نظر عبد القادر إلى الجمع الملتف حوله، وقال: أول طاقة حبا الله بها
أنبياءه، بما فيهم المسيح ومحمد ـ عليهما الصلاة والسلام ـ طاقة تلقي الوحي..
إن هذه الطاقة طاقة عظيمة لا يمكن تصورها.. إنها اتصال الإنسان
الضعيف القاصر بالعالم الآخر..
ولهذا عبر القرآن الكريم عن ثقل الوحي، فقال تعالى:﴿ إِنَّا
سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلا﴾ (المزمل:5)
وقد ذكر القرآن الكريم أن كلام الله لعبادة لا يتم إلا من خلال ثلاثة
أمور، فقال تعالى:﴿ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً
أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا
يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ﴾ (الشورى:51)
ومعنى الوحي أن يلقي الله المعنى في القلب، أي أن الله تعالى يقذف فى
روع النبى (ص) شيئا
لايمارى فيه أنه من الله تعالى،كما قال (ص): إن روح القدس نفث فى روعى أن نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها وأجلها،
فاتقوا الله واجملوا فى الطلب([781]).
والثاني تكليمه من وراء حجاب، كما كلم الله موسى ، فقد سمع النداء من وراء
الشجرة، قال تعالى:﴿ فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ
فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا
اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ (القصص:30)
والثالث نزول أمين الوحى جبريل ، كما روي في الحديث أن الحارث
بن هشام سأل رسول الله (ص)، فقال: يارسول الله: كيف يأتيك الوحى؟ فقال: أحيانا يأتينى مثل
صلصلة الجرس، وهو أشده على، فيفصم عنى ـ أى يقلع ـ وقد وعيت عنه ماقال ـ أى حفظت ـ
وأحيانا يتمثل لى الملك رجلا فيكلمنى فاعى مايقول([782]).