بعد هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى وإذلالها على يد
الدول الغربية المنتصرة. وكان المنظِّر الأساسي للحزب هو جوتفريد فيدر الذي نادى
بعقيدة لها صبغة قومية قوية وطابع اشـتراكي، تدعـو إلى ملكية الدولة للأرض وتأميم
البنوك. وكان من أوائل من انضم لعضوية هذا الحزب محاربون قدامى مثل رودولف هس
وهرمان جورنج، ومثقفون محبطون مثل ألفريد روزنبرج و ب.ج. جوبلز وهتلر نفسه،
وشخصيات أخرى مثل يوليوس سترايخر. وقد ازدادت عضوية الحزب لأنه توجه إلى المخاوف
الكامنة لدى قطاعات كبيرة من الألمان من الشيوعيين والبلاشفة، وإلى حنقها على
معاهدة فرساي التي أذلت ألمانيا وحولتها إلى ما يشبه المستعمرة، وعلى جمهورية
وايمار المتخاذلة التي قبلت هذا الوضع، وإلى إحساس الجماهير بالضياع في المجتمع
الحديث وإحساسهم بالقلق وعدم الطمأنينة نتيجة تآكل المجتمع التقليدي. ورغم أن
الحـزب كان يُسمَّى «حزب العمال»، فإنه لم يضم كثيراً من العمال بين أعضائه، ولم
ينضم له من العمال سوى العاطلين عن العمل. وأُعيد تنظيم الحزب عام 1920 وسُمِّي
«حزب العمال الألماني الاشتراكي القومي» وترأسه هتلر الذي حصل على تأييد لودندورف
(بطل الحرب العالمية الأولى) وعديد من رجال الصناعة الذين رأوا أن بإمكان هتلر
تقويض دعائم النظام السياسي القائم، الذي لم يكن يسمح لهم باتباع سياسة رأسمالية
حرة تماماً، كما أنهم رأوا أن وجوده يمثل الفرصة الوحيدة أمامهم لوقف تقدم الشيوعيين.
وقد تزايد نفوذ الحزب مع اتساع نطاق الكساد الاقتصادي. وحل كتاب هتلر كفاحي محل
برنامج جوتفريد فيدر (الذي تحول إلى مجرد ناطق بلسان هتلر)، كما تراجع الخطاب
الاشتراكي وحل محله خطابٌ نازيٌ أكثر تبلوراً ومادية. (انظر: الموسوعة اليهودية،
للمسيري)
[390] وكأدلة على ذلك يذكر المؤرخ
جون تولاند أن هتلر، في أحاديثه الخاصة مع أعضاء الحلقة المقرَّبة إليه، كثيراً ما
كان يعبِّر عن إعجابه بالمستوطنين الأمريكيين وطريقة معالجتهم لقضية الهنود الحمر.
فقد قاموا بمحاولة ترويضهم عن طريق الأسر، أما هؤلاء الذين رفضوا الرضوخ فكان يتم
إبادتهم من خلال التجويع أو القتال غير المتكافئ.
ويقول
يواقيم فست إن حروب هتلر القارية المستمرة كانت محاكاة للنموذج الاستعماري الغربي
في أمريكا الشمالية. وبالفعل صرح هتلر في إحدى خطبه بأنه حين قام كورتيز وبيزارو
(وهما من أوائل القواد الاستعماريين الإسبان) بغزو أمريكا الوسطى والولايات
الشمالية من أمريكا الجنوبية، فهم لم يفعلوا ذلك انطلاقاً من أي سند قانوني وإنما
من الإحساس الداخلي المطلق بالتفوق. فاستيطان الإنسان الأبيض لأمريكا الشمالية،
كما أكد هتلر، لم يكن له أي سند ديموقراطي أو دولي، وإنما كان ينبع من الإيمان
بتفوق الجنس الأبيض. ولذا في مجال تبريره للحرب الشرسة التي شنها على شرق أوربا
قال هتلر: ( إن هناك واجباً واحداً: أن نؤلمن هذه البلاد من خلال هجرة الألمان
الاستيطانية وأن ننظر إلى السكان الأصليين باعتبارهم هنوداً حمراً)
وأكد
هتلر أن الحرب التي تخوضها ألمانيا ضد عناصر المقاومة في شرق أوربا لا تختلف
كثيراً عن كفـاح البيـض في أمريكـا الشـمالية ضــد الهنود الحمر. ومن هنا كان هتلر
يشير إلى أوربا الشرقية باعتبارها أرضاً عذراء وصحراء مهجورة.
