وأخذ النبي (ص) من العطش أشد ما أخذه، فعرض
عليه الماء والخمر واللبن ـ وفي رواية العسل بدل الماء ـ فشرب من العسل قليلا،
وتناول اللبن فشرب منه حتى روي، فضرب جبريل منكبيه وقال: (أصبت الفطرة ولو شربت
الخمر لغوت أمتك ولم يتبعك منهم إلا القليل، ولو شربت الماء لغرقت أمتك)
ثم أتي بالمعراج الذي تعرج عليه أرواح
بني آدم، فلم ير الخلق أحسن من المعراج، فصعد هو وجبريل حتى انتهيا إلى باب من
أبواب السماء الدنيا يقال له باب الحفظة وعليه ملك يقال له إسماعيل، وهو صاحب
السماء الدنيا، وبين يديه سبعون ألف ملك مع كل ملك جنده مائة ألف.
فاستفتح جبريل باب السماء: قيل: من هذا؟
قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: أو قد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبا
به وأهلا، حياه الله من أخ ومن خليفة، فنعم الأخ ونعم الخليفة، ونعم المجئ جاء
ففتح لهما.
فلما خلصا إلى السماء، فإذا فيها آدم
كهيئته يوم خلقه ا لله على صورته، تعرض عليه أرواح ذريته الكفار، فيقول: روح خبيثة
ونفس خبيثة، اجعلوها في سجين وعن يمينه أسودة وباب تخرج منه ريح طيبة وعن شماله
أسودة وباب تخرج منه ريح خبيثة، فإذا نظر عن يمينه ضحك واستبشر، وإذا نظر عن شماله
حزن وبكى.
فسلم عليه النبي a، فرد عليه السلام،
ثم قال: مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح فقال النبي a: يا جبريل من هذا؟ قال: هذا
أبوك آدم، وهذه الأسودة نسم بنيه، فأهل اليمين منهم أهل الجنة، وأهل الشمال منهم
أهل النار، فإذا نظر عن يمينه ضحك، وإذا نظر عن شماله بكى، وهذا الباب الذي عن يمينه
باب الجنة، إذا نظر من يدخله من ذريته ضحك