وقد
بيَّن ألفريد روزنبرج، أثنـاء محاكمته في نورمبرج، هـذه العلاقة العضـوية بين
العنصـرية النازية والمشـروع الغربي الإمبريالي، فأشار مثلاً إلى أنه تعرَّف لأول
مرة على مصطلح (الإنسان الأعلى) (السوبرمان) في كتاب عن الاستعماري الإنجليزي
كتشنر، وأن مصطلح (الجنس المتفوق) أو (الجنس السيد) مأخوذ من كتابات العالم
الأمريكي الأنثروبولوجي ماديسون جرانت والعالم الفرنسي لابوج، وأن رؤيته العرْقية
هي نتيجة أربعمائة عام من البحوث العلمية الغربية، فالنازية - كما أكد روزنبرج
لمحاكميه - جزء من الحضارة الغربية. (انظر: الموسوعة اليهودية، للمسيري)
[391] كان محرر مجلة النيو يوركر،
وهي من أهم المجلات الأمريكية، ورئيس إحدى الوكالات الأدبية التي أنشأتها الحكومة
الأمريكية إبَّان الحرب بغرض الحرب النفسية.
[392] وهي اختصار عبارة (ديس آرميد
إنيمي فورسيز (ص) ).
[393] الغجر مجموعةٌ متجوِّلةٌ من
الناس عاش أسلافهم أصلاً في الهند، ويعيشون اليوم في كل جزء من العالم تقريباً.
وقد استقر بعضهم، ولكن الكثيرين مازالوا رُحَّلا.. ولايعرف عدد الغجر لأنهم
منتظمون في جماعات صغيرة، ويتجنبون الاتصال بالجهات الرسمية. وتتراوح تقديرات
أعداد الغجر في كلِّ أنحاء العالم بين مليون وستة ملايين. وتعيش أكبر أعداد الغجر
في أوروبا الشرقية. وتوجد مجموعات كثيرة منهم تشمل الكالي في أسبانيا، والمانوش في
فرنسا، والسنتْ في ألمانيا. وقبائل رُوم هي الجماعة الأكبر من الغجر، وتعيش في
كلِّ أنحاء العالم تقريباً. (انظر: الموسوعة العربية العالمية)
[394]ارتبطت عبارة (الإبادة
النازية) بكلمة (اليهود) حتى يستقر في الأذهان أن النازيين لم يبيدوا سوى اليهود.
وقد ساعد الإعلام الغربي والصهيوني على ترسيخ هذه الفكرة حتى أصبح دور الضحية
حكراً على اليهود. بل تطور الأمر إلى حد أنه إذا ما أراد باحث أن يبيِّن أن
الإبادة النازية لم تكن مقصورة على اليهود، وإنما هي ظاهرة شاملة ممتدة تشمل الغجر
والسلاف والبولنديين وغيرهم، فإنه يصبح هدفاً لهجوم شرس. (انظر: الموسوعة
اليهودية، للمسيري)
[395]يذكر المسيري أن الكثير من
الباحثين يثير الشكوك حول وجود أفران الغاز أصلاً وقد صدرت عدة دراسات موثقة في
هذا الشأن.
كما
تُثار الشكوك حول استخدام غاز زايكلون بي
. في أفران الغاز. إذ تشير
معظم الدراسات إلى أن استخدام مثل هذا الغاز يتطلب احتياطات فنية عالية، مكلفة
للغاية (يجب أن تكون الغرفة محكمة تماماً ـ لابد من تهويتها لمدة عشر ساعات بعد
استخدامها ـ يجب أن تكون المفاصل مصنوعة من الإسبستوس أو التيفلون). ومثل هذه
الاحتياطات لم تكن متوفرة للألمان تحت ظروف الحرب، وهو ما يعني استحالة استخدامه
على نطاق واسع. وقد ورد كل هذا في تقرير ليوشتر ،
الذي كان يعمل مستشاراً لولاية ميسوري وكان متخصصاً في مثل هذه الأمور (ومما له
دلالته أن كثيراً من حكومات الولايات المتحدة، التي كانت تستخدم هذا الغاز في
عمليات إعدام المجرمين، قررت الاستغناء عنه، بسبب تكلفته العالية).
وثمة
نظرية تذهب إلى أن غُرف الغاز الموجودة إنما كانت غُرف غاز لتعقيم الخارجين
والداخلين إلى المعسكر. أما المقابر الجماعية فهي مقابر الآلاف الذين لقوا حتفهم
بعد انتشار الأوبئة كالملاريا والتيفود، وهو أمر مُتوقَّع في ظل ظروف الحرب وفقر
الرعاية الصحية. ويرى أنصار هذه النظرية أن الإبادة لم تكن عملية منظمة مقصودة تمت
دفعة واحدة، وإنما تمت نتيجةً لعناصر مختلفة فرضت نفسها بسبب ظروف الحرب مثل سوء
التغذية والأوبئة وغيرها، وأن من أُبيدوا بطريقة منهجية منظمة أعداد صغيرة جداً،
وهي قضية خلافية. (انظر: الموسوعة اليهودية للمسيري)
[396] نقصد بالإرهاب ـ هنا ـ وهو ما
صار يفهم به في الكثير من المجامع: هو العنف المستعمل تحت مظلة دين، أو القصد منه
تبليغ فكرة أو نظام له علاقة بالدين.
[397]شمشون S(ص)mson
اسم عبري، وهو تصغير لكلمة (شمس)، وهو اسم لشخص يُشار إليه أحياناً بأنه آخر
القضاة، فقد كان قاضياً من قبيلة دان مدة عشرين سنة، (لكن من الكتب ما يشير إلى
صموئيل أيضاً باعتباره آخر القضاة)
وتشير
قصته منذ البداية إلى اجتبائه، فأمه كانت عاقراً مثل سارة ثم جاء ملاك الرب (كما
في قصة إبراهيم أيضاً)، فعرف أبواه قبل ولادته أنه سيصبح من المنذورين أي شخصاً
يُكرس حياته للعبادة وينذرها للرب، فيمتنع عن شرب الخمر أو حلق رأسه أو لمس جلد
ميت. وقد اشتهر شمشون بقوته الجسدية الخارقة.
وقد
ذكرنا قصته بالتفصيل وما تحويه من الدلالات في رسالة (الكلمات المقدسة) من هذه
السلسلة.
[401] الهرطقة مصطلح كنسي يشير إلى
رأي، أو فكرة مبتدعة، تتعارض مع معتقدات الكنيسة، أو النظام المرتبط بها. وقد كانت
الكنيسة في وقت من الأوقات تعاقب المهرطقين بالنفي والتعذيب أو حتى بالموت.. وتقوم
الكنائس الآن أحيانًا بطرد المهرطقين. (الموسوعة العربية العالمية)
[402]ومبرر هذه المحاكم هو أن
تعاليم الكنيسة كانت تعد أساسًا للقانون والنظام ابتداءً من عهد حكم الإمبراطور
الروماني قسطنطين، من عام 306م إلى عام 337م.. ولذلك كان الخروج على تعاليم
الكنيسة جريمة ضد الدولة، وحاول الحكام المدنيون لمئات من السنين استئصال الهرطقة.
وخلال
القرنين الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين ثارت جماعات معينة من الرومان
الكاثوليك ضد كنيستهم. وبعد أن رفض بعض الحكام المدنيين أو عجزوا عن معاقبة
المهرطقين، تولت الكنيسة هذه المهمة.
في عام
1231م، أنشأ البابا جريجوري التاسع محكمة خاصة للتحقيق مع المتهمين، وإجبار
المارقين على تغيير معتقداتهم. وفي عام 1542م، تولت لجنة الكرادلة التابعة للمكتب
البابوي عملية التحقيق. وعمل رهبان من الدومينيكان والفرنسيسكان قضاة في تلك
الهيئات.
وقد
كثرت محاكم التفتيش في فرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، وأسبانيا. ونظرًا لأن المحققين
كانوا يقومون بأعمالهم سرًا فكثيرًا ما أساءوا استخدام سلطاتهم وعُذّب بعض
المتهمين، وحُكم على المارقين الذين رفضوا تغيير معتقداتهم بالموت حرقًا. وفي
القرن السادس عشر الميلادي حوّل قادة الكاثوليك نشاط محاكم التفتيش لأنصار المذهب
البروتستانتي.
يدين
أتباع الكاثوليكية حاليًا محاكم التفتيش لأنها انتهكت قواعد العدالة الحديثة. ولكن
لم ينتقد إلا عدد قليل من الناس أساليب محاكم التفتيش أثناء فترة القرون الوسطى.
(انظر: الموسوعة العربية العالمية)
وقد
ذكر الأستاذ الإمام محمد عبده في كتاب (الإسلام والنصرانية ): أن الكنيسة
الأسبانية غضبت لانتشار فلسفة ابن رشد وأفكاره، وخصوصًا بين اليهود، فصبت جام
غضبها على اليهود والمسلمين معًا، فحكمت بطرد كل يهودي لا يقبل المعمودية، وأباحت
له أن يبيع من العقار والمنقول ما يشاء بشرط ألا يأخذ معه ذهبًا ولا فضة، وإنما
يأخذ الأثمان عروضًا وحوالات. وهكذا خرج اليهود من أسبانيا تاركين أملاكهم لينجوا
بأرواحهم، وربما اغتالهم الجوع ومشقة السفر، مع العدم والفقر.
وحكمت
الكنيسة كذلك سنة 1052م على المسلمين (أعداء الله !) بطردهم من إشبيلية وما حولها
إذا لم يقبلوا المعمودية، بشرط ألا يذهبوا في طريق يؤدي إلى بلاد إسلامية ومن خالف
ذلك فجزاؤه القتل. (الإسلام والنصرانية مع العلم والمدنية ص36 - 37 -الطبعة
الثامنة).
ولم
يكن اضطهادها موجهًا إلى الوثنيين والمخالفين في الدين فحسب بل موجهًا إلى
المسيحيين الذين لهم رأي أو مذهب يخالف مذهب الحكام، أو مذهب الكنيسة المعتمدة
لديهم.
والذين
قرأوا تاريخ المسيحية يعرفون ماذا جرى للعالم المصري (آريوس) وأتباعه الذين عارضوا
القول بألوهية المسيح، في مجمع نيقية المشهور (325م) وكيف قرر هذا المجمع ـ بعد أن
طرد من أعضائه كل المعارضين ـ وهم الأكثرية ـ إدانة (آريوس) وإحراق كتاباته،
وتحريم اقتنائها، وعزل أنصاره من كل الوظائف، ونفيهم، والحكم بالإعدام على كل من
أخفى شيئًا من كتابات (آريوس) ومن أيَّد مذهبه.
وباستمرار
الاضطهاد للداعين إلى التوحيد اختفوا تمامًا من المجتمعات المسيحية، ولم يبق
لدعوتهم أثر.
ولما
ظهر مذهب البروتستانت في أوروبا ـ على يد (لوثر) وغيره ـ قاومت الكنيسة
الكاثوليكية أتباع هذا المذهب بكل ما أوتيت من قوة، وعرف تاريخ الاضطهاد مذابح
بشرية رهيبة، من أهمها مذبحة باريس (في 24 أغسطس عام 1572م) التي دعا فيها
الكاثوليك البروتستانت ضيوفًا عليهم في باريس للبحث في تسوية تقرب بين وجهات
النظر، فما كان من المضيفين إلا أن سطوا على ضيوفهم تحت جنح الليل، فقتلوهم خيانة
وهم نيام ! فلما طلع الصباح على باريس كانت شوارعها تجري بدماء هؤلاء الضحايا !
وانهالت التهاني على (تشارلس التاسع) بغير حساب من البابا، ومن ملوك الكاثوليك
وعظمائهم.
والعجيب
أن البروتستانت لما قويت شوكتهم، قاموا بدور القسوة نفسه مع الكاثوليك، ولم يكونوا
أقل وحشية منهم. (انظر (المسيحية) للدكتور أحمد شلبي ص51 - 52).
لقد
قال (لوثر) لأتباعه: (من استطاع منكم فليقتل، فليخنق، فليذبح، سرًا أو علانية،
اقتلوا واخنقوا، واذبحوا، ما طاب لكم، هؤلاء الفلاحين الثائرين) (الأيديولوجية
الانقلابية ص710).
ويذكر
(فيدهام) أن هذه الحروب كانت مليئة بالفظائع: لأن رجال اللاهوت (الطيبين) كانوا
مستعدين دائمًا أن يضعوا الزيت على النار، وأن يحيوا وحشية الجنود عندما يساورهم
أي تردد أو ضعف، فقد يكون الجنود قساة، ولكنهم كانوا يميلون في بعض الأحيان إلى
الرحمة، أما رجال اللاهوت فاعتبروا الاعتدال والرحمة نوعًا من الخيانة!
(الأيديولوجية الانقلابية ص716)
[403]مما جاء فى المعاهدة:(.. تأمين
الصغير والكبير فى النفس والأهل والمال إبقاء الناس فى أماكنهم ودورهم ورباعهم
وإقامة شريعتهم على ما كانت، ولا يحكم على أحد منهم إلا بشريعتهم، وأن تبقى المساجد
كما كانت والأوقاف كما كانت، وألا يدخل نصرانى دار المسلم، ولا يغصبوا أحدا وألا
يؤخذ أحد بذنب غيره، وألا يكزه من أسلم على الرجوع للنصارى ودينهم، ولا ينظر
نصرانى على دور المسلمين، ولا يدخل مسجدا من مساجدهم، ويسير فى بلاد النصارى أمنا
فى نفسه وماله، ولا يمنع مؤذن ولا مصلى ولا صائم ولا غيره فى أمور دينه)، ومع قسم
فرديناند وإيزابيلا على كل هذا إلا أن الأيمان والعهود لم تكن عند ملكى النصارى
سوى ستار للغدر والخيانة، وقد نقضت كل هذه الشروط ولم يتردد المؤرخ
الغربى(بروسكوت) أن يصفها بأنها أفضل مادة لتقدير الغدر الإسبانى، فنقض الإسبان
هذه المعاهدة بندا بندا، فمنعو المسلمين من النطق بالعربية فى الأندلس، وفرضوا
إجلاء المسلمسن الموجودين فيها وحرق ما بقى منهم، وزاد الكردينال (أكزيمينيس) على
ذلك، فأمر بجمع كل ما يستطيع من كتب المسلمين وفيها من العلوم ما لا يقدر بثمن بل
هى خلاصة ما تبقى من الفكر الإنسانى وأحرقها، يقول غوستاف لوبون متحسرا على فعلة
أكزيمينيس:( ظن رئيس الأساقفة أكزيمينيس أنه بحرقه مؤخرا ما قدر على جمعه من كتب
أعدائه العرب (أى ثمانين ألف كتاب) محا ذكراهم من الأندلس إلى الأبد فما درى أن ما
تركه العرب من الأثار التى تملأ بلاد اسيانية يكفى لتخليد اسمهم إلى الأبد)
[404]ولد (برتولومي دي لاس كازاس)
عام 1474 م في قشتالة الأسبانية، من أسرة اشتهرت بالتجارة البحرية. وكان والده قد
رافق كولومبوس في رحلته الثانية إلى العالم الجديد عام 1493
م أي في السنة التالية لسقوط غرناطة وسقوط الأقنعة عن وجوه الملوك الأسبان
والكنيسة الغربية. ثم عاد أبوه مع كولومبوس بصحبة عبد هندي فتعرف برتولومي على هذا
العبد القادم من بلاد الهند الجديدة. بذلك بدأت قصته مع بلاد الهند وأهلها وهو ما
يزال صبيا في قشتاله يشاهد ما يرتكبه الأسبان من فضائع بالمسلمين وما يريقونه من
دمهم وإنسانيتهم في العالم الجديد. لقد جرى كل الدمين بالخبر اليقين أمام عيني هذا
الراهب الثائر على أخلاق أمته ورجال كنيستها، وبعثات تبشيرها : دم المسلمين ودم
الهنود، سكان القارة الأمريكية.
[405] هذا الكتاب من تأليف المطران
برتولومي دي لاس كازاس. ترجمة سميرة عزمي الزين. من منشورات المعهد الدولي
للدراسات الإنسانية.
ومما
يدل على أهمية الكتاب ما قاله المؤرخ الفرنسي الشهير (مارسيل باتييون) عن مؤلف
الكتاب (برتولومي دي لاس كازاس): إنه أهم شخصية في تاريخ القارة الأمريكية بعد
مكتشفها (كر يستوف كولومبوس) وأنه ربما كان الشخصية التاريخية التي تستأهل
الاهتمام في عصر اجتياح المسيحيين الأسبان لهذه البلاد.. ولولا هذا المطران الكاهن
الثائر على مسيحية عصره وما ارتكبه من فظائع ومذابح في القارة الأمريكية لضاع جزء
كبير من تاريخ البشرية.. فإذا كان كولومبوس قد اكتشف لنا القارة، فان برتولومي هو
الشاهد الوحيد الباقي على أنه كانت في هذه القارة عشرات الملايين من البشر الذين
أفناهم الغزاة بوحشية لا يستطيع أن يقف أمامها لا مستنكرا لها، شاكا في إنسانية
البشر الذين ارتكبوها)
[406]استفدنا الكثير من المعلومات
الواردة في هذا المطلب من كتاب (العولمة) للدكتور: صالح الرقب- الجامعة الإسلامية،
الطبعة الأولى:1423هـ-2003، بالإضافة إلى مصادر الأخرى..
[407]العولمة: الكلمة بهذه الصيغة
الصرفية لم ترد في كلام العرب، وهي تدل على تحويل الشيء إلى وضعية أخرى، ومعناها:
وضع الشيء على مستوى العالم، وقد قرر مجمع اللغة العربية بالقاهرة إجازة استعمال
العولمة بمعنى جعل الشيء عالمياً.
وهي في
أصلها ترجمة لكلمة(ص)(ص) الفرنسية، بمعنى جعل الشيء على مستوى
عالمي، والكلمة الفرنسية المذكورة إنّما هي ترجمة) (ص)(ص)
الإنجليزية التي ظهرت أولاً في الولايات المتحدة الأمريكية، بمعنى تعميم الشيء
وتوسيع دائرته ليشمل الكل. فهي إذا مصطلح يعني جعل العالم عالمًا واحدًا، موجهًا
توجيهًا واحدًا في إطار حضارة واحدة، ولذلك قد تسمى الكونية أو الكوكبة.
ومن
خلال المعنى اللغوي نعرف أن العولمة إذا صدرت من بلد أو جماعة فإنها تعني: تعميم
نمط من الأنماط التي تخص ذلك البلد أو تلك الجماعة، وجعله يشمل الجميع أي العالم
كله.
وقد
جاء في المعجم العالم الجديد ويبستر أنّ العولمة (ص)(ص) هي:
إكسابُ الشيء طابعَ العالمية،وبخاصة جعل نطاق الشيء، أو تطبيقه عالمياً.
وقد
أطلق على العولمة بعض الكتاب والمفكرين النظام العالمي الجديد - وهذا المصطلح استخدمه الرئيس الأمريكي جورج بوش- الأب- في خطاب
وجهه للأمة الأمريكية بمناسبة إرساله القوات الأمريكية إلى الخليج (بعد أسبوع واحد
من نشوب الأزمة في أغسطس 1990م) وفي معرض حديثه عن هذا القرار، تحدّث عن فكرة :عصر
جديد، وحقبة للحرية، وزمن للسلام لكل الشعوب. وبعد ذلك بأقل من شهر أشار إلى إقامة
(نظام عالمي جديد) يكون متحرراً من الإرهاب، وأكثر أمنا في طلب السلام، عصر تستطيع
فيه كل أمم العالم أن تنعم بالرخاء وتعيش في تناغم.
وربّما
يوحي هذا الإطلاق- النظام العالمي الجديد- بأن اللفظة ذات مضامين سياسية بحتة،
ولكن في الحقيقة تشمل مضامين سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية وتربوية، بمعنى
آخر تشمل مضامين تتعلق بكل جوانب الحياة الإنسانية.
ومن
أحسان تعاريف العولمة هو أنها (منظومة من المبادئ السياسية والاقتصادية، ومن
المفاهيم الاجتماعية والثقافية، ومن الأنظمة الإعلامية والمعلوماتية، ومن أنماط
السلوك ومناهج الحياة، يُراد بها إكراه العالم كلِّه على الاندماج فيها، وتبنّيها،
والعمل بها، والعيش في إطارها)
[408] يذكر الباحثون أن هناك أربعة
عناصر أساسية أدت إلى بروز العولمة.. أولها تحرير التجارة الدولية.. حيث حصل في
هذا العصر.. وفي هذه الفترة بالذات تكامل الاقتصاديات المتقدمة والنامية في سوق
عالمية واحدة، مفتوحة لكافة القوى الاقتصادية في العالم وخاضعة لمبدأ التنافس
الحر.
وثانيها
تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة.. حيث حدثت تطورات هامة خلال السنوات الأخيرة
تمثلت في ظهور أدوات ومنتجات مالية مستحدثة ومتعددة، إضافة إلى أنظمة الحاسب الآلي
ووسائل الاتصال والتي كفلت سرعة انتشار هذه المنتجات،وتحوّلت أنشطة البنوك
التقليدية إلى بنوك شاملة، تعتمد إلى حد كبير على إيراداتها من العمولات المكتسبة
من الصفقات الاستثمارية من خارج موازنتها.
وثالثها
الثورة المعرفية، وتتمثًل في التقدم العلمي والتكنولوجي،وهو ميزة بارزة للعصر
الراهن،وهذا التقدم العلمي جعل العالم أكثر اندماجاً، كما سهّل حركة الأموال
والسلع والخدمات،وإلى حد ما حركة الأفراد، ومن ثمّ برزت ظاهرة العولمة، والجدير
بالذكر أنّ صناعة تقنية المعلومات تترّكز في عدد محدود، ومن الدول المتقدمة أو
الصناعية دون غيرها.
ورابعها
تعاظم دور الشركات متعددة الجنسيات: هذا العصر بأنّه عصر العولمة فمن الأصح وصفه
بأنه عصر الشركات متعددة الجنسيات باعتبارها العامل الأهم لهذه العولمة.ويرجع
تأثير هذه الشركات كقوة كبرى مؤثرة وراء التحولات في النشاط الاقتصادي العالمي.
.
[409] مرتضى مطهّري (1920 - 1979) عالم
وفيلسوف إسلامي، العضو المؤسس في شورى الثورة الإسلامية في إيران إبان الأيام الأخيرة
من سقوط نظام الشاه، ومن المنظرین جمهوریة الإسلامیة الإیرانیة.. صاحب المؤلفات التأصيلية
والعقائدية والفلسفية الإسلامية، وأحد أبرز تلامذة المفسر والفيلسوف الإسلامي محمد
حسين الطباطبائي وروح الله الخمینی.
[415] استفدنا هنا من مقال مهم
بعنوان: العولمة والعالمية في ضوء سنن الله الكونية، إبراهيم شوقار، مجلة التجديد
/ الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا، السنة السابعة / جمادى الآخرة 1424هـ
العدد الرابع عشر.
[416]هو صامويل فلبس هنتنجتون (S(ص)muel Phillips Huntington) (ولد 18 أبريل 1927) أستاذ علوم سياسية اشتهر بتحليله للعلاقة
بين العسكر والحكومة المدنية، وبحوثه في انقلابات الدول، ثم أطروحته بأن اللاعبين
السياسيين المركزيين في القرن الحادي والعشرين سيكونوا الحضارات وليس الدول
القومية. مؤخراً استحوذ على الانتباه لتحليله للمخاطر على الولايات المتحدة التي
تشكلها الهجرة المعاصرة. وهو أستاذ بجامعة هارفارد. برز اسم هنتنجتون أول مرة في
الستينات بنشره بحث بعنوان (النظام السياسي في مجتمعات متغيرة)، وهو العمل الذي
تحدى النظرة التقليدية لمنظري التحديث والتي كانت تقول بأن التقدم الإقتصادي و
الإجتماعي سيؤدوا إلى قيام ديمقراطيات مستقرة في المستعمرات حديثة الإستقلال.
في
1993، هنتنجتون أشعل نقاشاً مستعراً حول العالم في العلاقات الدولية بنشره في مجلة
فورين أفيرز (العلاقات الخارجية) مقالاً شديد الأهمية والتأثير بعنوان (صراع
الحضارات) وهذه المقالة تناقضت مع نظرية سياسية أخرى متعلقة بديناميكية السياسة
الجغرافية بعد الحرب الباردة لصاحبها فرانسيس فوكوياما في كتابة (نهاية التاريخ)
لاحقاً قام هنتنگتون بتوسيع مقالته إلى كتاب، صدر في 1996، بعنوان (صراع الحضارات
وإعادة صياغة النظام العالمي) المقالة والكتاب عرضا وجهة نظره أن صراعات ما بعد
الحرب الباردة ستحدث أكثر وأعنف مايكون على أسس ثقافية (غالباً حضارية، مثل
الحضارات الغربية، الإسلامية، الصينية، الهندوكية..) بدلاً من الأسس العقائدية كما
كان الحال خلال الحرب الباردة ومعظم القرن العشرين. هذا التصنيف الثقافي سيصف
العالم بطريقة أفضل من النظرة التقليدية للدول المختلفة ذات السيادة.
وخلص
إلى القول بأنه لكي نفهم النزاع في عصرنا وفي المستقبل، الخلافات الثقافية يجب أن
تُفهم، والثقافة (بدلاً من الدولة) يجب أن يتم القبول بها كطرف وموقع للحروب..
لذلك فقد حذر أن الأمم الغربية قد تفقد زعامتها إذا فشلت في فهم الضبيعة غير
القابلة للتوفيق للإحتقانات المتنامية حالياً (انظر: الموسوعة الحرة)
[421] رواه أبو داود والنسائي وابن
أبي حاتم وابن حيان في صحيحه، وهكذا ذكر مجاهد وسعيد بن جبير والشعبي والحسن
البصري وغيرهم أنها نزلت في ذلك، انظر: ابن كثير:1/310.
[422] غير المسلمين في المجتمع
الإسلامي، يوسف القرضاوي، بتصرف.
[423] تعتبر غابة الأمازون المطيرة
أكبر غابة استوائية مطيرة في العالم، تغطي نحو 5,2 مليون كم² من
حوض نهر الأمازون في أمريكا الجنوبية. يقع ثلثا الغابة المطيرة تقريبًا في
البرازيل. كما تحتل الغابة المطيرة أيضًا أجزاء من بوليفيا، وبيرو، وإكوادور،
وكولومبيا، وفنزويلا، وغايانا، وسورينام وغيانا الفرنسية. يتراوح معدل المطر
سنويًا بين 130 و445سم، ويبلغ معدل الحرارة حوالي 27°م..
[424] يعتبر نهر الأمازون ثاني أطول
أنهار العالم بعد نهر النيل، وأهم نهر في أمريكا الجنوبية. يبلغ طول نهر الأمازون
6,437كم ويحتوي على كمية من الماء أكثر من أي نهر آخر ـ أكثر من أنهار المسيسيبي
والنيل ويانجتسي مجتمعة.
[425] تضم غابة الأمازون المطيرة
تشكيلة واسعة من النباتات والحيوانات أكثر من أي مكان في العالم، حيث تعيش فيها
عشرات الآلاف من أنواع النباتات المختلفة هناك. يحتوي الهكتار الواحد من أرض
الغابة المطيرة على 280 نوعًا أو أكثر من الأشجار المختلفة. ويوجد العديد من
النباتات الاقتصادية المهمة في الغابة المطيرة. وهي تنتج الجوز البرازيلي
والكاكاو، والكورار (عقّار مهم) والأناناس والمطاط. يستوطن أكثر من 1,500 نوع من
الطيور الغابة المطيرة. كما تحتوي أنهار المنطقة على حوالي 3,000 نوع معروف من
الأسماك، وبالإضافة إلى ذلك، يعتقد العلماء أن في الغابة ما يقرب من 30 مليونًا من
الحشرات المختلفة..
[426] ترتفع بعض الأشجار في
الأمازون، وتُدعى الشواهق فوق بقية أشجار الغابة ويصل ارتفاعها إلى 50 مترًا، كما
يرتفع الغطاء العلوي للأشجار إلى ارتفاع يتراوح بين 20 و50 مترًا.
[427]هذه الإحصاءات ذكرت في المؤتمر
العالمي الثاني للأمم المتحدة حول البيئة والتنمية عام 1992م، والذي عقد في ريودي
جانيرو في البرازيل، وقد اجتمع فيه ثلاثون ألف مشارك بما فيهم مئة زعيم.
[428]من كتاب جينيس للأرقام
القياسية / طبعة 2000 م.
[429] اقتبسنا بعض الحوار الوارد
هنا من رسالة ( رقية الجسد) من سلسلة (ابتسامة الأنين)
[430] تضاعف سكان العالم ثلاث مرات
خلال السبعين سنة الماضية بينما تزايد استهلاك المياه ست مرات نتيجة النمو الصناعي
وزيادة استخدام المياه في الري وارتفاع المستوى المعاشي.
[431] أي غير القادرة على تصنيع
غذاءها من خاماته الأولية كما يفعل النبات.
[433] والفائدة الصحية لهذا أن
الماء الراكد يعتبر جوا ملائما لنمو الكثير من البكتريا كالكوليرا والسالمونيلا
والشيجلا والليبتوسبايرا وغيرها.
زيادة
على أن كثيرا من الديدان كالزحار الأميبي والديدان المستديرة والبلهارسيا تحتاج
لإكمال دورة حياتها خارج جسم الإنسان، ويساعد التبول والتبرز على نمو هذه الديدان
وسرعة تكاثرها وانتشارها.
[439] أي بسكينة ووقار من غير تجبر
ولا استكبار، كما قال رسول اللّه (ص):إذا أتيتم الصلاة فلا
تأتوها وأنتم تسعون وأتوها وعليكم السكينة فما أدركتم منها فصلوا وما فاتكم فأتموا
»
[440] وهو أن يمشي مقتصدأً مشياً
ليس بالبطيء المتثبط، ولا بالسريع المفرط بل عدلاً وسطاً بين بين.
[442] ومن المراجع التي يمكن
الاستفادة منها في هذا: د. محمد خالد سلطان: (الطب والشريعة) رسالة جامعية دمشق
1985، د. أحمد شوقي الفنجري: (الطب الوقائي في الإسلام) الهيئة المصرية العامة
للكتاب، د. محمد المصري وآخرون: مقالة (مخاطر التعرض للضجيج والأصوات العالية)
المجلة الطبية العربية دمشق ع 137 كانون 1، 1997، الصيدلي عمر محمود عبد الله:
(الطب الوقائي في الإسلام) الدوحة 1990. وبحث للدكتور محمد نزار الدقر.
[443] اربعوا بهمزة الوصل في أوله
وسكون الراء وفتح الباء ومعناه: ترك الشيء والمعنى هنا: ارفقوا بها.
[455] أي: اتركوها ورفهوا عنها إذا
لم تحتاجوا إلى ركوبها. وهو (افتعل) من وَدُع –بالضم- وَدَاعة
وَدَعة؛ أي: سكن وترفه، النهاية: 5/166.
[456] رواه ابن خزيمة، والحاكم،
وابن حبان، في «صحاحهم» وغيرهم.
[457] رواه ابن خزيمة، وابن حبان
وغيرهما، وهذا كله عند انتفاء الحاجة، أما عندها وللضرورة، فلا حرج، وقد ورد في
حديث جابر في صفة النبي (ص):( ثم ركب (ص) ناقته
القصواء حتى أتى الموقف بعرفة، فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات، وجعل حَبْلَ
المشاة بين يديه، واستقبل البيت، فلم يزل يدعو حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة
قليلًا، ثم دفع رسول الله ص، وأردف أسامة خلفه)(رواه البخاري ومسلم)
[460] رواه الطبراني، وقد حمل
الفقهاء هذه النصوص على ما إذا كانت الدابة غير مطيقة للثلاثة، فإن أطاقتهم جاز.
قال ابن حجر في فتح الباري (12/520):( يحمل ما ورد في الزجر من ذلك على ما إذا
كانت الدابة غير مطيقة كالحمار مثلا، وعكسه على عكسه كالناقة والبغلة)
وقال
النووي في شرح مسلم (9/135):( مذهبنا ومذهب العلماء كافة جواز ركوب ثلاثة على دابة
إذا كانت مطيقة)
وحكى
القاضي عياض منعه عن بعضهم مطلقا ً، وقال ابن حجر:(لم يصرح أحد بالجواز مع العجز)
[471] اقتبسنا هذا النص من رسالة
(أكوان الله) من سلسلة (عيون الحقائق)
[472] روي في التفسير أنهم كانوا
يتخذون تلك البيوت المنحوتة في الجبال أشرًا وبطرًا وعبثًا، من غير حاجة إلى
سكناها، وكانوا حاذقين متقنين لنحتها ونقشها.
[473] اختصرنا الكلام في هذا الفصل،
لأن هناك رسالة مطولة خاصة بهذا الموضوع هي رسالة (الباحثون عن الله) من هذه
السلسلة.
[474] استفدنا الكثير من المعلومات
التاريخية المرتبطة بهذا من كتاب (الله) لعباس محمود العقاد.
[475] هذا ما عبر به العقاد..
ويعبر به علماء مقارنة الأديان عادة عند بحثهم في تاريخ الأديان.. ونحن نرى أن
الأمر ليس خاضعا للتطور المتوهم.. وإنما هو خاضع لتأثير رسل الله والدعاة إليه،
كما قال تعالى :﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَإِنْ
مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ (فاطر:24)
[476] عبد الوهاب المسيري
(1938-2008) مؤلف موسوعة اليهود و اليهودية والصهيونية، وهي أحد أهم الأعمال
الموسوعية العربية في القرن العشرين.. استطاع من خلالها إعطاء نظرة جديدة موسوعية
موضوعية علمية للظاهرة اليهودية بشكل خاص، و تجربة الحداثة الغربية بشكل عام،
مستخدماً ما طوره أثناء حياته الأكاديمية من تطوير مفهوم النماذج التفسيرية.
ولد في
مدينة دمنهور في مصر في أكتوبر عام 1938.. تخرج من كلية الآداب عام 1959، وحصل على
الماجستير في الأدب الإنجليزي المقارن من جامعة كولومبيا بمدينة نيويورك بالولايات
المتحدة الأمريكية عام 1964، وعلى الدكتوراه من جامعة رتجرز بنيوجيرزي عام 1969..
صدرت له عشرات الدراسات والمقالات عن إسرائيل والحركة الصهيونية، ويعتبر واحداً من
أبرز المؤرخين العالميين المتخصصين في الحركة الصهيوينة.
[477] انظر مادة (إله) من موسوعة
اليهودية، للمسيري.
[478] حسبما ينص الكتاب المقدس..
أما القرآن الكريم فهو يبرئ هارون ، وينسب العبادة
للسامري.